خلع الدولار عن عرشه العالمي.. إيذانٌ بانتهاء حقبة السيطرة الغربية

خلع الدولار عن عرشه العالمي.. إيذانٌ بانتهاء حقبة السيطرة الغربية

عقد د. قدري جميل- أمين حزب الإرادة الشعبية، ورئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، يوم الجمعة الماضية 24 حزيران- مؤتمراً صحفياً بدعوة من وكالة ريانوفستي، عرض فيه الخطوط العامة في مستجدات الوضع السوري، ابتداءً من المشهد الدولي الجديد بعد الأزمة الأوكرانية وكيفية انعكاسه على الأزمة السورية.

فيما يلي تنشر قاسيون نص المؤتمر الصحفي، بالإضافة للأسئلة والأجوبة، علماً أنّ فيديو المؤتمر متوفر على قناة قاسيون على يوتيوب على الرابط المرفق.

أوكرانيا: سرّعت أم أخّرت؟

وضع الحل السياسي للأزمة السورية هو الآن كما كان خلال مؤتمرنا الصحفي الماضي؛ لم يتغير شيء جوهري باتجاهات الحل. ولكن ما الذي يمكن قوله إضافةً الآن؟
السؤال المسكوت عنه عند الكثيرين هو: هل أن الوضع الدولي الحالي بعد بدء الأزمة الأوكرانية في شكلها الحالي، سيسرع أم سيؤخر الحل السوري؟
هذا مسكوت عنه لأسباب مختلفة، البعض ممن لا يريدون الحل، وبعض ممن يعتقدون أن الوضع الجديد سيؤخر الحل إلى ما شاء الله، مسرورون جداً من تأخر الحل، ولكن البعض الآخر الذين يريدون حلاً، دخل في نفسهم شيءٌ من التشاؤم والإحباط، أن الحل السوري ابتعد في ظل الاهتمامات الدولية الحالية الجديدة.
ماذا يمكن أن نقول في حزب الإرادة وجبهة التغيير ومنصة موسكو في هذا الموضوع؟
ما نراه أن الحل اقترب أكثر في ظل هذه الأوضاع الدولية المستجدة، وسأحاول شرح جذر موقفنا هذا.
إذاً السؤال هو: هل جرى تسريع أم تأخير الحل السوري في ظل الأوضاع الدولية الحالية؟ برأيي يجب عدم الاستهانة بما يجري حالياً على الساحة الدولية، يجب عدم التقليل من الإمكانيات الكبيرة التي ظهرت بتغير الوضع الدولي، وأغامر فأقول: إننا نشهد تغييراً هاماً يمكن أن يجري كل خمسمئة عام مرة؛ لأن الاستعمار الغربي بشكليه القديم والجديد، عملياً منذ مئات السنين ما يزال مسيطراً سياسياً واقتصادياً. اليوم أستطيع أن أقول بكل ثقة: إنه تم توجيه ضربة ولكمة قوية لهذه المنظومة المترسخة في العالم وفي التاريخ منذ مئات السنين.
البارحة صدر في جريدتنا قاسيون، مقال هام جداً وموجود باللغة الإنجليزية، (المحرر: بات متوفراً أيضاً بالروسية). عنوان المقال «قنبلة بريكس الهيدروجينية السلمية»؛ نحاربهم بسلاح جديد، وهذا السلاح مُوجه نحو القوى الإمبريالية الحالية، ولا يخفى عنكم جذر المسألة: الدولار. عندما يُخلع الدولار عن عرشه العالمي فهذا إيذان بانتهاء حقبة تاريخية عالمية سيطر فيها الغرب، وآخر أدوات السيطرة كانت الدولار. لقد أُعلن رسمياً من قبل جماعة بريكس، أنهم يعملون على إنشاء عملة موازية بديلة دولية، وهذا الحديث كان يجري سابقاً من قبل اختصاصيين وعلماء وصحفيين، ولكن حديث هؤلاء شيء وحديث المسؤولين في هذه الدول- وخاصةً تصريح الرئيس بوتين الأخير في هذا الموضوع- شيء آخر، يضع القضية في إطار آخر جدّي- تنفيذي- عملي. نحن محظوظون جداً، أقصد الذين يعيشون هذه اللحظة، بأننا نرى رحيل منظومة عملنا ضدها ودعينا الله ضدها طوال عشرات السنين، ونرى اليوم بأعيننا رحيلها، وهذا الرحيل ليس وراء الأكمة- هذا الرحيل يجري تحت ناظرينَا اليوم، لذلك كيف إذا كنت أريد أن أربط الأزمة السورية بما يجري اليوم؟

