دَين الحكومات العالمي توقعات بفشل وإفلاسات
في مطلع الشهر الحالي نشر معهد التمويل الدولي في واشنطن (IFF) بيانات جديدة حول حجم الدَّين العالمي، الذي ما يزال يتصاعد بمعدلات قياسية، وتحديداً في العام الحالي. الدَّين العالمي وصل إلى حدود 272 تريليون دولار حتى شهر 9- 2020 نصفها ديون متراكمة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. وهذا الدَّين يشمل الديون المترتبة على الحكومات، وعلى القطاعات الاقتصادية المالية وغير المالية، وأيضاً الديون المترتبة على الأفراد والأسر.
الدَّين العالمي أكبر من مجمل الناتج بمقدار ثلاثة أضعاف، وثلثي دخل العالم السنوي 365% وهي النسبة المتوقعة لنهاية 2020.
حيث ازداد حجم الدَّين عبر العالم خلال عام الأزمة الحالي بمقدار: 24 تريليون دولار، للولايات المتحدة 9 تريليونات منها إذْ ساهمت بأكثر من ثلث الزيادة. بينما دول منطقة اليورو ساهمت في الزيادة بمقدار 1,5 تريليون خلال عام.
حيث أصبح مجمل الدَّين الأمريكي 80 تريليون دولار، ودَين دول منطقة اليورو 53 تريليوناً.
ديون الدول المتقدمة أكبر ولكن!
يرتفع معدل الدَّين إلى الناتج في مجموعة الدول المتقدمة ليصل إلى 430% بينما كان قبل عام مضى 383% وأصبح الدَّين أكثر من أربعة أضعاف الناتج. في الدول النامية والصاعدة، فإن معدل الدَّين إلى الناتج أصبح 250% بينما كان قبل عام مضى 223% ولا زال اعتماد هذه الدول على الديون أقل من ارتباط اقتصاديات الدول المتقدمة بالدَّين الذي تصدره بنوكها المركزية بالدرجة الأولى.
أما على مستوى القطاعات، فإن الحكومات هي التي زادت حملها من الدَّين بمعدلات كبيرة في 2020، ومن المتوقع أن يصل الدَّين العام الحكومي عبر العالم في نهاية العام إلى 101% من الناتج العالمي.
أعلى معدل للدَّين هو دَين الحكومة اليابانية الذي يعادل 266% من مجمل ناتج اليابان، ودَين الحكومة الإيطالية بـ 161% من مجمل ناتج إيطاليا، ثم الدَّين الأمريكي، حيث أصبح دَين الحكومة الأمريكي يقارب 131% من مجمل ناتج الولايات المتحدة، بعد أن كان هذا المعدل في نهاية الربع الثالث من 2019 يقارب: 108%... والوصول إلى معدل دَين يقارب 1,3 ضعف الناتج، هو معدل قياسي لم تقترب منه الولايات المتحدة إلى في عام 1946 مع دخولها الحرب العالمية الثانية عندما وصلت نسبة الدَّين إلى الناتج إلى 126%.
ومعظم الدول المتقدمة قد تجاوز دَين حكوماتها معدل 100% من دخلها الوطني باستثناء ألمانيا، التي لا تزال عند 73%، أما اليونان التي ما تزال في إطار أزمتها المالية، يصل دَين حكومتها إلى 205% من ناتجها الإجمالي.
ديون الحكومات تفاقمت بمعدلات كبيرة رغم تخفيض معدلات الفوائد إلى حدود الصفر، حيث استمرت حتى الآن طريقة الإنقاذ التقليدية بطباعة الأموال واستدانة الحكومات من البنوك المركزية المستقلة والخاصة في الغرب، كما أن النفقات الحكومية ارتفعت إلى حد بعيد مع جملة النفقات الصحية التي اضطرت إليها الدول.
ديون الدول الصاعدة
الإفلاسات المرتقبة
بين الدول النامية والصاعدة معدلات ديون الحكومات أقل، ولكن هنالك حالات ترتفع فيها ديون الحكومات إلى معدلات قياسية، وهذه الحكومات لا تجد من يسندها كما في الدول المتقدمة التي تعتمد على الاحتياطيات الكبرى، وقدرة الطباعة لدى بنوكها المركزية. وهذه الدول النامية ذات الدَّين الحكومي الكبير مهددة بإفلاسات وإعادة هيكلة ضخمة. منها مثلاً: السودان الذي ارتفع دَين حكومته من 201% في 2019 إلى 259% في 2020 وهو تحت ضغط دَين حكومي هائل، ويحتاج إلى أكثر من ضعفي الناتج السوداني لسداد الديون.
فنزويلا أيضاً، لديها معدل دَين للناتج يصل إلى 240%، مجموعة دول إفريقية وآسيوية أخرى، مثل: إرتيريا 185% من الناتج، سورينام 145%، البحرين 128%، زامبيا 119%، المالديف 118%، جمهورية الكونغو 104%. وجميع هذه الدول من المتوقع أن تدخل في أزمة سداد ديون سيادية مع مطلع العام القادم، مثلما دخلت دول أخرى: الأرجنتين ولبنان والإكوادور، التي بدأت عملياً في عملية إعادة هيكلة ديونها عبر مفاوضات لتمويل جديد، وتأجيل سداد مع صندوق النقد الدولي.
والدول الأقرب المتوقعة لاحقاً بحسب خبراء هي: زامبيا التي أعلنت إفلاسها في 16 تشرين الثاني، ومن المتوقع أن تلحقها: أنغولا والكاميرون وكينيا وباكستان حتى نهاية 2021.
أما دَين الحكومات في مجموعة دول البريكس مثلاً فهو في معدلات منخفضة نسبياً: حيث دَين الحكومة الصينية قياساً بالناتج يقارب 60%، في روسيا المعدل أقل وقرابة 19%، ويرتفع المعدل في الهند إلى 90% تقريباً، و78% في جنوبي إفريقيا، بينما يرتفع في البرازيل إلى 100% من الناتج.
فشل الدَّين والإفلاسات على مستوى الحكومات قد يكون حدثاً مكرراً في العام القادم وما بعده، وقد بدأت موجات الإفلاس في العام الحالي في الحلقات الأضعف في الأطراف... وستستمر غالباً في هذه الحلقات، لأن دول المركز المسماة بالدول المتقدمة تعتمد في إطفاء كتلة ديون حكوماتها الهائلة على طباعة الدولار واليورو من البنوك المركزية، وعلى قدرة الاستدانة من الأسواق الدولية التي لا تزال تصنف سندات حكومات هذه الدول بأعلى المستويات. بينما يصعب على الدول النامية المكبّلة بالقروض الدولية أن تحصل على تمويل، إن لم يكن مستحيلاً في الظروف الحالية دون شروط عالية التعقيد تدفع للوصول حد الإفلاس ثم التفاوض.
ستكون ديون حكومات الدول النامية واحدة من عناوين الأزمة والصراع، وستكون أيضاً واحدة من عناوين الانقلاب والتغيرات، فخيار صندوق النقد الدولي المكرّر لا يبدو قابلاً للفرض بسهولة، وقد يكون لبنان مثالاً على ذلك... والخيارات نسبياً أصبحت مفتوحة أكثر للتمويل، وعملات الدَّين العالمي قد تشهد تبدلات تغير من قيم الدَّين، ومصيره كما يتوقع البعض للدولار. وكل الاحتمالات مفتوحة في لحظة دولية عاصفة اقتصادياً وسياسياً وشعبياً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 994