تقييد توجّه الأموال إلى الصين... مسألة صعبة!

تقييد توجّه الأموال إلى الصين... مسألة صعبة!

تحقق الصين معدلات نمو مرتفعة و6 أضعاف وسطي النمو في مجموع الدول المتقدمة، كما أن مؤشرات تعافي النمو الهامة خلال 2020 بالقياس إلى استمرار الركود العالمي... تفتح احتمالات توسّع التدفق الاستثماري والمالي العالمي إلى الصين، ورغم التحفظ الصيني في إطلاق استثماراتها المالية عالمياً وزيادة ضبطها لخروج الأموال منذ عام 2015 تقريباً، إلّا أنها تزيد من مرونة تدفق الأموال الدولية إليها...

تبلغ سوق سندات الدَّين الصينية 16 تريليون دولار، وقد أصبحت في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، بينما انتقلت اليابان إلى المركز الثالث... حيث يبلغ إجمالي سوق سندات الدَّين الأمريكية: 36 تريليون دولار من ضمنها سندات الدَّين الحكومي التي تقارب 14,4 تريليوناً، وهي سوق مرشحة لخسارة أموال واستثمارات هامة مع المخاطر المالية الناجمة عن التراجع الكبير في المؤشرات المالية الأمريكية، سواء نسبة الدَّين إلى الناتج، أو عجز الحكومة، وحتى الحديث عن انهيار الدولار في العام القادم، الصادر عن أكاديميين من قلب المنظومة الغربية وآخرهم ستيفن روش الرئيس السابق لمجلس إدارة بنك مورغان ستانلي- آسيا.
سوق السندات الصينية تتوسع بشكل كبير، إذ بين عامي 2016-2020 ارتفعت الاستثمارات في سندات الدَّين الصينية بنسبة 77% بعد أن كانت تقارب 9 تريليونات دولار.
وسندات الدَّين الصينية هذه، هي الأوراق المالية التي تصدرها جهات حكومية وغير حكومية صينية وتفتحها للاستثمار المحلي والعالمي. معظم هذه السندات تصدر عن الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية والبنوك الأساسية المملوكة للدولة، بالإضافة إلى شركات الدولة والشركات الأخرى في الصين، وهي طريقة للحصول على التمويل سواء بالعملة المحلية أو بالعملات الدولية. وهي بالجزء الأعظم منها ديون بالعملة الصينية «اليوان» إذ رغم ضخامة سوق التمويل عبر السندات في الصين، إلّا أن مساهمة المستثمرين الأجانب فيها لا تزال قليلة وتقارب: 2,4% تقريباً وحوالي: 380 مليار دولار في 2019.
مع الإشارة إلى أن التمويل الأجنبي عبر السندات ينمو بتسارع هام مع توسع إدراج الصين لسندات دينها في أسواق السندات المرجعية العالمية، وآخرها سيكون مؤشر السندات الحكومية العالمية (WGBI) والذي من المحتمل أن يضيف 150 مليار دولار إلى هذه الاستثمارات. وذلك بعد أن كانت الصين قد انضمت سابقاً إلى مؤشرات جي بي مورغان، وبلومبرغ، وباركليس.
أما في جانب آخر هام من جوانب جذب الأموال الدولية، وهو الاستثمار الأجنبي المباشر المتمثل في استثمار شركات أجنبية تقيم منشآت وأعمال لها على الأراضي الصينية، فإن الصين هي أيضاً الوجهة الثانية عالمياً لهذه الاستثمارات، بمقدار يقارب: 140 مليار دولار في عام 2019 ومعدل نمو يقارب 5,8% سنوياً.
حيث إن نسبة 28% من هذه الاستثمارات تذهب إلى قطاع التكنولوجيا العالية، وما يعادل في 2019: 39 مليار دولار. بالمقابل فإن التدفقات الاستثمارية المباشرة إلى الوجهة الأولى عالمياً وهي الولايات المتحدة بلغت: 251 مليار دولار في 2019 و1,8 ضعف الاستثمارات المتدفقة للصين.
المواجهة الأمريكية مع الصين تعتمد على وزن الأموال الدولية المستثمرة في القطاع المالي الأمريكي، والمعتمدة على الحكومة إلى حد بعيد، سواء عبر سندات دَين الحكومة أو السندات الأخرى التي تَضْمَنها حكومة الولايات المتحدة.
إذ ستسعى الولايات المتحدة إلى منع خروج هذه الأموال وتوجهها إلى المواضع الأخرى مع تفاقم الأزمة المالية الدولية. ولكن سيكون على الولايات المتحدة أن تقف في وجه بعض الحقائق والقوانين الموضوعية التي تقول: إن معدل النمو والمؤشرات الكلية للصين ومستوى الثقة بالأداء الحكومي الصيني، جميعها تعني تحصيل عوائد أعلى من الاستثمار المالي فيها، وتحديداً مع تراجع العوائد أو الدخل المتحقق من الاستثمار في السندات في الولايات المتحدة، وفي مجموع الدول المتقدمة مع استمرار سياسة انخفاض معدلات الفائدة إلى ما يقارب الصفر، أو أقل منه...
وقد تلجأ الولايات المتحدة إلى تقييد حركة رؤوس الأموال ومنع خروج المستثمرين الماليين من السوق الأمريكية بكل الطرق الممكنة لمواجهة هذا الاتجاه الموضوعي... سواء عبر القوانين الحمائية أو عبر العقوبات على الصين، وصولاً إلى محاولات (تدمير النمو الصيني). وذلك في ظرف أزمة اقتصادية يرتفع فيها وزن استخدام أدوات (القوّة السياسية) لمواجهة تغيّر موازين القوى الاقتصادية الواضحة، أدوات تتنوع من القوانين إلى الحروب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
985