رماد إنجلز المتقد!
في 5 آب حلت ذكرى وفاة فريدريك إنجلز، الذي توفي في لندن عام 1895، واضع أسس الشيوعية العلمية مع كارل ماركس.
ولد فريدريك إنجلز في 28 تشرين الثاني عام 1820 في مدينة بارمن، في بروسيا، درس الابتدائية فيها، ثم تابع دراسته الثانوية في مدينة ايلبرفيلد، وسرعان ما ترك دراسته للمساعدة في إدارة شؤون والده التجارية في بارمن. ولكنه لم ينقطع عن تثقيف نفسه علمياً وسياسياً. جاء عام 1841 بمنعطف جديد في حياة إنجلز، إذ تعرف على الآراء والأفكار الهيغلية في برلين، التي اضطر لتأدية الخدمة العسكرية فيها، وكان إنجلز يقصد الجامعة في برلين ويستمع إلى المحاضرات التي تتحدث عن أسس اتجاه هيغل الفلسفي الذي كان مسيطراً على الفلسفة الألمانية حينها. وأصبح إنجلز من أتباع هيغل.
ثم في مدينة مانشستر، التي كانت تعد من مراكز الصناعة الإنجليزية، تعرف إنجلز على الطبقة العاملة، وذلك من خلال العمل في مؤسسة تجارية كان أبوه يملك أسهماً فيها. وكان يتجول في أحياء العمال البائسة ويلمس عن قرب سوء أوضاعهم، ومعيشتهم وحياتهم. وكان ذلك سبباً في صدور كتابه « أحوال الطبقة العاملة في إنجلترا» عام 1845، بعد أن جمع الوثائق والمعلومات اللازمة وعاد إلى ألمانية، في هذا الكتاب تجاوز إنجلز ما كتب سابقاً عن معاناة الطبقة العاملة وضرورة تقديم العون لها، فقد أثبت أن معاناتها ووضعها المتدهور سيدفعانها إلى الأمام ويحفزانها على تحررها النهائي، ورأى أن الحركة السياسية ستقودها إلى إدراك أنه ليس هنالك من مخرج أمامها سوى الاشتراكية، وأن الاشتراكية لن تصبح قوة إلا عندما تصبح الهدف لنضال الطبقة العاملة السياسي. وكان إنجلز يكتب في بعض الصحافة الإنجليزية، بعد أن أقام علاقات مع أعضاء حركة العمال الإنجليزية في مانشستر.
في عام 1842 جاء إنجلز إلى باريس لقضاء بضعة أيام فيها فأصبح منذ ذلك الحين الصديق الحميم لماركس، وشارك كلاهما في الحياة المحمومة للجماعات الثورية في ذلك الحين. وصاغا معاً أثناء نشاطهما ونضالهما الحاد ضد مختلف نظريات الاشتراكية البرجوازية الصغيرة نظرية وتكتيك الاشتراكية العلمية.
في ربيع عام 1847 انتمى ماركس وإنجلز إلى عصبة الشيوعيين، وبتكليف منها قاما بوضع البيان الشيوعي، المشهور والذي نشر عام 1848.
كانت حياة إنجلز حافلة، وقدم نموذجاً رائعاً قل نظيره في التاريخ عن الصداقة. كانت حياة المنفى الدائمة صعبة على ماركس وعائلته، ولولا المساعدة المالية التي كان أنجلس يقدمها لصديقه، لما استطاع إنجاز مؤلفه الهام والضخم «رأس المال». وقد وضح إنجلز في أكثر من مرة تقسيم العمل بينه وبين ماركس، يقول: «بنتيجة تقسيم العمل بين ماركس وبيني صار من نصيبي تمثيل آرائنا في الصحافة الدورية، ومن ذلك طبعاً خوض النضال ضد الآراء المعادية – بغية توفير الوقت لماركس من أجل العمل في مؤلفه الرئيسي العظيم..»، يقصد كتاب رأس المال.
لم يكن نشاط ماركس وإنجلز في المنفى في ميدان العلم فقط، ففي عام 1864 تأسست في لندن الأممية الأولى «جمعية الشغيلة العالمية»، وأسهم ماركس وإنجلز بنشاطها ذي الأهمية الكبرى في تطور الحركة العمالية.
كان ماركس وإنجلز يتواصلان، ويتبادلان الأفكار والآراء من خلال الرسائل بشكل دائم، وكانا يتابعان معاً صياغة نظرية الاشتراكية العلمية. وكانت فترة زاخرة بالنشاط الفكري لإنجلز، الذي لم ينتهِ بوفاة ماركس عام 1883، إذ أصدر إنجلز عدداً من المؤلفات، بالإضافة إلى توليه نشر مؤلفات صديقه وتدقيق ترجماتها بعد وفاته، وقد أشرف على إصدار كتاب «رأس المال» الذي ترجم إلى جميع لغات العالم. يذكر أنه أوصى بحرق جثمانه بعد موته ورمي رماده في البحر.
أهم أعماله:
رسائل من فوبرتال (عام 1839) ، شيلنغ والرؤيا 1842، مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي 1844 ، أحوال الطبقة العاملة في انجلترا 1845، مبادئ الشيوعية1847، الحرب الفلاحية في ألمانيا، لودفيج فيورباخ ونهاية الفلسفة الألمانية الكلاسيكية، أنتي دهرينج، أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة، الثورة والثورة المضادة في ألمانيا (عام 1851)، جيوش أوروبا (عام 1855)، ديالكتيك الطبيعة (عام 1886)، دور العنف في التاريخ (عام 1888).
وبالإضافة إلى كتب أخرى ألفها بالاشتراك مع كارل ماركس منها: بيان الحزب الشيوعي 1848. العائلة المقدسة 1844-1846. الإيديولوجية الألمانية 1844-1846.