استثمار الفوسفات بنسبة 70% للمستثمرين!
اعتباراً من الشهر التاسع في العام الماضي 2017 بدأ التشغيل التجريبي لمعمل إنتاج الفوسفات في مناجم الشرقية بريف تدمر، وبعد إصلاح الأضرار كان من المتوقع أن يعود الإنتاج مع نهاية 2017 إلى مستوى مليون طن من المنطقة المذكور، وصولاً إلى العودة لمستوى 3,5 مليون طن من الفوسفات وهو المستوى المنتج قبل الأزمة...
بتسارع ملفت، ومع بداية العام الحالي أعلنت وزارة النفط عودة تفريغ حمولات الفوسفات للتصدير مع توقعات بتصدير كميات تصل إلى 700 ألف طن نهاية 2017، ورفعها إلى مستوى 3 ملايين طن بالأجل المتوسط مع نهاية العام الحالي 2018، بعد تأمين 500 ألف طن حاجة معامل الأسمدة من الفوسفات.
التوقعات في قطاع الفوسفات متفائلة، حيث تشير التصريحات الرسمية، أن الهدف هو الوصول إلى إنتاج يقارب 10 ملايين طن من الفوسفات، من المناجم في خنيفيس والشرقية في الآجال المتوسطة. وهو ثلث الإنتاج المغربي حيث تمتلك المغرب 70% من احتياطي الفوسفات العالمي.
10 ملايين طن والمرتبة الخامسة عالمياً
وصولنا إلى إنتاج حوالي 10 مليون طن يضعنا في المرتبة الخامسة عالمياً، ويوصلنا إلى إنتاج أكثر من ثلاثة أضعاف مستويات عام 2010 التي تشير المجموعة الإحصائية إلى أنه بلغ في 2010: 3,1 مليون طن من فوسفات كالسيوم طبيعي وفوسفات ألمنيوم كلسي طبيعي وطباشير فوسفاتي مطحون. الذي كنّا نصدره بسعر 65 دولاراً للطن، والملفت أن هذه السعر الوسطي منخفض جداً بالقياس إلى الأسعار العالمية المسجلة للفوسفات الصخري والبالغة نهاية عام 2010: 140 دولاراً للطن. حيث كان الفوسفات ولازال يصدر خاماً في سورية وبسعر أقل من السعر العالمي، وكان وزير النفط السابق العلاو، قد أشار إلى أن السعر المنخفض يعود إلى تصدير جزءٍ هامٍ من الفوسفات جافّاً وغير مغسول بسبب عدم كفاية طاقة معمل الغسل، وبتصديره جافّاً تنخفض نسبة تركيز خامس أكسيد الفوسفور في الكميات المنتجة.
الطاقة الإنتاجية للشركة العامة للفوسفات والمناجم تبلغ 3,5 مليون طن سنوياً، بينما تقدر احتياطيات خامات الفوسفات السورية في منطقة مناجم الشرقية بحوالي 1,8 مليار طن. ولذلك فإن المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية كانت تبحث عن عقود استثمار مع القطاع الخاص، والمشترك لاستخراج ثرواتها المعدنية ومن ضمنها الفوسفات.
عقد لتوسيع إنتاج الفوسفات بـ 2.2 مليون طن
ومؤخراً تم الحديث عن توقيع العقد رقم 66 مع الشركة الروسية ستروي ترانس غاز، بموجب عقد مشترك، وذلك في منطقة مناجم الشرقية في تدمر.
العقد الموقع لمدة 50 عاماً وبإنتاج سنوي قدره: 2,2 مليون طن من بلوك يقدر احتياطيه بحوالي: 105 مليون طن. أي: لفترة زمنية تمتد حتى استنفاذ احتياطي القطاع.
لم يتم توضيح طبيعة العقد، ولكن ذكرت وسائل الإعلام المحلي نقلاً عن مصادر من وزارة النفط، أن المؤسسة العامة للجيوليوجيا ستحصل على حصة تقارب 30%، مقابل 70% للشركة، بالإضافة إلى دفع نسبة 2% أجور أرض وتراخيص، وأجور ونفقات إشراف المؤسسة، وضرائب ورسوم أخرى. بالإضافة إلى حقّ الدولة من كميات الفوسفات المنتجة.
حيث تم تعديل حقّ الدولة من الثروات الباطنية، وفق القانون رقم 7 لعام 2017، ولم يعد السعر محدداً كما في القانون السابق حيث كان حقّ الدولة من الطن لا يتعدى 150 ليرة. بل أصبح السعر يحدد سنوياً، بناء على نسبة من السعر الرائج للمبيع محلياً، مخصوماً منه تكاليف الاستخراج التقديرية، أي: نسبة من المربح، وتحدد هذه النسبة وزارة النفط، بالتعاون مع وزارة المالية، ولكن القانون حدد أنها يجب أن تتراوح بين 15-20% من السعر المحلي بعد خصم التكاليف.
استثمار بأقل من النصف للدولة؟
وفق النسب المذكورة لعقد استثمار الفوسفات، فإن الشركة المستثمرة ستحصل على 1.54 مليون طن من الفوسفات المنتج، مقابل 660 ألف طن للمؤسسة العامة للجيولوجيا، من المساحة المستثمرة. وأما حقّ الدولة، فرغم ارتفاعه وفق القانون الجديد، إلا أنه يشكل نسبة من الأرباح وليس من الإنتاج، وتدفعه كذلك الأمر المؤسسة العامة للجيولوجيا، وليس فقط الشركة المستثمرة!
وهذه النسبة لحصة المؤسسة في القطاع المشترك في مجال الثروات المعدنية والباطنية، هي نسبة غير مسبوقة، حيث إن النسب في قطاع النفط كانت تبلغ 52% تقريباً. وسيحتاج توسيع إنتاج احتياطي الفوسفات السوري، إلى استثمارات وتكاليف مرتفعة، وسيحتاج إلى عقود استثمار لتمويل عمليات الاستخراج، إلا أن حصول المؤسسة على نسبة لا تصل إلى الثلث يعتبر نسبة منخفضة، وتحديداً: أن حقّ الدولة لا يعوض الوصول إلى النصف على الأقل! كونه ليس حصة من الإنتاج بل نسبة من الربح.
تحتاج سورية حالياً إلى كل دخل إضافي يزيد الإيرادات العامة، وتحديداً من القطاعات عالية الدخل مثل: الصناعة الاستخراجية... ورغم أن الأولوية هي لتوسيع هذا الإنتاج سريعاً، ما يحتَّم اللجوء إلى عقودٍ استثمارية، إلا أن التراجع إلى نسبة استثمار 30%، عوضاً عن النصف في هذه القطاعات، هو تراجع تفاوضي كبير، فإذا كان إنتاج الفوسفات السوري سيصل إلى 10 ملايين طن، أي: حوالي مليار دولار بالسعر الحالي المقارب لـ 100 دولار للطن، فإننا سنخسر دخلاً عاماً يقارب 200 مليون دولار بشكل تقديري بسيط.