الإسلام السياسي.. درامياً!!
دخلت دول الخليج منذ بضع سنوات على خط الإنتاج الدرامي الذي كان محصوراً تقريباً في أيدي السوريين والمصريين، ولا شك أن ذلك جاء استكمالاً للدور الذي بدأت تلعبه بعض المؤسسات الثقافية الخليجية في استقطاب المثقفين العرب وشراء من يمكن شراؤه.. ويشهد شهر رمضان هذا العام، كما في السنوات الماضية، تكثيفاً للإنتاج الدرامي الخليجي،
الذي تعهد خلال السنوات الماضية حارات الشام حارة حارة من بابها حتى محرابها، وهذه السنة انتقل إلى طور جديد مع مسلسل «عمر»، المسلسل الذي راجت أحاديث كثيرة عن ضخامة إنتاجه وتمويله وضخامة أجور العاملين فيه. عدا عن الأخطاء ذات الطابع الديني التي بدأت مع الحلقات الأولى، كالاستشهاد بآيات لم تكن قد نزلت بعد، وتجسيد الشخصيات على غير ما جاء وصفها التاريخي، فإن طرح شخصية عمر بن الخطاب في هذه المرحلة بالذات لا يخلو من دلالات سياسية.. فعمر بن الخطاب الرمز هو غيره عمر بن الخطاب الصحابي والخليفة، ونعني بذلك أن عمر كرمز راهن لا كتاريخ ديني، هو رمز كرسته دعاوى الإسلام السياسي خلال نصف القرن الماضي، بل وكان حجتها في الدعوة إلى الخلافة الإسلامية، والمستند في ذلك هو عدل عمر الفاروق، الأمر الذي يغيب تماماً عن الإخوان المسلمين أحد أهم ممثلي الإسلام السياسي، فهم إذ يطرحون برامج بعيدة كل البعد عن العدل الذي طرحه عمر، يستحضرون رمزيته ليغطوا النقص..
ما يثير الجدل في هذه القضية أكثر هو توقيت هذا العرض، ففي الوقت الذي صعد فيه الإسلام السياسي إلى السلطة في عدة بلدان عربية، وأصبح من الواضح أن الناس بدأت تعرف فيهم غير ما قالوه عن أنفسهم، تحديداً لناحية علاقتهم بالغرب «الكافر» وآليات «فسطاطهم» الاقتصادي والاجتماعي، ولذا وجب إبعاد الناس عن الأرض ودفعهم نحو مناقشة جنس الملائكة، وهنا تأتي رسالة مسلسل عمر..