التدفقات الاستثمارية المباشرة في منتصف 2020 تراجعت بنسبة 50%

التدفقات الاستثمارية المباشرة في منتصف 2020 تراجعت بنسبة 50%

تعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة واحدة من أدوات تدفق الأموال الأساسية عبر العالم، إلى جانب المحافظ الاستثمارية التي تستثمر فيها الأطراف الأجنبية في الأسواق المالية للدول الأخرى، والتحويلات المالية، والمساعدات الدولية وأشكال استثمارية أخرى، من بينها القروض الخارجية. وترتفع أهمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة FDI في تمويل الدول النامية، وهي المصدر الأكبر لتدفقات الأموال الأجنبية إليها، إذ شكلت ثلث التدفقات الاستثمارية في 2019 و700 مليار دولار من أصل 2000 مليار.

يستمر تسجيل أرقام تراجع قياسية في جوانب الحركة الاقتصادية الدولية جميعها خلال أزمة عام 2020، مؤخراً أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية تقريرها النصفي عن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة... ليتبين أنها قد تراجعت في النصف الأول من 2020 بمقدار النصف عن الفترة ذاتها من 2019، وقلت حركة الأموال دولياً بهذه الطريقة بمقدار 378 مليار دولار في 6 أشهر!

التراجع خلال 6 أشهر
الفروع والاستحواذ والمشاريع

تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عملياً من مستوى 777 مليار دولار في منتصف 2019 إلى 399 مليار دولار في 2020.
تأخذ الاستثمارات الأجنبية المباشرة عدة أشكال، أولّها: هوGreen-Field Investment وهي استثمارات الشركات الكبرى عبر افتتاح فروع جديدة لها في العالم، وقد تراجعت بأعلى نسبة 37% بين 2019-2020، حيث لم تقم الشركات الكبرى عالمياً بافتتاح فروع لها دولياً إلا بنسب قليلة.

الشكل الآخر هو: استثمار الشركات في الحيازة والدمج، أي: عملية شراء شركات أجنبية لشركات أخرى في دول مختلفة، وقد تراجعت بنسبة أقل 15%، حيث تزداد في الأزمات حالات حيازة شركات كبرى لأخرى أصغر، أو اتفاقيات دمج شركات مع بعضها البعض. وقد نشطت الشركات الأمريكية في هذا المجال حيث يشير التقرير إلى صفقات حيازة كبرى لشركتين في ألمانيا، وفي الهند وفي «إسرائيل»، وفي جنوب إفريقيا.
وبالعموم، تراجعت الاستحواذات في قطاع النفط والطاقة، ولكنها ازدادات بمعدلات كبيرة في قطاع التكنولوجيا، وشهدت صفقات كبرى، وتحديداً في الهند، حيث استحوذت فيسبوك على شركة جيو بلاتفورمس بقيمة 5,6 مليارات دولار، واستحوذت شركة أمريكية أخرى على شركة خدمات بريطانية بقيمة 3,7 مليارات دولار.

أما الشكل الأخير من تدفقات FDI فهو استثمار الشركات العالمية بمشاريع في دول أخرى، مثل: مشاريع تمويل البنى التحتية والطاقة، وهذه قد تراجعت بنسبة: 25%.

التراجع جغرافياً
أوروبا تراجع تاريخي

أما توزيع هذه الخسارات بناء على الوجهة التي تتدفق إليها هذه الأموال، فهو أيضاً يعكس تأثيرات الأزمة، فالدول المتقدمة التي تتدفق إليها أكثر من نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة عالمياً، شهدت تراجعاً في الأشهر الستة الأولى بنسبة 75% من 397 مليار دولار إلى 98 مليار دولار (وهو الرقم المسجّل في عام 1994)، وقد شكّل هذا المبلغ أقل من 22% من الاستثمارات المتدفقة عالمياً في 2020. بينما التراجع في الدول النامية أتى بنسبة أقل 16%، ومن 352 مليار دولار إلى 296 بين العامين لتحوز على 74% من التدفقات العالمية، تركزت في آسيا بمقدار يفوق نصف التدفقات.

الخسارة الأكبر هي في أوروبا، التي سجلت للمرة الأولى في تاريخها تراجعاً في التدفقات الاستثمارية بالمطلق، ومن مستوى 203 مليارات دولار في 2019 إلى (-7) مليارات دولار في 2020، ليخرج منها أكثر مما دخل إليها. بينما خسرت أمريكا الشمالية 57% من تدفقاتها، وخسرت آسيا بالمقابل 12%. وهي الوجهات الأساسية للتدفقات الدولية.

990-51

اتجاهات في دول محددة

الدول العشر التي تستقبل عادة أكبر نسبة من التدفقات الاستثمارية الأجنبية، شهدت خسارات هامة في نسبة التدفقات الواردة إليها خلال 2020. أكبرها إيطاليا التي سجلت تراجعاً بنسبة 74%، تلتها الولايات المتحدة 61%، ثم البرازيل 48% ومن ثم أستراليا وكندا والهند وفرنسا على التوالي بنسب تراجع تراوحت بين 40-25%. بينما خسرت الصين 4% من التدفقات الاستثمارية التي ترد إليها.

ألمانيا والمكسيك كانتا الدولتين الوحيدتين اللتين سجلتا زيادة في تدفقات FDI، وذلك بين أكبر 10 مستقبلين عالمياً. بارتفاع بنسبة 15% في ألمانيا و5% في المكسيك. وهي زيادة ناجمة عن عمليات الاستحواذ بالدرجة الأولى، ففي ألمانيا مثلاً: استحوذت شركتا أدفنت الأمريكية، وسينفن البريطانية على صناعة المصاعد الألمانية من شركة ثيسنكرب بحوالي 18,7 مليار دولار، بينما استحوذت إيلانكو الأمريكية على شركة باير التي تعمل في مجال الأدوية البيطرية بمقدار 6,9 مليار.
دول أخرى حققت زيادة في التدفقات الاستثمارية إليها، مثل: إيرلندا، وهي ناجمة عن تحويلات الشركات للأموال إلى فروعها (الوهمية) في إيرلندا، التي تعتبر واحدة من مراكز التهرب الضريبي عالمياً، فتفتتح الشركات فروعاً هناك لتحوّل إليها جزءاً هاماً من أرباحها، ولتهرب من دفع الضرائب في دولها الأم. أما روسيا على سبيل المثال: فقد سجلت تراجعاً كبيراً في تدفق الاستثمارات إليها من 16 مليار دولار في 2019 إلى (-1,2) مليار دولار، حيث خرج منها أكثر مما دخل إليها في النصف الأول من 2020.
أخيراً، فإن التدفقات الاستثمارية في منطقتنا تباينت، إذ استمرت بالتوسع في السعودية بنسبة زيادة 12%، بينما تراجعت في تركيا بنسبة 32%، ولكنها تبقى في تركيا أعلى من السعودية (2,9 مليارات دولار مقابل 2,6 مليارات). أما التراجع في مصر فكان الأكبر بنسبة 57% حيث تدفق إليها في النصف الأول من 2020: 1,9 مليارات دولار.

في إفريقيا لا تتعدى الاستثمارات الأجنبية المباشرة 16 مليار دولار، ومعظمها في شمال الصحراء وفي جنوب إفريقيا، ولكن يشير التقرير إلى أن الاستثمارات الصينية في القارة لم تتأثر كثيراً، وتحديداً في نيجيريا وإثيوبيا وموزمبيق.

 

*تقرير UNCTAD- INVESTMENT TREND MONITOR-27-10-2020

معلومات إضافية

العدد رقم:
990