سورية وروسيا وغاز المتوسط...
عبد الكريم أحمد عبد الكريم أحمد

سورية وروسيا وغاز المتوسط...

إذا ما كان حوض شرق المتوسط.. متوسط الحجم من حيث الاحتياطيات المتوقعة: 10 تريليون متر مكعب... فإن حصة سورية قد تكون الأقل إذ إنها تقع عملياً في طرف مثلث تركيز الاحتياطيات الذي مركزه في المياه الإقليمية المحتلة للشواطئ الفلسطينية وقاعدته في مصر، وكلَّما اتجهنا شمالاً وشرقاً في حوض المتوسط فإن الاحتمالات تصبح أقل.

رغم هذا فإن البلوكات الثلاثة المحددة في المياه الإقليمية السورية قد تشكل احتياطياً جيداً بالقياس إلى الطلب المحلي السوري، ورافداً لاحتياجات الطاقة الكبيرة في مرحلة إعادة الإعمار القادمة، وفق تقديرات سابقة للمعهد الأمريكي للمسح الجيولوجي USGS (US Geological Survey).
حتى اليوم لا يوجد أي تقدير فعلي موثق ومعلن لحجم الاحتياطي السوري في البحر، ولكن كل التقديرات تشير إلى أن الغاز أو النفط السوري المتوقع في المتوسط قد لا يكون بفائض تصديري، وتحديداً مع ارتفاع احتياجات سورية للطاقة في المرحلة القادمة، فسورية بمستوى نمو أقل من 5% قبل الأزمة كانت تحتاج إلى استيراد جزء من حاجاتها للغاز عبر مصر، وستزداد هذه الحاجة مع العودة للنمو المرتفع المتوقعة في إعادة الإعمار.
عمليات المسح والتنقيب الجدية قد تبدأ مع الحديث عن عقود مع شركات روسية في بلوكين من ثلاثة. الملفت أن هذه العقود لم يتم توقيعها في إطار اللقاء الرسمي للجنة المشتركة السورية الروسية التي التقت في موسكو مؤخراً، بل تم الإعلان عن الاتفاق من وزارة النفط وفي تصريحات للوزير تحدثت عن عمليات المسح مع شركات روسية خاصة إحداها شركة كابيتال.
وتنبغي الإشارة إلى أن الكثير من المواد الإعلامية تربط هذه الأخبار عن عقود الاستكشاف في المياه الإقليمية بالمصالح الروسية في غاز شرق المتوسط، ولكن التدقيق في المعطيات والأرقام تشير إلى أن الاهتمام الروسي الرسمي عند مستويات متدنية، فعملياً كامل غاز شرق المتوسط لا يتعدى خُمس الاحتياطي الروسي، ولن يهدد الإمدادات الروسية إلى أوروبا لتكون روسيا مضطرة إلى حجز حصة فيه، هذا عدا عن أن الغاز السوري ليس مؤكداً، ولن يكون بحجم يُذكر بالنسبة للاحتياطيات الروسية.
ولكن الكميات السورية قد تكون هامة لشركات خاصة روسية ولقوى اقتصادية محلية تسعى إلى ضمان مستقبل موثوق في قطاع الطاقة السوري.
اقتصر الحديث الرسمي السوري عن هذه العقود على مستوى الوزارة وخارج اللقاءات الرسمية السورية الروسية، ولم تعلن تفاصيل، رغم أن العقود يفترض أن تشمل المدة الزمنية، ومستوى التكاليف الاستثمارية للمسح والاستكشاف والاستخراج، وحصة الشركات في مرحلة استرداد التكاليف التي تكون عالية عادة، ولكنها وسطياً تقارب 40-55%، ومن ثم حصتها التي يفترض أن تنخفض بعد استرداد التكاليف، كما في العقود المصرية مع الشركات الأجنبية على سبيل المثال لا الحصر.
لم يتم الإعلان عن هذه الشروط والمعلومات التي تمسّ استثمار الموارد والثروات المحلية، سواء في العقود البحرية أو حتى في عقود النفط البرية التي تمّ أيضاً التوقيع والمصادقة عليها مؤخراً في منطقتي البلوك رقم 7 والبلوك رقم 19 مع الشركات الروسية الخاصة: شركة ميركوري، وفي منطقة البلوك رقم 23 مع شركة فيلادا.
إن تجربة العقود السابقة في المجالات الأخرى غير النفطية سواء في الفوسفات أو الأسمدة أو استثمار المرفأ، تنبئ عن نسب استثنائية للشركات المتعاقدة ونسبة منخفضة لا تتعدى 30% للمال العام، وتشير أيضاً إلى وجود شركات وسيطة سورية لديها أيضاً حصص من نسبة الشركات الروسية الخاصة المتعاقدة.
فإذا ما كان هذا الحال في القطاعات الأقل ريعية من النفط والغاز، والتي تكون النسب عادة فيها أقل، فكيف يكون الحال في قطاع النفط والغاز؟ ولماذا لا يتم الإعلان عن تفاصيل العقود من حيث المدد والتكاليف وحصة المال العام وجميع الأطراف المشاركة؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
946