تأثيرات كبرى

ماذا تعني العملية بأوكرانيا إذا أخذناها ليس ببعدها الأوكراني وإنما الكوني؟ بالنسبة لنا وهذا رأينا، قلنا: إن تأثير هذه العملية ليس بحدود أوكرانيا فقط- فهي عملية ذات تأثير عالمي سيؤثر في أربع قضايا.
القضية الأولى: الناتو ومصيره ووضعه في أوروبا ووضع القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في أوروبا، بل وفي جميع أنحاء العالم.
القضية الثانية: سيؤثر على الدولار كعملة مهيمنة ناهبة لكل شعوب الأرض. وصاحب الجلالة- الدولار، إذا خُلع عن عرشه، تعلمون ماذا يعني ذلك بالنسبة لصاحبه...
القضية الثالثة: النظام الدولي- العالمي- السياسي سيتغير، وهذا التغير سينعكس في دور وتركيبة وأداء الأمم المتحدة. الأمم المتحدة التي نعرفها هي الأمم المتحدة ما بعد 1945 نتيجة اتفاق الحلفاء على منظومة معينة، وقد عملت هذه المنظومة وأدت دورها، ولكن عملياً ما الذي حدث نتيجة توازن القوى الناشئة آنذاك والمستمر طويلاً؟ كل القرارات الدولية التي نعرفها، والتي أقرها مجلس الأمن الدولي والتي حسب ذاكرتي القرار 181، 1947 الذي حول القضية الفلسطينية إلى القرار 2254 للأزمة السورية في 2015، كلها وافق عليها مجلس الأمن بالإجماع، ولكن لم ينفذ أي واحد منها. لماذا؟ لأن الغرب منافق، يوافق من طرف ويعرقل من طرفٍ آخر. أليس هذا ما حصل في اتفاق مينسك الذي أقره وأيده مجلس الأمن؟ ماذا حصل بعدها؟ الآن عملياً يجري تنفيذ اتفاق مينسك من طرف واحد، لأن الأطراف الأخرى خانت العهد والميثاق والتوقيع والوعد. ومن قال إن 2254 لا يمكن تنفيذه بيد القوى الجديدة الصاعدة المتمثلة اليوم بالعالم أجمع، بقوى هامة روسيا والصين أولاً، وفي حالتنا متمثلة بقوى أستانا الثلاث؟ دول الأستانا مع اختلافاتها فيما بينها- وهو أمر طبيعي فهنالك اختلافات أنظمة اقتصادية- اجتماعية- ولكن ألم تلاحظوا مع اختلافاتها لم تختلف؟ وكانت تصل دائماً إلى توافقات حول القضايا التي حولها اختلاف. هل تعتبرون ذلك شيئاً هاماً وكبيراً؟ بينها اختلاف وقادرة على التوافق لحل اختلافاتها لكيلا تصل إلى خلافات، الاختلاف شيء والخلاف شيءٌ ثانٍ. الاختلاف هو تباين وجهات النظر والخلاف هو الخلاف. الاختلاف بين دول الأستانا لم يصل إلى خلاف، بل وصل إلى توافقات عبر حلول وسط حول كل القضايا، لقد تعلموا أن يفعلوا ذلك. لذلك نعتقد أنه في ظل دور الغرب المنافق في الأزمة السورية فنحن نطالب دول الأستانا التي لها تواجد فعلي على الأرض في سورية، وهي الوحيدة الموجودة على الأرض فعلياً، الأمريكان موجودون بقوى رمزية في شمال شرق سورية، هذه القوى التي أخذت على عاتقها إيقاف المرحلة العسكرية من الصراع السوري، ونجحت في ذلك، يجب أن تأخذ على عاتقها مسؤولية تولي الحل السياسي وقيادته، وهي تستطيع ذلك في ظل المتغيرات الجارية اليوم ومن طرف واحد. أراد الغرب أن يلتحق أهلاً وسهلاً، لم يُرِد أن يلتحق مع السلامة ليس ضرورياً. هذا أولاً.

