مزارعو الرقة: لم ييأسوا بعد من القطن
يفترض أن تكون الفترة الحالية من العام، هي نهاية موسم جني القطن، هذا الموسم الذي أصبح يزرع في جزر معزولة، وكميات قليلة، بعد أن كان الموسم الثاني من حيث الأهمية في سورية، بعد القمح.
لا تزال أرياف الرقة والحسكة تنتج القطن بكميات قليلة، بينما طويت صفحة إنتاجه في حلب ودير الزور، وبقي القليل في الغاب وحماة. قاسيون ترصد أوضاع زراعة القطن في أرياف الرقة التي كانت تنتج ربع القطن السوري في عام 2011.
إنتاج 133 ألف طن
وتراجع 40% في الغلة
زرع مزارعو الرقة في العام الحالي مساحة تقارب 45 ألف هكتار من أراضيهم بالقطن، وهذه المساحة تشكل نسبة 88% من المساحات التي كانوا يزرعونها وسطياً في الأعوام الماضية، والمقاربة لـ 50 ألف هكتار.
بينما كانت المحافظة تزرع في 2011 حوالي: 134 ألف هكتار وفق أرقام المجموعة الإحصائية الزراعية السورية.
المساحة المزروعة في العام الحالي أنتجت 133 ألف طن، وهي كمية قليلة بالقياس إلى المساحة والغلة في الأعوام الماضية. حيث يقول المزارعون: أن إنتاج الرقة في العام الماضي قارب 240 ألف طن، لمساحات تقارب 50 ألف هكتار.
أما الأرقام الحكومية في عام 2016 فتشير إلى أن مجمل الإنتاج السوري من القطن، قد قارب 40 ألف طن، وإنتاج الرقة 25 ألف طن. وهو ما يعني إما أنّ الإنتاج في الرقة قد تضاعف بين عامي 2016 و2017، وهو ممكن بسبب التغير الكبير في الظروف الأمنية للمنطقة. أو يشير إلى نقص في الأرقام الحكومية حول تقديرات الإنتاج الحالية في المحافظة.
يشير المزارعون إلى أن الغلة قد تراجعت بنسبة كبيرة قد تقارب: 40% بين الموسم الماضي والحالي. فبينما قاربت في الدونم حوالي: 480 كغ في 2017. فإنها قد تراجعت في الموسم الحالي إلى 290 كغ، بناء على إنتاج 133 ألف طن ومساحة 45 ألف هكتار.
بينما كانت الغلة الوسطية في الرقة في عام 2011 تقارب 620 كغ في الدونم، أي: أن المحصول في العام الحالي قد خسر أكثر من نصف إنتاجيته، بالمقارنة بمستويات ما قبل الأزمة، وهو مؤشر على مستوى تداعي الظروف الإنتاجية، والبيئية عموماً.
الدونم قد يربح 8 آلاف ليرة
أو يخسر 11 ألفاً
أدى هذا التراجع الكبير في الغلة إلى خسارات لدى المزارعين، وعائدية في الدونم لا تذكر. حيث يشير المزارعون إلى أن منطقتي الزراعة الأساسيتين في المحافظة تعانيان من صعوبات في الإنتاج. ففي مناطق شمال الرقة مثل: (حمام التركمان، سلوك، تل أبيض) والتي تعتمد في ري محصول القطن على الآبار الإرتوازية، فإن وسطي إنتاج الدونم لم يتعدَّ 250 كغ. وبتكاليف للدونم قاربت 260 ليرة للكغ ما بين عمليات ومستلزمات: (الأسمدة، والبذار، والمحروقات، والفلاحة، المكافحة، والسقاية، والقطاف والنقل، والتفريد، والشلول، وغيرها). وبمقابل سعر وسطي 255 ليرة للكغ ما بين 240-270 ليرة. ما يعني أن الخسارة هي المرجحة في زراعة الدونم، وقد تبلغ 11 ألف ليرة في الدونم.
أما في الأراضي المستصلحة التي تروى من مياه النهر والبحيرة وتحديداً الواقعة على سرير النهر، فظروف الإنتاج متشابهة، والتكاليف يمكن أن تخفض منها حوالي 8 آلاف ليرة كلفة المحروقات المستخدمة للري في الآبار في المناطق الأخرى، ما قد يسمح للمزارعين بعوائد تقارب هذا الحد. ولكن في المقابل فإن مناطق سرير النهر، قد عانت بحدة من مرض دودة اللوز الشوكية ما أثرّ على الإنتاج.
أسبابٌ لتراجع الغلة في 2018
يلخص المزارعون في الرقة مجمل الظروف التي تؤثر على إنتاجية محصولهم، ويمكن أن نجملها بالنقاط التالية:
أسعار الأسمدة مرتفعة إلى حد كبير، ما يجعل المزارعين عموماً يقللون من استخدامها، مما يؤثر على الإنتاجية.
المبيدات وأدوية الوقاية مصدرها تركي، ومعظمها فاسد، وبمواصفات غير نظامية، وهي غير فعالة أو ضارة بالمحصول.
البذار كذلك الأمر مهربة من تركيا، وبعض أصنافها سيء جداً، بينما لا تتوفر البذار الحكومية التي كانت معتمدة سابقاً، وتحديداً صنف (رقة 5).
مجمل ظروف الإنتاج والمستلزمات تؤثر على قدرة المحصول على مقاومة المتغيرات البيئية، التي كان لها تأثير هام في الموسم الحالي: فعملياً زرع المزارعون القطن في وقت متأخر ما بين شهري نيسان، وأيار، بينما الزراعة يفترض أن تكون بين آذار ونيسان، وذلك لتأخير هطول الأمطار. وبالمقابل فإن الهطولات المطرية التي حصلت في نيسان، دفعت بعض المزارعين إلى إعادة زراعة بعض المناطق. كما أن مستويات ارتفاع درجات الحرارة العالية في تموز وآب ووصولها إلى 45 درجة كان له تأثير سلبي على المحصول. يضاف إلى هذا أخيراً: قلة المياه الواردة من البحيرة للأراضي على سرير النهر، ما يجعل الرّي غير منتظم، وتطول مدة ريّ المحاصيل لأكثر من 15 يوماً.
القطن يصل تركيا وبيلاروسيا بـ 1,23 دولاراً!
يجمع التجار محصول القطن السوري المتبقي، وقد وصل للحكومة في الموسم الماضي 1500 طن منه فقط، بينما كانت تقديرات الإنتاج تقارب 66 ألف طن. بيانات التجارة تشير إلى أن القطن الخام يصدر بكمية قاربت في 2017: 15 ألف طن، وهذه تصل إلى تركيا، وإلى بيلاروسيا، بوسطي سعر للكغ المصدّر: 1,23 دولاراً، وحوالي 550 ليرة للكغ، أي بربح يقارب نسبة 100% من السعر الوسطي المقدم للمزارع.
وبينما تستمر فوضى زراعة المحاصيل الإستراتيجية، فإن مرابح هامة تصل لجامعي هذه المحاصيل، ومهربيها أو مصدريها النظاميين. ولكن هذه الحالة تتم على حساب إمكانية استمرار هذه الزراعات، فإذا كان المزارعون في الرقة يستمرون بمحاولة الحفاظ على إنتاجهم، فإن المحصول الذي تتدهور مؤشرات إنتاجيته وعائده لن يستمر، أو يتوسع إلّا بعملية انتشال..