تحولات في التصنيع العالمي خلال ثلاثة عقود

تحولات في التصنيع العالمي خلال ثلاثة عقود

تغير الكثير في خارطة التصنيع العالمي، خلال العقود الثلاثة الماضية ومنذ عام 1990 إذ بدأت القيمة المضافة الصناعية (أي الثروة الصناعية الجديدة المنتجة سنوياً) تنزاح من الدول الصناعية الأساسية* إلى الدول النامية، وتحديداً القوى الصناعية الصاعدة... فأين تنتج منتجات العالم الرئيسة، وتولد الثروة الصناعية الجديدة؟خلال هذه العقود كثر الحديث عن تراجع دور التصنيع العالمي مقابل تقدم قطاع الخدمات والمال تحديداً، ولكن البعض يناقش أنه إذا ما كان هذا ينطبق على الدول الصناعية المتقدمة (مثل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان) فإن الحال ليس كذلك في الدول الأخرى والصاعدة تحديداً، مثل (الصين والهند بالدرجة الأولى) التي احتوت توسّع التصنيع العالمي خلال العقود الماضية. 

خلال الفترة بين 1990- 2016 تضاعفت القيمة المضافة الصناعية المنتجة عالمياً والتي يرمز لها (MVA)، ولكن التضاعف في الدول النامية بلغ أكثر من أربع مرات، بينما في الدول الصناعية المتقدمة كانت الزيادة أقل من الضعف. تقود هذا التوسّع دول كبرى محددة في قائمة الدول الصاعدة صناعياً، وتحديداً الصين، تليها الهند فالبرازيل وإندونيسيا والمكسيك على التوالي من حيث الوزن.
لقد تغيرت خارطة إنتاج MVA كثيراً، وأصبحت الدول الصناعية الصاعدة تساهم بنسبة تقارب 40%، بينما كانت تساهم بأقل من 18%، وقد توسّعت على حساب تراجع مساهمة الدول الصناعية المتقدمة.

الصين أكبر منتج صناعي عالمي

التغير يظهر أكثر على مستوى الدول التي تقود الإنتاج الصناعي العالمي، حيث أصبحت الصين المصنّع العالمي الأكبر تليها الولايات المتحدة، وبفارق كبير، حيث ناتج الصين الصناعي أعلى من الولايات المتحدة بنسبة 50%.
تتجلى «المعجزة الصينية» بالتصنيع، ويظهر هذا في رفع الصين لمساهمتها في التصنيع العالمي من قرابة 3% في مطلع التسعينات إلى قرابة 24% في 2017، وأصبحت لوحدها تخلق ربع القيمة المضافة عالمياً، بينما الولايات المتحدة تنتج 16% من الإنتاج الصناعي العالمي.

مساهمة كل دولة من الناتج الصناعي العالمي

الصين انتقال نوعي تكنولوجي

إنّ كلاً من الصين والولايات المتحدة قوتان هائلتان من حيث الموارد والسكان، وهما تعتمدان على الكم والنوع في الإنتاج الصناعي، فالصين مع التوسّع الكبير في صناعاتها متوسطة وعالية التكنولوجيا التي أصبحت تشكل نسبة 41% من إنتاجها الصناعي تحولت إلى أكبر منتج ومصدّر عالمي لهذه الصناعات. بينما النسبة الأعلى في كوريا وألمانيا اللتين نسبة 63-62% من إنتاجهما الصناعي عالي التكنولوجيا، والنسبة في الولايات المتحدة 47%.
ارتفاع المستوى التكنولوجي يترافق مع انخفاض في مستويات التشغيل الصناعي في هذه الدول، وعلى الرغم من أن الصين تشغل 80 مليون عامل في صناعتها وبما يعادل مجموع المشتغلين في صناعة الدول المتقدمة، إلا أن تراجع عدد المشتغلين في الصناعة الصينية سريع نتيجة الاستبدال الآلي وتغيير بنية الصناعة الصينية، حيث ترافق توسّع الإنتاج مع تراجع عدد العمال بمقدار يقارب 20 مليون عامل بين 1990-2016.
أيضاً التغير التكنولوجي يؤثر على مستويات أسعار السلع الصناعية عبر العالم، ويخفضها مع زيادة الإنتاج، إذ انخفضت أسعار السلع الصناعية في الدول المتقدمة بنسبة 25%، وفي الدول الصاعدة والنامية بنسبة 30% أيضاً خلال العقود الثلاثة الماضية.

عن تقرير منظمة unido- 2018

إن دخول دول جديدة خلال العقود الماضية على قطاع التصنيع العالمي أحدث نقلة نحو زيادة عدالة توزيع الإنتاج الصناعي عبر العالم... واستطاعت العديد من الدول إحداث خرق سريع أهمها الصين، والهند إندونيسيا والبرازيل والمكسيك، وكانت هذه الدول هي الدول الأساسية المساهمة في تخفيض عدد فقراء العالم ورفع مستويات الدخل. إلا أن مستويات أداء هذه الدول يختلف كثيراً، فعملياً الصين هي الوحيدة القادرة على مواكبة مستوى التصنيع عالي التكنولوجيا في الدول المتقدمة وما يستتبع هذا من زيادة في حصَّة التصدير العالمية... 

 

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
945
آخر تعديل على الإثنين, 23 كانون1/ديسمبر 2019 13:39