الحرب التجارية مستمرة.. لإيقاف الصين!
رغم المفاوضات بين الولايات المتحدة والصين حول الحرب التجارية، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن.. المفاوضات في الأسبوع الماضي استهدفت عملياً الوصول إلى اتفاق قبل 1 آذار، وهو موعد تطبيق تعرفات جمركية أمريكية أوسع على البضائع الصينية.
حتى الآن فرضت الولايات المتحدة تعرفة بمقدارٍ يقارب 250 مليار دولار على البضائع الصينية، وردّت الصين بتعرفة على البضائع الأمريكية 110 مليار دولار. وتهدد الإدارة الأمريكية بتعرفة إضافية تصل إلى 267 مليار دولار، والتي ستطال كل المستوردات الصينية إلى الولايات المتحدة.
ليكون مجموع التعرفات الجمركية الأمريكية المطبقة، والمزمع تطبيقها يقارب 506 مليارات دولار، بينما التعرفات الصينية المطبقة تصل إلى 130 مليار دولار حتى الآن.
آثار المعركة التجارية
لم تظهر مجمل آثار الحرب التجارية بين البلدين، ولكن يشير بعض الخبراء أن الحرب التجارية لم تحمل إلى الآن أثراً على قطاع الحديد الصيني على سبيل المثال، وهو من أول القطاعات التي طبقت عليها التعرفات. فالقطاع تلقّى دعماً في الصين من تسارع الطلب المحلي، ورغم تراجع صادرات الحديد والألمنيوم بنسبة 8% في العام الماضي، إلّا أن هذا التراجع لم يؤثر على عمليات الإنتاج الإجمالي، فالصين زادت من إنتاجها للحديد في 2018، من 831 مليون طن إلى 928 مليون طن، لتنتج ما يقارب نصف الإنتاج العالمي.
ساعد تسارع الطلب المحلي لتعويض خسارات الصادرات، وبالمقارنة فإن صناعة الحديد الأمريكي في العام الماضي تراجعت بمقدار 86,7 مليون طن.
التعرفة الجمركية لم تؤثر على القطاع الصيني، لأن مشتريات الولايات المتحدة من الحديد الصيني، تتراجع منذ عقد تقريباً: حيث تراجعت من 5,4 مليون طن في 2006، إلى 1,2 مليون طن في عام 2017. وهي اليوم تشكل نسبة 2% فقط من واردات الحديد الأمريكية. بينما تبيع الصين معادنها اليوم داخل الصين وإلى الدول الآسيوية الأخرى بالدرجة الأولى.
الاستثمارات الخارجية
على مستوى الاستثمارات يبدو أن الحرب التجارية الأمريكية لم تؤثر على الاستثمارات الأمريكية في الصين، إذ لا زالت تتوجه إلى الصين وتحديداً في القطاعات الحساسة: كالصناعات عالية التكنولوجية التي نمت فيها الاستثمارات الأجنبية بنسبة 40,9% في سنة واحدة. وزارة التجارة الصينية صرحت بأن القطاعات الأساسية في مجالات المعلومات وتكنولوجيا التواصل، وخدمات التطوير والتصميم، وقطاع المعدات العلمية والتكنولوجية، قد نمت بنسب: 168,6%، 35,8%، و62,9% على التوالي.
إجمالي الاستثمار الآتي إلى الصين من الولايات المتحدة قد ازداد بنسبة 124,6%، على الرغم من أن مجمل الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى الصين قد تراجع بنسبة 4,8%.
تدفقات الأموال إلى الصين قاربت 234 مليار دولار في 2018، بارتفاع بمقدار الثلث عن مستوى عام 2016، بينما خرج منهاما يقارب 102 مليار دولار، لتعود التدفقات الصافية، وهي الفرق بين الداخل والخارج إلى مستوى 123 مليار دولار، قريبة من مستوى 2006-2007. ومن المتوقع أن تزداد إلى حدود 230 مليار دولار بين 2019-2030، وفق توقعات روبين شنغ اقتصادي في مورغان ستانلي.
ثلاث (مشاكل كبرى) لن تحل
في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة هنالك ثلاثة عناوين أساسية من الصعب التوافق عليها، حيث لن ترضى الصين بالتراجع فيها جميعاً، بينما تضغط الولايات المتحدة في هذه المواضع تحديداً.
أولاً حقوق الملكية: حيث تتهم الولايات المتحدة الصين بسرقة حقوق ملكية الشركات الأمريكية، عبر إجبارهم بنقل التكنولوجيا إلى الصين. الصين ردّت عِبر إنشاء محكمة حقوق ملكية وسن قوانين لتنظيم العملية. ولكن الولايات المتحدة لا تريد التجاوب مع هذا الطرح القانوني، إذ تقول بأن القضاء الصيني تحت سيطرة الحزب الشيوعي، وأنه لن يحكم لصالح الشركات الأمريكية.
ثانياً: الوصول إلى الأسواق: إن نجاح الاقتصاد الصيني بُني على خلفية التخطيط الاقتصادي، ووضع أهدافاً محددةً ومصممة للشركات الحكومية الكبرى. وهذا على العكس من نموذج الأعمال الصيني الأمريكي. الولايات المتحدة تعتبر أن الصين تدعم شركاتها الحكومية بشكل غير عادل، وتعطيها القروض منخفضة التكلفة، لمساعدته على المنافسة في الأسواق الخارجية العالمية، وتحديداً في قطاعات: مثل صناعات الفضاء.
ثالثاً: مشروع صنع في الصين 2025: خريطة الطريق الصناعية الصينية، قد تكون الجدار الأعلى بين البلدين، وهي قد أرعبت الأمريكيين، الذين اعتبروها تحدياً مباشراً للقيادة الاستثنائية الأمريكية في قطاعات، مثل: الفضاء، وأشباه المُوصلات، وG5. الأهداف الصينية في القطاعات عالية التكنولوجية، هي عملياً المطبّ الأكبر بين الطرفين. (ما تريده الولايات المتحدة فعلياً هو أن تغير الهيكلية الاقتصادية للصين.. هذا ما قاله البرفسور كروستوفر بالدنغ من جامعة بكين. تريد الولايات المتحدة من الصين أن تصبح بلداً صاعداً اعتيادياً، ولكن الصين لا تريد ذلك)..