بمناسبة صدور العدد 500 محمد علي طه (أبو فهد) يروي حكاية «قاسيون»
تضرب «قاسيون» في عددها هذا الرقم 500، ولو أمعنا التفكير في كيفية الوصول إلى هذه النقطة فسوف يخطر على البال مسيرة حافلة من المغامرات، قياساً إلى تواضع الإمكانيات، وطبيعة ظروف العمل القاسية.
في هذا الحوار يتحدّث الرفيق الشاعر محمد علي طه عن هذه المسيرة التي عايشها، عن سيرة الجريدة التي بدأت نشرة حزبيّة، ومن ثم تحوّلت إلى جريدة.. هذا الحوار تحيّة لـ «قاسيون» بيت العائلة الذي بنيناه حرفاً حرفاً، صفحة صفحةً..
• كيف بدأت فكرة قاسيون؟ ومن هم صناعها الأوائل؟
البداية كانت استجابة لاستحقاق تطلبه الواقع السياسي والحزبي في أواسط ستينيات القرن الماضي، حين لم تعد صفحات جريدة الحزب المركزية «نضال الشعب» قادرة على تغطية كل أخبار ونشاطات الحزب في مختلف ميادين النضال السياسي والجماهيري والعمالي والمطلبي، وعمل ونشاط منظمات الحزب في كل المحافظات السورية، يضاف إلى ذلك الحاجة لمواكبة ورصد الأحداث وتحليل ما يرافق ذلك من الأخبار السياسية على الأصعدة المحلية والعربية والعالمية كافة، مما دفع القيادة الحزبية المركزية إلى تكليف عدد من اللجان المنطقية بإصدار نشراتها المحلية وبخاصة اللجنة المنطقية في العاصمة دمشق، وهذا ما تم فعلاً فقد بادرت مجموعة من أعضائها وبإشراف الرفيق مراد يوسف «أبو سامي» وهم الرفاق منذر الشمعة وفايز جلاحج وديب الكردي. الذين عقدوا أول اجتماع لهم في منتصف شهر تموز عام 1967 تدارسوا فيه المهمة التي كلفوا بها، وناقشوا سبل العمل ووضعوا برنامج عمل محدد.
• كيف كانت تتم عمليات تحريرها وطباعتها وتوزيعها؟
بحسب برنامج العمل المقرر اختص كل رفيق بجانب محدد من جوانب العمل والتحرير والمساعدة في الطباعة، واحد اختص بالقضايا المطلبية والعمالية، وآخر بالأخبار والنشاطات الحزبية والجماهيرية، وثالث بالقضايا النظرية والثقافية وتخطيط العناوين، بالإضافة إلى مساهمة عدد من الرفاق في المنطقية بالكتابة لتغطية أخبار العاصمة، والكتابة على الآلة الكاتبة وطباعة النشرة وتوزيعها على الرفاق في الفرعيات لإيصالها إلى أكبر عدد ممكن من الأصدقاء، واستمر العمل على هذا الشكل حتى عام 1989، ومع انعقاد المؤتمر المنطقي لمنظمة دمشق صدر العدد /116/ بشكل جديد وحجم أكبر بورقتين كبيرتين وثماني صفحات ومع انعقاد المؤتمر المنطقي عام 1995 صدر العدد /161/ بحلة جديدة ورقة بيضاء كبيرة واحدة على صفحتين ثم أربع صفحات ثم ثماني صفحات حتى العدد /148/.
ويسعدني ويشرفني أنني مساهم متطوع في صحيفة قاسيون منذ العدد /79/ وحتى العدد /500/ دون انقطاع.