1076-7

الوقت أخطر التهديدات

المشكلة في الأزمة السورية، والخطر الأكبر في الأزمة السورية، هو عامل الوقت. عامل الوقت ماذا فعل؟ برزت ظواهر سلبية كثيرة، وعامل الوقت يمد في عمرها؛ أول عامل: هو تفريغ سورية من سكانها. اليوم يمكن القول: إن نصف سكان سورية خارج أماكن سكنهم أو خارج سورية، وتجري عملية تغيير ديموغرافي ليس كما تقول أجهزة الإعلام المرتبطة بالغرب، أن التغير الديموغرافي له طابع طائفي أو قومي، الأخطر هو أن التغير الديموغرافي سببه الهجرة، وأن 80% من شباب سورية أصبحوا خارج سورية. والأخطر من ذلك، أن بين هؤلاء الشباب اختصاصيين من مختلف الأنواع أطباء ومهندسين إلخ، ويمكن القول: إن 90% من اختصاصيِّ سورية أصبحوا خارجها، هناك أزمة اختصاصيين، والغرب استقبلهم بالأحضان. ماذا يريد أفضل من هذا؟؟ كفاءات لم يصرِف عليها فلساً واحداً جاءته مجاناً، وكفاءات جيدة، وعملياً يتابع الغرب حتى هذه اللحظة نهب سورية بهذه الطريقة عبر نظام التبادل اللامتكافئ التي تعتبر هجرة العقول إحدى مكوناته الرئيسية.
يمكن أن يقول أحد: إنّ العوامل السلبية ليست بلا رجعة؟ في لحظة معينة تصبح بلا رجعة، ولكن إلى الآن، إذا استعجلنا بالحل السياسي، يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
مستوى المعيشة، الموت جوعاً برداً مرضاً، عوضاً عن الموت رصاصاً. هذا أحد معالم الأزمة السورية اليوم، لذلك أعتقد أن جميع السوريين الوطنيين الشرفاء بغض النظر عن معتقداتهم ومواقفهم السياسية همهم الأكبر يجب أن يكون الإسراع بالحل السياسي الذي يتمثل بتنفيذ 2254.


