أجوبة عن النمو والاستهلاك والتوظيف في الصين 2023
في مقابلة مع لو فنغ، البروفسور في معهد التنمية الوطني في جامعة بكين، علّق على قضايا شديدة الأهمية بالنسبة للنمو الاقتصادي الكلي للصين في 2023 وارتباطه بمعدل التوظيف وعلى كون تعزيز الاستهلاك المحلي هو الحلّ لتحقيق نمو مستقر في 2023.
ترجمة: أوديت الحسين
يقترح باحثون بأنّه على الحكومة الصينية أن تحدد هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل بأكثر من 5٪، فبمقارنة معدل النمو 6,1٪ في 2019، ومعدل النمو بإجمالي 3٪ في العام الماضي، فـ 5٪ رقم وسطي. ما رأيك؟
يشير معدل النمو المحتمل إلى معدل النمو الاقتصادي الذي يمكن تحقيقه بشرط استخدام موارد العامل الأساسي بالكامل، أو معدل النمو المستدام والتوافقي الذي يمكن تحقيقه دون تضخم كبير. لا يوجد خلاف حول تعريف المفهوم، ولكن في قضايا تجريبية، مثل: تحديد معدل النمو المحتمل للاقتصاد في وقت معين، عادة ما تكون نتائج دراسات العلماء غير متسقة، وأحياناً مختلفة تماماً بسبب النماذج المختلفة، أو الافتراضات المتباينة للمعلمات الرئيسية المستخدمة.
من أكثر من 12 دراسة ذات صلة في السنوات الأخيرة، التقدير المنخفض بحدود 5,5٪، والتقدير المرتفع 7 إلى 8٪. كوجهة نظر شخصية، أعتقد أنّ النمو المحتمل في الصين يجب أن يكون أعلى من 5٪، وذلك بسبب الحاجة لدفع الخطوة التالية للانتعاش الاقتصادي على مستوى السياسات بشكل أكثر فعالية. بالنظر إلى المعطيات يجب أن يكون الوصول إلى 5٪ قوياً إلى حدّ ما.
لكن في الوقت ذاته، ونظراً للتقلبات في السياسة الوبائية، أو في التأثير السلبي المحتمل للتغيرات في البيئة الخارجية، هناك الكثير من أوجه عدم اليقين، ومن الواضح أنّها غير مناسبة لتعيين هدف نمو مرتفع للغاية. كما أنّه من الخصائص التقليدية للاقتصاد الكلي في الصين أن يتمّ النظر في جميع جوانب الوضع. «في وقت إعداد هذا المقال كانت معظم المقاطعات الصينية قد حددت هدفاً للنمو بين 5 و6,5٪ فيما تمّ اعتباره من قبل وسائل إعلام محليّة تفاؤلاً».
كنت قد أشرت من قبل إلى وجود بعض خصائص علاقة «أوكون» في الصين «الارتباط بين وضع التوظيف والتغير في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي». إن تمكّن معدل النمو من الانتعاش إلى 5٪ العام المقبل، فما هو التأثير على سوق العمل ووضع التوظيف؟
التفاعل بين حالة التوظيف والنمو الكلي هو الحس السليم في الاقتصاد، وتجربة يمكن الارتباط بها. توفر البيئة خلال فترة الوباء حالة مراقبة خاصة للتقلبات الكلية التي تؤثر على سوق العمل. من الواضح أنّ الصعوبات الجديدة التي واجهتها حالة التوظيف في الصين في السنوات الأخيرة ليست نتيجة مشكلة خاصة مفاجئة في سوق العمل نفسه، مثل: التأثير المباشر على سوق العمل، وانتقال الشباب إلى المدينة، أو إعادة هيكلة المؤسسات المملوكة للدولة، ولكن يرجع أساساً إلى تباطؤ الاقتصاد الكلي، والتقلبات الناجمة عن البيئة الوبائية، والتي انتقلت إلى ضغوط التوظيف في سوق العمل.
من القواعد العامة، أنّ التقلبات الكلية تؤثر على العمالة، وبالنسبة للاقتصادات المتقدمة الناضجة يتم تسليط الضوء عليها من خلال الصلة المهمة بين التقلبات الكلية والبطالة. لا تزال هناك عوامل الفصل، وحتى التمييز بين أسواق العمل المدنية والريفية في الصين في مرحلة محددة من التحول المؤسسي، ونتيجة لذلك لا ترتبط التقلبات الكلية بشكل كبير بمعدل البطالة، ولكنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنقل الزراعة. يختلف الأمر هنا عن نموذج الكتب المدرسية ويأخذ خصائصه من الظروف الصينية.
