سورية.. والفوارق الوسطية بين دخول الفقراء والأغنياء
الفوارق بين الأغنياء والفقراء في سورية لا تحتاج إلى إحصائيات وإثباتات، فأطفال الشوارع يفترشون الأرض ويستغيثون للحصول على الماء، مقابل رواد فندق مثل الفورسيزون مثلاً وسط دمشق، هذا عدا عن كبار الأغنياء الذين لا نراهم بل يتجمعون في مجمعات الثراء المنعزلة. ولكن الأرقام ضرورية وأبلغ من المشاهدات، ولذلك فإن إحصائيات فوارق الدخل بين الأغنى والأفقر، لم تكن يوماً في عداد حسابات الحكومية وهي دائماً في إطار التقدير والاجتهاد...
المقاربات الدولية
لتوزيع الدخل السوري
كما أشرنا سابقاً، لا تشتمل الإحصائيات المحلية على حسبة لتوزيع الدخل على شرائح السكان، ولكنّ بعض قواعد البيانات الدولية لديها تقدير لهذا التوزّع بالاعتماد على بيانات الإنفاق كما في WORLD INQUALITY DATABASE، وهي قاعدة بيانات بحثية ممولة من مجموعة من الجامعات ومراكز البحث والمنظمات غير الحكومية، درجة دقتها وموضوعيتها غير مضمونة، ولكنها الجهة الوحيدة التي تعتمد منهجاً عاماً واحداً في هذه الحسابات على مستوى العالم.
تقديرات WID تشير إلى أن توزيع الدخل في سورية يحافظ على نسبة واحدة لم تتغير كثيراً منذ التسعينات، وهو موزّع بالنسب التالية: يحصل أغنى 10% على 49% من الدخل، بينما يحصل الـ 40% الوسط على 36.9%، أما أفقر 50% من السوريين يحصلون على 14.2%. وفي مزيد من المفارقات، فإن أغنى 1% يحصلون على 14.7% من الدخل، بينما أفقر 40% يحصلون على 9.5% من الدخل فقط.
وهو ما يعني أن كل فرد من الـ 1% الأغنى في سورية، كان يحصل على دخل سنوي وسطياً يعادل ما يحصل عليه 62 شخصاً من الـ 40% الأفقر!
الدخل الوسطي
للأفقر والأغنى في 2018
ولكن، ما الذي تعنيه هذه الأرقام اليوم بمقياس الدخل الفردي المتاح للسوريين في عام 2018؟!
كانت تقديرات للإسكوا قد أشارت أن كل فرد في سورية عام 2018، حصل على دخل وسطي فردي 2700 دولار سنوياً، وحوالي 225 دولاراً شهرياً تقريباً (وهو رقم افتراضي طبعاً مبني على توزيع مجمل القدرة الشرائية للدخل على عدد الأشخاص بالتساوي، أي: حوالي 45 مليار دولار موزّعة على 17 مليون شخص بالتساوي).
ولكن فعلياً التوزيع يختلف عن هذا الوسطي إلى حد بعيد... ورغم أن معدلات التوزيع قد اختلفت إلى حد بعيد وتفاقمت مع توسع البطالة لدى الفقراء، واتساع مستوى الغنى الفاحش مقابل الفقر المدقع، إلّا أن عدم توفّر البيانات يسمح بالافتراض: أن معدلات التوزيع على الشرائح بقيت ثابتة كما كانت سابقاً، واستخدام المعدلات المتوفرة لقياس حجم الفرق في الدخول، وتحديداً بين أغنى 1%، وأفقر 40%.
بافتراض أن القدرة الشرائية للناتج السوري داخل سورية كانت 45 مليار دولار في 2018 وفق مؤشرات الإسكوا والبنك الدولي. فإن حصة الفرد الوسطية للشرائح الأغنى والأفقر تصبح على الشكل التالي:
39 ألف دولار سنوياً لكل فرد من الـ 1% الأغنى: حيث يبلغ تعدادهم تقريباً 170 ألف شخص، يحصلون على 6.6 مليارات دولار ونسبة 14.7% من الدخل الإجمالي. والوسطي الشهري للفرد: 3250 دولاراً.
617 دولاراً سنوياً لكل فرد من الـ 40% الأفقر: حيث يبلغ تعدادهم تقريباً 6.8 ملايين شخص حصلوا على 4.2 مليارات دولار سنوياً ونسبة 9.5% من مجمل الدخل. والوسطي الشهري للفرد: 51 دولاراً.
على مستوى الأسرة
والقدرة على الإنفاق
لقد كانت هذه الدولارات الخمسين للفرد تعادل في نهاية 2018: 25 ألف ليرة تقريباً، أي: وسطياً حصة أسرة من خمسة أشخاص كانت 125 ألف ليرة دخل، بينما كانت تكاليف معيشة هذه الأسرة في نهاية 2018: 310 ألف ليرة وفق مؤشر قاسيون لتكاليف معيشة أسرة من 5 أشخاص في نهاية 2018.
أي: إن الدخل الوسطي المتاح لأسرة من الـ 40% الأفقر كان يغطي 40% من الحاجات الثماني الأساسية للأسرة، من الغذاء والسكن والملبس والتعليم والصحة والنقل وغيرها.
أما أسرة من خمسة أشخاص ضمن شريحة الـ 1% الأغنى فكانت تحصل على دخل في نهاية 2018 يقارب: 16250 دولاراً شهرياً، أي: ما يعادل في حينها: 8 ملايين ليرة سورية شهريا،ً وتستطيع أن تغطي حاجات 26 عائلة بالحدود الدنيا للمعيشة المطلوبة في سورية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 987