دون تغيير إطار عمل اللجنة.. عبر بدء المرحلة الانتقالية.. لن تصل لشيء


حول الدستورية

كيف؟ نتيجة كثرة الكلام عن اللجنة الدستورية خُلق انطباعٌ أن اللجنة الدستورية هي الحل، وهذا غير صحيح: اللجنة الدستورية هي جزء من الحل، وربما هي الجزء الأقل أهمية؛ لأنه إذا أخذنا ما كتب بـ 2254 وروح القرار 2254 فإنّ اللجنة الدستورية تأتي في مرحلة انتقالية تدار فيها البلاد بالتوافق بين الأطراف المتصارعة. دون هذه الإدارة التي تسمى المرحلة الانتقالية، والقرار 2254 سماها جسماً انتقالياً- ولم يسمها حرفياً كما يقول البعض هيئة انتقالية- جسم لم يُعرفه، وهي مهمتنا تعريفه، التي تدخل في حق السوريين بتقرير مصيرهم، أي أن يقرروا هم ما هو الجسم الانتقالي وصلاحياته وشكله، وهذا إن حصل سيعطي دفعة حقيقية للجنة الدستورية.
الآن اللجنة الدستورية أنهت بتاريخ 3 الشهر الحالي جولتها الثامنة، وفي الجولة الثامنة بحثت عدة نقاط: مؤسسات الدولة، مؤسسة الجيش، الدستور هو القانون الأسمى، العدالة الانتقالية إلخ، دون الوصول إلى توافقات ملموسة مكتوبة.
بيدرسن، لاحظ أن وتيرة عمل اللجنة الدستورية إن استمرت بهذا الشكل، فوفقاً لحساباته يلزمها 8 سنوات، لذلك اقترح أن يجتمعوا كل شهر، فلذلك البارحة تقرر اجتماع الجولة التاسعة للجنة الدستورية في 25 من الشهر الجاري. وكل شهر سيعقد بيدرسن اجتماعاً للجنة الدستورية، وهذا الشيء جيد، تسريع اجتماعاتها. ولكن هل تسريع اجتماعاتها يعني تسريع عملها؟ حتماً لا. تكلمنا منذ زمن طويل أن عمل اللجنة الدستورية يجب أن يكون عملاً مستمراً يومياً، ماذا لديهم ليعملوه أهم من العمل من أجل مصير الشعب السوري؟ واقترحنا وعوقبنا لأننا اقترحنا نقل أعمال اللجنة إلى دمشق- وعوقبنا من طرف الطرف الحاكم، الحزب القائد للمعارضة السورية، وقبلنا راضيين هذه العقوبة لأنها شرف لنا ووسام لنا على موقفنا المبدئي- وأن الدستور السوري يجب أن يكتب في دمشق.
ما يقترحه بيدرسن هو محاكاة للعمل وليس عملاً؛ العمل الحقيقي يحتاج ظروفاً أخرى، يحتاج ظروفاً سياسية في الإطار العام، وبحاجة لمكان ثابت ومستمر.
ظهرت مشكلة جديدة في مكان عمل اللجنة الدستورية؛ الجانب الروسي اقترح نقل أعمالها من جنيف، لأنه في ظل الأزمة الحالية تجري إساءة استخدام من السويسريين لموقعهم، ولم يعودوا حياديين، ويعاملون الدبلوماسيين الروس بشكل غير مناسب. الروس تقدموا باقتراح نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى مكان آخر. ليس لدينا مانع، ولقد اقترحنا سابقاً نقل الأعمال إلى دمشق. اليوم توجد اقتراحات ثانية، وجميعها ستُبحث الجزائر- القاهرة- دبي- أستانا، هذه الاقتراحات جميعها على الطاولة، ولكن كل هذا لا معنى له إذا كان ملقّنو اللجنة الدستورية هم أنفسهم، ستبقى الأمور على حالها، وسأتقدم باقتراح جديد لماذا الأماكن؟ اليوم العالم يمكن أن يستخدم التكنولوجيا الجديدة عبر برنامج «زوم» أو غيره، يمكن أن تجتمع اللجنة الدستورية يومياً بلا انقطاع من أماكن سكن العاملين فيها، والأمم المتحدة لديها هذه الإمكانيات لكي تؤمنها، لذلك الذي يريد أن يعمل سيجد طريقة للعمل، والذي لا يريد العمل سيجد أيضاً حججاً لكيلا يعمل.
لذلك عمل اللجنة الدستورية ليس متعلقاً فقط بأدائها الفني، هو متعلقٌ أيضاً بالإطار السياسي العام الذي تعمل ضمنه، لذلك، إن لم يتكون وفد تفاوضي حقيقي للمعارضة قادر على مفاوضة النظام على طرق تنفيذ 2254 لا يمكن الحديث عن عمل جاد ومسؤول للجنة الدستورية. ولكن المشكلة أن المعارضة السورية بشكلها الحالي الرسمي غير مؤهلة للعب هذا الدور، لذلك نعمل على هذه النقطة. نرى أنه يجب إعادة النظر بشكل تمثيل المعارضة، ونعمل على هذه النقطة، وأعتقد أننا سنحقق نتائج ضمن المرحلة القادمة. لأنه إذا تغير شكل تمثيل المعارضة، لأن المشكلة في الشكل الحالي هي أنه هنالك جهات مستثناة، وهناك جهات حاكمة في المعارضة تعرقل عملية التفاوض. المستبعد يجب أن يأتي، والمُعرقل يجب أن يبتعد، هذا يعني تغيير تركيبة الجهة الممثلة للمعارضة. هل يمكن تحقيق ذلك؟ نعتقد أنه في ظل الوضع الناشئ دولياً يمكن تحقيق ذلك، لأن الغرب إلى الآن يدعم المعرقلين في المعارضة، وهذا لا يعني أيضاً أن النظام لا يعرقل، ولكن النظام سعيد جداً بأنه يوجد معرقلون أكثر منه في المعارضة، ويستخدمهم كي يتم تأخير الحل السياسي قدر الإمكان.

