إنهم جادون بكسر هيمنة الدولار
مالك موصللي مالك موصللي

إنهم جادون بكسر هيمنة الدولار

المتابع للأخبار الاقتصادية الدولية يمكنه أن يلاحظ ما يمكن أن نسميه «هجوماً منسقاً» على الدولار الأمريكي، في إطار العملية الجارية عملياً، بقيادة القوى الصاعدة عالمياً، لكسر هيمنة واحتكار الدولار بشكلٍ مشترك.




في بداية الشهر الحالي، أعلنت فنزويلا – التي تملك واحداً من أكبر احتياطيات النفط في العالم- أنها ستحرر نفسها من الدولار قريباً. ولم يكد يمر أسبوع على ذلك، حتى ذكرت الصحف المحلية والأمريكية الشمالية، إن فنزويلا قد توقفت كلياً عن قبول مدفوعات النفط بالدولار، رداً على العقوبات الأمريكية الجائرة بحقها.
وفي السياق ذاته، تستكمل إيران سيرها على طريق استخدام العملات البديلة - واليوان الصيني بشكلٍ خاص، وتفيد بعض التقارير في هذا السياق إلى أن التبادلات الجديدة غير المعلن عن جميعها بين إيران وقطر، والتي تبلغ ملايين أو ربما مليارات الدولارات، تجري باليوان الصيني. ذلك عدا عن الضربة الكبرى التي تلقاها الدولار، حيث فتحت شركة الاستثمار الصينية المملوكة للدولة «CITIC»، خط ائتمان بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي إلى بنوك عدة في الجمهورية الإيرانية لاستخدامها لتمويل مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق في البلاد، الخط الذي سيستخدم عملتي اليورو واليوان بشكلٍ أساسي لتجاوز العقوبات الأمريكية.
وبالتوازي مع ذلك، أعلن موقع الكرملين الثلاثاء أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أوعز  للحكومة للموافقة على تشريع للتخلي عن الدولار الأمريكي في جميع الموانئ الروسية بحلول العام المقبل. وعلاوة على ذلك، لا يزال يتردد صدى حديث بوتين في قمة «بريكس» الأخيرة المنعقدة في مدينة شيامن أوائل أيلول: «تشاطر روسيا مخاوف دول بريكس من عدم العدالة في الهيكل المالي والاقتصادي العالمي، الذي لا يولي الاعتبار الواجب للوزن المتنامي للاقتصادات الناشئة. نحن على استعداد للعمل جنباً إلى جنب مع شركائنا لتعزيز الإصلاحات التنظيمية المالية الدولية، والتغلب على الهيمنة المفرطة لعدد محدود من العملات الاحتياطية».
ولا ننسى هنا طبعاً الضربة الأولى التي وجهتها الصين، حين فتحت الباب للعقود الآجلة للنفط الخام  بسعر اليوان الصيني والذي سيكون قابلاً للتحويل إلى الذهب. وكما جاء في تقرير مركز «نيكي آسيان ريفيو» يوم الثلاثاء الماضي، فقد وصف المحللون هذه الخطوة بأنها «تغيير في قواعد لعبة» صناعة النفط. كما تترافق عمليات التمويل الصيني لمشاريع البنى التحتية عبر مشروعها الحزام والطريق، مع عمليات توقيع الاتفاقيات المالية والنقدية مع المصارف المركزية العالمية لفتح اعتمادات باليوان الصيني، حيث نسبة 34% من البنوك المركزية في العالم انضمت لهذه العملية.
هذا ليس سوى عدد قليل من التطورات التي أثرت على الدولار. وهنا قد يبدو السؤال بديهياً: هل من قبيل المصادفة أن الدول المذكورة أعلاه كلها والتي تجمعها الخصومة مع الولايات المتحدة، تقوم الآن وبوقتٍ واحد بعمليات متوازية لكسر هيمنة الدولار وإعادته إلى موقعه الطبيعي كعملة عادية؟ وحده من لا يريد أن يرى الوقائع بارتباطها مع بعضها يمكنه أن يتغافل عن ذلك...

معلومات إضافية

العدد رقم:
829