لا تستمعوا إلى المجانين والجُهَّل!!
حديثنا المكرر عن قدرات المؤسسات الإعلامية "الخفية" للتحكم بالرأي العام وتوجيهه بات حديثاً قديماً، إذ ان ما يهم حقاً معرفته اليوم هو كيف يجري كل هذا، وما هي خفايا هذه المؤسسات، وبالطبع هذا بحث طويل وشاق ومحفوف بالمخاطر ولكن هذا لا يمنعا من طرح افتراضات تستحق نقاشاً موسعاً ..
نال مرشح الحزب الليبرالي للانتخابات الرئاسية الأميركية «غاري جونسون» قدراً كبيراً من السخرية لعدم معرفته بمدينة حلب حين وجه له مذيع قناة «MSNBC» سؤالاً حول ما سيفعله لو تم انتخابه من أجل مدينة حلب، لكن «جونسون» بدى مستغرباً وسأل ببساطة شديدة : «ما هي حلب»، كانت هذه الإجابة الساذجة كفيلة بأن تحدث موجة في وسائل التواصل الاجتماعي وتبعها إطلاق «هاشتاغ» #WhatIsAleppo وتناقلت وسائل الإعلام خبراً مفاده أن مرشحاً للانتخابات الرئاسية الأمريكية لا يعرف مدينة حلب، وهذا دون شك يدل على أن «جونسون» غير متطلع على التفاصيل اليومية للأزمة السورية والتي باتت متداولة على نطاق واسع لا في أوساط السياسيين والدبلوماسيين فحسب بل إعلامياً أيضاً.
تبدو القصة مكتملة السيد «جونسون» جعل من نفسه أضحوكة أمام الجميع لأنه لا يعرف «ما هي حلب» لكن الملفت في الموضوع أن للقصة تتمة ولكنها بدت ثانوية لوسائل الإعلام، إذ أنه وما أن علم من مقدم البرنامج «ما هي حلب» تبين أن لديه رأي بالموضوع إذا قال حرفياً: «فيما يتعلق بسورية أعتقد بأنها فوضى، وباعتقادي أن الطريقة الوحيدة للتعامل مع سورية تكون بالتكاتف مع روسيا لنصل دبلوماسياً لحل.... هذه التغييرات في النظام أدت إلى عالمٍ أقل أماناً.. عندما نتدخل عسكرياً وعندما نتدخل في هذه القضايا الإنسانية نصل في نهاية المطاف إلى وضع يكون في الغالب وضعاً سيئاً»
بالطبع حديث «جونسون» لم يتعد كونه حديثاً عاماً بخطوطٍ عريضة جداً ولكن طرحاً كهذا يلخص ما يجب على الأمريكيين فعله بعد كل الشرور التي اقترفوها، وهذا يفيد السوريين أكثر من لو حفظ «جونسون» شوارع حلب كلها.
مجنون آخر مثل «دونالد ترامب» مثلاً يتفوه بالترهات ليل نهار، ويقول أيضاً أنه كان أجدى للولايات المتحدة عدم التدخل في العراق وأن أوباما هو مؤسس داعش وأن العمال منخفضي الأجر ومن تقل أجورهم عن 25 ألف دولار في السنة، لن يدفعوا أية ضريبة دخل على أجورهم.... إلخ ولكن بمجرد أن يقول ترامب شخصياً هذه الأفكار تفقد قيمتها ولا يهتم بها الجمهور.
شبكات الإعلام الأمريكية تفرد حيزاً في بثها المستمر لهذه الأفكار كونها مؤسسات «ديموقراطية» ولكن هذا الطرح يجب أن يقال على ألسنة المجانين وقليلي الاطلاع وهذا كفيل بتقليل تأثير هذه الطروحات على الرأي العام العالمي والأمريكي، فـ «دونلاد ترامب» مجنون و «غاري جونسون» لا يعرف حتى أين تقع حلب فكيف له أن يجد مخرجاً للأزمة السورية..