حول نقل المكان

هل سيساعد نقل عمل اللجنة الدستورية إلى المنطقة العربية؟ أعتقد أنّ نقل المكان شيء إيجابي، وأما إلى أين فذلك يحتاج توافقاً. ولكن لا يفرح البعض أن هذا يمكن أن يوقف عمل اللجنة الدستورية، كما قلت لكم البارحة تلقينا دعوة من بيدرسن للذهاب إلى اجتماع الجولة التاسعة من اللجنة الدستورية، أي أن اللجنة الدستورية تعمل في جنيف، ما دام لم يتم الاتفاق على مكان آخر. البارحة، بعض الصحافة الصادرة في لندن، كتبت مقالات حول أن الروس أوقفوا اللجنة الدستورية في جنيف، وهذا كذب وتزوير وتضليل، لم يتم توقيف أي شيء، الروس قدموا اقتراح مشروع نقل عمل اللجنة الدستورية من جنيف، نتيجة المعاملة السيئة للسلطات السويسرية للدبلوماسيين الروس المشاركين بعمل اللجنة الدستورية. وعمل اللجنة الدستورية مستمر في جنيف إلى أن يتم التوافق على مكان آخر، ولا أعلم متى سيتم التوافق، وبافتراض أنه تم التوافق على مكان آخر في ظل الوضع السياسي نفسه والإطار العام لعمل اللجنة الدستورية بقي نفسه، لن يتغير شيء. وقلت: إنه يجب أن يتغير الإطار كي ننتقل لتنفيذٍ فعلي للقرار 2254 وغير ذلك سنبقى في إطار المحاكاة.

1076-5

الدعم عبر الحدود

ما هي آفاق آلية الدعم لسورية عبر الحدود التي يناقشها مجلس الأمن؟ عادةً يتم حل الموضوع في آخر لحظة، كما حصل في المرة السابقة، يتم الوصول إلى توافقات. لا أعلم هذه المرة إن كان يمكن الوصول إلى حلٍ، لأن الحكومة السورية مصرة أن تكون كل المساعدات عبرها أو عبر مشاركتها، كيف سيتم التوافق على ذلك غير معروف، والجانب الروسي عادةً يأخذ بعين الاعتبار موقف الحكومة السورية، انطلاقاً من حق السيادة- انطلاقاً من أنه يجب احترام سيادة سورية، ولكن هل يمكن الوصول إلى توافقات لحل هذا الموضوع؟
أعتقد أنّ التجربة الماضية أثبتت لنا أنه بصعوبة يمكن الوصول إلى توافقات، واستمرار موضوع تدفق المساعدات الإنسانية. في المرة الماضية حدثت ضجة كبيرة قبل ستة أشهر تقول إنه «خلص ما اتفقوا»، ولكن بآخر لحظة اتفقوا، وأعتقد هذه المرة احتمالية حدوث الشيء نفسه.

