كيف جَنَّت الأسعار وكيف استكانت؟

كيف جَنَّت الأسعار وكيف استكانت؟

موجة ارتفاع الأسعار هدأت واستقر التدهور عند حد جديد حتى الآن... القرارات والقوانين منعت إعلان سعر الصرف في السوق، ولكن الأسعار التي ثبتت على السعر المعروف للجميع تفضح ما لا يقال. الأرز، السكر، البيض، الدواجن، المنتجات المصنعة محلياً والمستوردة انتقلت على سلم الأسعار بمستويات قياسية، وانخفضت بعدها بنسب لا تذكر، وما ارتفع 400 ليرة مثلاً انخفض بمقدار 50 ليرة!

هل خرج أحدهم وفسر لنا ما الذي جرى واستجد؟ بالطبع لا... التصريحات الحكومية الأكثر عمومية ربطت الموجة الجنونية بالعقوبات دون وجود ربط واضح ومباشر، بعض التحليلات الأخرى ربطت بالوضع في لبنان باعتباره أدى إلى صعوبات في الاستيراد وحجز للأموال وعمليات تهريب دولار إلى لبنان كما تحدث البعض وألقى بالتحليلات... ولكن وضع لبنان لم يتغير، والمصارف اللبنانية لم تفرج عن أموال السوريين إلا من رضي منهم أن يخسر 30% من ماله تقريباً!
فكيف جَنَّ سعر الدولار، وكيف استقر على المستوى الجديد؟! يصعب أن يخرج أحدهم ويعطي تحليلات اقتصادية محدّدة.
إنَّ الوضع المضطرب وغير المستقر والنشاط المضاربي يقتضي هذا النوع من الصدمات، بل يخلقه أيضاً. فأنت لا تستطيع المضاربة على الدولارات التي بين يديك إن لم «تقم قائمة السوق» وتضطرب الأسعار وتتقلب لتعمّ حالة من السعي لبيع وشراء القطع الأجنبي.
ولكن المضاربين أيضاً لا يستطيعون أن يقوموا بأعمال من هذا النوع إلا في ظروف عدم استقرار عميقة، سياسية واقتصادية... وبيئة العقوبات وظرف الاحتقان الاجتماعي والحاجة السورية العميقة إلى تغيير جذري عميق، وعدم إمكانية الركون إلى استمرارية الوضع الحالي جميعها عوامل سياسية تجعل الاضطراب الاقتصادي أمراً واقعاً. لا يملك أحد ثقة جدية بإمكانية استقرار أعماله، وبالتالي لا يجازف أحد بمال كثير وبأصول ثابتة، ويميل جميع أصحاب المال نحو الضربات السريعة في التجارة والمضاربة.
الوضع الاقتصادي كان وما زال مسيّساً إلى حدّ بعيد، فالإنتاج لن يستقر ويتوسع طالما أنَّ المنتجين السوريين يعلمون أن زمام القرار تتبع الممسكين بزمام المصالح والموارد الكبرى من كبار المضاربين ورجال الصفقات السريعة، وانتهاز فرص الحرب. وإلى أن يستطيع عموم السوريين الراغبين بالاستقرار أن يمتلكوا قراراً في السياسة والاقتصاد، فإنه من الصعب الخروج من الأزمة الاقتصادية، ومن قدرة المضاربين على خلق الموجات الجنونية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
951