السلطات السورية تتعاون مع النخب الإجتماعية لحماية الآثار من السرقة

السلطات السورية تتعاون مع النخب الإجتماعية لحماية الآثار من السرقة

يزداد الشعور الرسمي والمجتمعي بالخطر القادم من قيام المجموعات المسلحة بتدمير وسرقة المباني والمتاحف والأماكن الأثرية في أغلب المناطق والمحافظات السورية، وآخرها بصرى وإدلب، وتستدعي المسؤولية الأخلاقية للشعب السوري التعاون والعمل مع الجهات المعنية لحماية ما تبقى من آثار وتراث وطني وإنساني.

وأوضح المدير العام للآثار والمتاحف في سورية  مأمون عبد الكريم، لـ"سبوتنيك"، الأحد، أن المديرية تواصلت مع النخب الثقافية والدينية والاجتماعية في مدينتي إدلب وبصرى، بهدف التعاون لحماية المباني الأثرية من العبث والتدمير.

واستطاعت تلك النخب القيام بأعمال اسعافية في  بصرى،  وقامت بحماية الآثار من  السرقة والتدمير والعبث، ما يعد خطوة مهمة للمجتمع المحلي في دعم  التراث  الوطني والمؤسسات التي تخدم هذا القطاع.

وحذر عبد الكريم من الوضع الكارثي في محافظة إدلب في ظل القلق من عدم قدرة الموظفين من العودة إلى أماكن عملهم، مما دفع المجتمع المحلي للتعاون بتحييد متحف إدلب من العبث، وقام ناشطين في المحافظة بالمساعدة في إنجاح خطة مديرية الآثار، تجنباً لكارثة كام من الممكن أن تقع بحق التراث الإنساني في البلد.

وبين مدير الآثار الإجراءات الاحترازية، التي تضمنت نقل جميع القطع الأثرية إلى أماكن آمنة، مؤكداً أن حوالي 99 % من تلك القطع مخبأة في أماكن آمنة، بينما طالت السرقات والعبث جزء من مقتنيات متحف الرقة وقاعة الأسلحة الحديثة في متحف دير عطية، وذلك خلال استيلاء المسلحين على المتحف لثلاثة أيام.

وقال عبد الكريم، "إن إجراءات الحفاظ على الآثار مستمرة في ظل التطورات التي تشهدها سورية من استهداف ممنهج لتاريخ البلد، والنجاح في حماية الآثار".

وأضاف، "سيكتب لأبناء الشعب السوري بأنهم استطاعوا، بالتعاون مع الجيش السوري، أن يحموا المناطق الأثرية والمتاحف، في الوقت التي حاولت العصابات المسلحة سرقته وتهريبه".

وفيما يتعلق بالمواقع الأثرية، فإن أغلبها تأثر نتيجة الأحداث في المناطق الشرقية والجنوبية وبعض المناطق الشمالية، وذلك في ظل الحدود المفتوحة والفلتان الأمني وغياب المؤسسات الحكومية في بعض المناطق.

كما تم استخدام الآلات الثقيلة لتدمير المواقع، ومنها "ماري" و"دورا اوروبوس" في دير الزور، وحمام التركمان في الرقة، وتل عجاجة في الحسكة، و"أفاميا" في حماة، وتل قرامل الأثري في حلب، ووادي يرموك في درعا، ومواقع أخرى كانت هدفاً  للعصابات المسلحة، وما تم فقدانه بمثابة صفحات احترقت من تاريخ سورية إلى الأبد.

واتهم عبد الكريم  دول الجوار، وعلى رأسها تركيا، بتسهيل وصول العصابات والسرقة وتدمير الأماكن الأثرية في  حلب، حيث تأثر نحو 140 مبنى تاريخي، وأحترق  أكثر من 1000 محل في الأسواق القديمة، وتعرض الآلاف من المنازل التقليدية في الحارات القديمة للضرر، إضافة إلى قيام تنظيم "داعش" بتدمير المقامات الإسلامية والكنائس والتماثيل.

وقامت المديرية بنشاطات أخرى، منها التوثيق من خلال تصوير حوالي 200 ألف قطعة أثرية، إلى جانب  توثيق الأضرار التي لحقت بالتراث عن طريق وضع خريطة رقمية تفاعلية قابلة للتحديث تتضمن الصور والبيانات والمعلومات والإحداثيات على موقع "غوغل ايرث" على الإنترنت.

وضمت الخريطة جميع المباني المنفردة والمواقع، التي تضررت خلال الأزمة، علماً أنها  منشورة على موقع المديرية باللغتين العربية والانكليزية،إضافة إلى أعمال أرشفة  لمئات الآلاف من الوثائق التي تخص المباني الأثرية والتنقيب والمتاحف.     

ولفت مدير الآثار إلى أن هذه الإجراءات  تمت  بإمكانات محلية  وأعطت صورة مشرقة لسورية، مبيناً أن التعاون يزداد مع  المنظمات الدولية وعلى رأسها "اليونسكو"، لتقديم الدعم الدائم  للمديرية، مع التأكيد على شرعيتها كمؤسسة ريادية على مستوى العالم.

واعتبر مدير الآثار والمتاحف السوري، أن تجربة سورية في حماية الآثار من الممكن أن تصبح نموذجاً للتطبيق في مناطق أخرى من العالم.