القمح في الشمال الشرقي

(في إجابته عن سؤال حول مقال كتبه صحفي ياباني حول القمح في الشمال الشرقي والحديث عن تهريبه وسرقته) قال د. جميل: هذا الصحفي لا يعرف تفاصيل الوضع في سورية. ليكن بعلمه أن المحصول الماضي للقمح في الجزيرة السورية في شمال الشرق ذهب كله للمناطق التي يسيطر عليها النظام، وعادةً ونفس المسؤولين يلبون كل المطالب التي تأتي من الحكومة السورية والمناطق الأخرى فيما يخص القمح. هذا لا يعني أن الأمريكان والجهات المافيوزية المرتبطة بهم في المناطق الشمالية الشرقية لا تسرق القمح وتهربه إلى شمال العراق، ولكن الانطلاق من جزئية وتعميمها له هدف محدد.. اليوم، قرأت تصريحاً لأحد المسؤولين في مسد يقول: إن الحكومة السورية بدأت تعطي إشارات إيجابية ضمن عملية التفاوض معها، محادثات جارية بين مسد وقسد والحكومة السورية، هناك أحد يريد خربطة الأجواء التي تتحسن والتي تفرض الظروف على الجميع كي يتقاربوا. ولذا فإن هذا الكلام الذي يقوله الصحفي الياباني أعتقد أنه مبالغ به كثيراً، وإنْ كان فيه جزء من الحقيقة، والمقصود منه توتير الأجواء، وإثارة المخاوف بين السوريين من بعضهم البعض لمنع تقاربهم.

1076-8

سؤال حول اللاجئين

أوضاعهم المعيشية سيئة جداً؛ البلدان التي يقيمون فيها تتحملهم بصعوبة، لأنها هي نفسها عندها صعوباتها الخاصة التي لا تتعلق بهم، ومساعدات الأمم المتحدة محدودة وغير كافية، ولا تغطي كافة احتياجات اللاجئين، لذلك لماذا ترغبون بالعمل على القصص الجزئية والمؤقتة الصغيرة، نحن يلزمنا حلٌ شامل لأنه يعيد اللاجئين، هناك لاجئون في أوروبا حصلوا على عمل، ويجوز قول البعض: إنّ عودتهم صعبة، لكن هناك لاجئون في مخيمات الأردن ولبنان وتركيا، مخيمات ليست فيها ظروف إنسانية للعيش، يجب أن يعودوا لمناطقهم وهم بالملايين، لذلك الحل الحقيقي دون أن نضحك على بعض، هو تسريع الحل السياسي لإلغاء معاناة هؤلاء اللاجئين.

حول الضربة «الإسرائيلية» على مطار دمشق

هي سابقة خطيرة، لعلمكم مطار دمشق عاد للعمل منذ البارحة مع أن الضربة غير مسبوقة؛ ليست فقط المدرجات ما تم ضربه، وإنما أيضاً برج المراقبة مع أجهزته، وهذا إنجاز جيد أن مطار دمشق عاد للعمل، لأمن الطيران في المنطقة كلها، لأن مركز مراقبة دمشق يرافق الطيران الذي يطير فوق سورية كلها من الدول الأخرى.
هذا العمل العدواني «الإسرائيلي» هدفه عملياً منع الاقتراب من الحل السياسي، ويجب إيجاد الطريقة المناسبة للرد عليه. هذا العدوان لا يجب أن يمر دون رد. الرد السياسي واضح، ولكن يجب التفكير برأينا بردود أخرى لإيقاف المعتدي عند حده... يكفي، يتحججون بأنهم يضربون من خارج الأراضي السورية، ولكنهم يضربون الأراضي السورية، لذلك على السوريين عدم التحجج بأحد، بالروس أو غير الروس أو الإيرانيين، هذه مهمة السوريين، أن يحزموا أمرهم وأن يقرروا كيفية الرد على الاعتداءات «الإسرائيلية»، وأنا متأكد بأن حلفاءهم سوف يدعمونهم في أي إجراء مشروع. لا ينتظرن أحد من الإيرانيين أو الروس الرد على الإسرائيليين في سورية- سورية هي للسوريين، السوريون هم من يقررون ماذا يجب أن يفعلوا في سورية، لذلك إذا قرر السوريون وحزموا أمرهم، فأعتقد أن القوى الصديقة لسورية ستدعم الموقف السوري. الأمور مقلوبة: يجري تصوير الأمر من قبل الإعلام الغربي أو العربي الموالي للغرب، أن الروس يمنعون السوريين من الرد على «إسرائيل»، وهذا غير صحيح نهائياً، وأنا أطالب السلطات السورية أن تجد الطريقة للرد المناسب، وقتها نرى حلفاءنا معنا أم لا.

