البريكس والسبع الكبار... أرقام ودلالات

البريكس والسبع الكبار... أرقام ودلالات

شهد القرن الحادي والعشرون تبدلات كبرى في ميزان القوى الاقتصادية العالمية فبعد عقود من الهيمنة الاقتصادية لدول مجموعة السبع الكبار التي تضم (الولايات المتحدة، ألمانيا، فرنسا، كندا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة) على الاقتصاد العالمي، بدأت اقتصاديات هذه الدول بالتراجع والانكفاء وتسارع ذلك مع الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.

مقابل هذا التراجع ازدادت مساهمة دول البريكس في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، حيث تراجع الحجم الاقتصادي لمجموعة الدول السبع الكبار من 43,6% من إجمالي الناتج العالمي عام 2000 وصولاً إلى 30,8 % عام 2016 بنسبة تراجع 29,3%، بالمقابل ازدادت مساهمة دول البريكس من 18,6% من إجمالي الناتج العالمي وصولاً إلى 31,3% من الناتج العالمي عام 2016، لتتجاوز مساهمة مجموعة السبع الكبار، ويأتي ترتيب دول البريكس وفقاً لمساهمتها بالناتج العالمي على الشكل الآتي: الصين في المرتبة الأولى عالمياً، لتأتي الهند في المرتبة الثالثة عالمياً بعد الولايات المتحدة، وروسيا في المرتبة السادسة عالمياً .

المنتج العالمي الأكبر
أصبحت الصين القاطرة التي تقود الاقتصاد العالمي، والمنتج الأكبر وفق مقاييس القوة الشرائية، كطريقة لحساب الناتج تحاول عزل آثار فروقات العملات، فمنذ عام 2013 تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للصين على أساس تعادل القوة الشرائية ناتج الولايات المتحدة، حيث شكل الناتج الصيني 15,9% من الناتج العالمي، مقابل 15,8% لناتج الولايات المتحدة، واستمر تراجع الناتج الأمريكي ففي عام 2016 شكل 15,3% من الناتج العالمي، مقابل 17,7% للصين.
ورغم أن الاتجاه الذي نحته الصين في زيادة حصتها من الناتج لا ينطبق على دول البريكس كلها، التي تعرض بعضها مع الأزمة إلى تراجع في حصته، إلا أن تراجع حصة الولايات المتحدة، هو اتجاه عام لدى دول مجموعة السبع الكبار كلها.

الحصص في التجارة الدولية
تترافق عادة مؤشرات التجارة الدولية مع مؤشرات النمو والناتج، ولكن بالاتجاه العام فقط لحصص الكتل، بينما في التفاصيل تظهر تباينات. فالصين منذ عام 2005 أصبحت المصدر الأول عالمياً. ولكن رغم أن حصة دول البريكس مجتمعة من الصادرات العالمية قد ازدادت كمجموع وازدادت كل منها بنسب هامة، إلا أن مساهمة كل منها في الصادرات التجارية الدولية لا تزال قليلة بالمقارنة مع مساهمتها في الناتج، وبالمقارنة مع مساهمة الدول السبع الكبار. حيث لا تزال أسعار الصادرات من الدول المتقدمة أعلى قيمة وأعلى تصنيعاً، بينما لا تزال صادرات العديد من دول البريكس معتمدة على الخامات والطاقة وبضائع منخفضة القيمة. أي: لا تزال قوانين التبادل اللامتكافئ تعمل عملها، لتنقل التجارة جزءاً من ناتج الدول الصاعدة والنامية وتضيفه إلى ناتج الدول المتقدمة.


التغيرات في الناتج هي تغيرات حاسمة في موازين القوى الاقتصادية، فالمكان الذي تولد فيه الثروة، يحقق تطوراً في قدراته وقواه وفوائضه المالية، ولذلك فإن التغيرات في نمو ناتج دول البريكس كنموذج للقوى الصاعدة، وتراجع ناتج الدول المتقدمة له دلالات اقتصادية هامة. ولكن ما ينطبق على الناتج، لا ينطبق تماماً على التجارة، وجوانب أخرى. فباستثناء الصين التي حققت قفزة في حصتها من الصادرات التجارية الدولية، وأصبحت الرقم واحد عالمياً، فإن دول البريكس الأخرى التي نمت حصت التجارية مقابل تراجع حصة الدول المتقدمة. ولكن مع ذلك بقيت حصتها أقل دولة من الدول السبع، أكبر من حصة كل دولة من دول البريكس باستثناء الصين! فالناتج يزداد في دول البريكس ودول العالم النامي عموماً، إلّا أن آليات التجارة الدولية لا زالت لصالح الدول المتقدمة، وإن كانت حصتها متراجعة.

آخر تعديل على الأحد, 14 كانون2/يناير 2018 21:20