تغيرت علاقة «أوكون» الصينية على مراحل طوال العقد الماضي، واستجابت معدلات البطالة في المسح المدني ومؤشرات سوق العمل المدنية الأخرى لتقلبات الاقتصاد الكلي من جوانب مختلفة. بناءً على ملاحظة الوضع ذي الصلة في السنوات الأخيرة، من المعقول الاعتقاد أنّه إذا كان معدل النمو الاقتصادي يمكن أن ينتعش إلى 5٪ هذا العام، فيجب تحديده والرد عليه في سلسلة مؤشرات نقل العمال المهاجرين، المسح المدني، معدل البطالة والعمالة المدنية الجديدة، والزيادة الصافية في العمالة المدنية، مما يبرز تحسين العملية الاقتصادية ومعيشة الناس.
إلى أي مدى يمكن للسوق أن يتعافى في القطاعات التي تأثرت أكثر بالوباء في الماضي، مثل: المطاعم والسياحة، والتي في محنة، مثل: التعليم والتدريب...الخ، وأن يصل إلى المستوى الذي كان عليه قبل الوباء؟
بافتراض أنّ نمو الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن ينتعش إلى 5٪ أو أقل، مدعوماً بالوقاية من الأوبئة ومكافحتها وتعديلات السياسة الأخرى، من المتوقع أن يتم استئناف العديد من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بمعدل النمو الاقتصادي المنخفض، وخاصة طلب المستهلك، واستعادتها بدرجات متفاوتة، مثل: الذهاب إلى المطاعم لتناول الطعام، والسفر لقضاء الإجازة، والقيام بأنشطة ثقافية ورياضية وترفيهية...الخ.
بالطبع، لن يستجيب تعافي المستهلك للوقاية من الوباء ومكافحته والجوانب الأخرى لتعديل السياسة بطريقة فورية، كما أنّ حالات تحول نموذج الوقاية من الوباء وعلاقة التشغيل الاقتصادي، وتعديل السياسة للعدد الأولي من زيادة العدوى بشكل ملحوظ، وقلق المستهلكين من خطر العدوى... لا يزال يقلل من خطر الخروج وكبح الاستهلاك، والحاجة إلى المرور بفترة تصحيح الأخطاء بعد فترة التكيف، لتصبح الحال مواتية لإعادة إطلاق الاستهلاك. كيفية التعامل مع الوباء في الربع الأول من 2023 قد تؤدي لحالات شاذة ومطبات محلية، وهي اختبار شديد بالنسبة لنا.
من سِمات النمو في 2022 أنّ مساهمة الاستثمار في الأصول والتصدير مرتفعة نسبياً، بينما الاستهلاك ضعيف نسبياً. ولكن في نهاية العام كانت البيانات تشير إلى ضعف في الصادرات، فهل سيكون هناك ضعف في كلا الصادرات والاستهلاك في 2023؟
النمو الأسرع في الاستثمار والصادرات وضعف الاستهلاك هي سمات مستقرة نسبياً للنمو الكلي للصين، في بيئة الوباء في السنوات الثلاث الماضية. في مجال الاستثمار وعلى الرغم من تقلص الاستثمار العقاري، فالصناعة والصادرات تنمو بشكل سريع، وتجذب الاستثمار الصناعي، إلى جانب أنّ الاستثمار في البنية التحتية من خلال سياسة تعزيز الأداء ليس سيئاً، ولهذا فالأداء الاستثماري العام أفضل. المشكلة الأكثر بروزاً، أنّ اتجاه سلالات فيروس كورونا والتنفيذ الصارم للوقاية أثّر على نشاط المستهلك، ليصبح عبئاً لا يطاق على نمو الاقتصاد الكلي.
بلغ متوسط مساهمة الطلب الأجنبي في النمو في الصين في السنوات الثلاث الأخيرة- حيث فترة الوباء- ما بين 25 إلى 30٪، وهو أمر لا مثيل له في التاريخ. ولكن مع استجابة الولايات المتحدة والغرب للتضخم بتنفيذ تباطؤ اقتصادي مدفوع بالتقشف وتباطؤ النمو العالمي، دخلت صادرات الصين في الربع الأخير من 2022 نطاق النمو السلبي على أساس سنوي، وهذا الاتجاه قد يتعزز أكثر في 2023، كما أنّ النمو المدفوع بالفائض في السنوات الأخيرة غير مستدام.
الاعتماد المفرط على الطلب الأجنبي يمثّل بحدّ ذاته إشكالية بدأ الحديث عنها قبل أكثر من عقد من الزمن، وإعادة إطلاق الاستهلاك من خلال تعديل الوقاية من الأوبئة وغيرها من السياسات، هو في واقع الحال خيار لا مفرّ منه لتحقيق الاستقرار في صورة الاقتصاد الكلي الأوسع.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1107