كيف الوصول إلى التوافق؟

لإيجاد التوافق بين الأطراف السورية المتصارعة، فقد تبين خلال التجريب والحركة، والحياة نفسها تبين، أن هناك متشددين في الطرفين، وليس كل الطرفين متشددين؛ هناك متشددون يعرقلون السير نحو الحل. يجب التخلص من هؤلاء المتشددين. السوريون قادرون على الاتفاق، ولكن يجب الانتهاء من الأطراف المتشددة، يجب الانتهاء من التدخل الخارجي بالشؤون الداخلية للسويين، ودفعهم إلى عدم الاتفاق، خاصة الغرب وحلفاؤه. وأنا أعتقد أنه يمكن الوصول إلى اتفاق، وعلى السوريين أن يكونوا أكثر مسؤولية، وخاصة التنظيمات السياسية الممثلة لهم من الطرفين، عليهم أن يكونوا أكثر جرأة كي يصلو إلى توافقات، لأنهم إذا وضعوا مصلحة الشعب السوري فوق كل شيء بالقضاء على جوعه وفقره ومرضه من الآن، إذا وضعوا مصلحة أولى فوق السياسية، يمكنهم أن يتجاوزوا كل الخلافات السياسية.

إسقاط مشعلي الحروب

هل تذكرون قبل الحرب العالمية ماذا كان شعار المناضلين من أجل السلام: فلنسقط مشعلي الحروب. مع الأسف ميزان القوى لم يسمح بإسقاط مشعلي الحروب قبل الحرب، ميزان القوى سمح بإسقاط مشعلي الحروب في أيار 1945 في برلين. اليوم أعتقد أننا سنرفع نفس الشعار فليسقط مشعلو الحروب. الغرب، ومن خلال الأزمة الأوكرانية، كان يريد حرباً عالمية، ولكنه لا يستطيع اليوم البدء بها. لماذا؟ لأنه أصبح أضعف، لأن إصبعه على الزناد ترتجف، لذلك يمكن أن تتحقق اليوم نبوءة لم تتحقق سابقاً: منع مشعلي الحروب من إشعالها. السؤال هو: هل نحن ذاهبون إلى حرب عالمية حتمية؟ لا، ولكن هذا لا يمنع التوترات المحدودة الإقليمية هنا وهناك، ولكن بالقتال ضد الدولار بدأنا حرباً عالمية سلمية سننتصر فيها، وإذا سقط الدولار يعني سقط العالم الرأسمالي بشكله الحالي، معنى ذلك أننا حققنا انتصاراً ضد مشعلي الحروب الذين كانوا يشعلونها من أجل الحفاظ على مصالحهم. اليوم لا يستطيعون الحفاظ على مصالحهم ولا يستطيعون إشعال الحروب الكبيرة، لذلك نحن ذاهبون عاجلاً أم أجلاً نحو حلم البشرية بعالم بلا حروب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1076
آخر تعديل على الإثنين, 27 حزيران/يونيو 2022 13:24