• كيف تغيرت بعد انتقالها من نشرة إلى جريدة؟ وأين يكمن هذا التغيير؟
بدأ انطلاق صحيفة قاسيون منذ العدد /149/ أوائل عام 2001 كمعبر عن تيار «قاسيون»: «لا انقسام ولا استسلام»، وبعد إعلان ميثاق الشرف وقيام اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين وضعت الصحيفة نفسها وإمكاناتها بخدمة اللجنة الوطنية وفي المؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السوري المنعقد في 18/12/2003 اتخذ قرار حول «قاسيون» وهذا نصه: يقيم المؤتمر الاستثنائي عالياً الدور الذي لعبته صحيفة «قاسيون» خلال الفترة المنصرمة بعد المؤتمر التاسع، والتي كانت بحق منظماً وداعية ومحرّضاً جماعياً في عمل الشيوعيين السوريين وأخذاً بعين الاعتبار أهمية القرار السابق للجنة المنطقية بدمشق بوضع الصحيفة تحت تصرف اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، يقرر متابعة إصدارها باسم الشيوعيين السوريين الممثلين في المؤتمر الاستثنائي، شاكراً اللجنة المنطقية في دمشق على الجهد الذي بذلته من أجل إنجاح عمل الصحيفة في الفترة السابقة، وكلف القيادة الجديدة بالإشراف عليها، وبهذا يكمن التغير الذي طرأ على «قاسيون» من نشرة حزبية إلى صحيفة ناطقة باسم الشيوعيين السوريين، وهنا لابد أن نذكر وبامتنان وتقدير كبيرين جهود وعطاء العشرات والمئات من الرفاق الذين عملوا مثل الجنود المجهولين من أجل إنجاح هذه الصحيفة، كما نذكر بكل تقدير واحترام العمل الصادق المخلص لرفاق ساهموا بتحرير الصحيفة ورحلوا عنا وهم في عز عطائهم وجهودهم. وهم الرفاق عادل الملا محرر الشؤون العربية، وكمال مراد سكرتير التحرير ومخرج الصحيفة، وسهيل قوطرش محرر الشؤون النقابية والعمالية، وهشام باكير محرر زاوية «من التراث»، والرفيق القديم محمد ديب الكردي أحد محرري الأعداد الأولى لـ«قاسيون».
• من خلال تجربتك في الصحافة الحزبية.. كيف تقيّم هذه الصحافة بالنظر إلى دور ما يسمى بالصحافة المستقلة؟
إن ما قدمته الصحافة الحزبية وبخاصة صحيفة «قاسيون» يتوضح جلياً في صياغة أساس فكري ونظري وسياسي أسهم ويسهم في تعزيز وتصويب نضالات الشيوعيين السوريين كافة، وأبرز ما يميز الصحيفة إلى جانب افتتاحياتها التحقيقات والملفات والتقارير والمقالات المختلفة والزوايا المتنوعة التي تغطي مساحة الأحداث والمواقف كلها. ودورها الرائد في التصدي للسياسات الليبرالية والدفاع عن الاقتصاد الوطني والدفاع عن لقمة الشعب وكرامته، والدفاع عن الطبقة العاملة والفلاحين وحقوقهم المشروعة في حياة أفضل وأجمل وهذا الالتزام لا وجود له في اية صحافة «مستقلة».
• «قاسيون» الآن جريدة ذات سقف عال قياساً إلى الصحافة السورية... فما المطلوب لتطويرها نحو الأفضل؟
لابد من الإشارة إلى أن الكادر الإعلامي الذي يقود العمل الإعلامي كادر منتخب، ومكلف بإنجاز المهمات المنوطة به وفق برنامج محدد، وهذا ما يحمله مسؤوليات أكبر وأدق في كل المجالات، مما يستدعي رفع مستوى التطلب شكلاً ومضموناً وانتشاراً وأداء عاماً. ولتحقيق ذلك لابد من تطوير مستوى أدائنا من جوانبه كافة، فحجم أعبائنا وصعوبة مهمتنا وكلفتها ستزداد، ولملاقاة ذلك بجدارة يجب أن تسهم جميع المنظمات في المحافظات كافة في رفد الصحيفة ودعمها بالمراسلات الدورية المستمرة، وتزويدها بكل ما تحصل عليه من معلومات وملفات متنوعة ودراسات وتحقيقات وأخبار. وهذا ما ننتظره من جميع الرفاق انطلاقاً من روح المسؤولية الشيوعية العالية والإمكانات الجيدة والجدية لديهم.