معاون وزير: وتجربة المجرب

معاون وزير: وتجربة المجرب

في حديث تداولته وسائل الإعلام لمعاون وزير الإدارة المحلية لؤي خريطة، ذكر فيه أن قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة في الممتلكات العامة والخاصة بلغت حتى عام 2016 حوالي 44 ألف مليار ليرة، موزعة بين 7.36 ألف مليار ليرة أضرار مباشرة و36.540 ألف مليار ليرة أضرار غير مباشرة، وهو مبلغ يعادل 8 مليار دولار وفق سعر صرف 520 ليرة للدولار، بينما بلغ عدد المباني المتضررة للمهجرين داخلياً وخارجياً حوالي 27 ألف مبنى.

الأرقام التي ذكرها معاون الوزير أقل من التقديرات العالمية التي تجاوزت 200 مليار دولار، ولكن ليس هذا بيت القصيد، بل ما جاء في تصريحات المعاون والذي يوضح منطق عمل الإدارة المحلية في المرحلة الحالية، فمعاون الوزير عاد ليطمئننا بأن هناك العديد من المنظمات الإغاثية تعمل في سورية منها 10 منظمات تتبع للأمم المتحدة، ومنظمتان إقليميتان، و17 منظمة دولية، وعدد من الوكالات المتخصصة. وأن العمل جارٍ على قدم وساق بالتنسيق معها وتحت إشرافها فهناك «خطة لتأهيل شبكات الصرف الصحي وإدارة النفايات الصلبة أرسلت إلى منظمة اليونيسيف بانتظار التوقيع، أما تأهيل المناطق ذات الطابع التراثي فيجري العمل عليه بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة»
أي أن معاون الوزير يريد أن يقول: أن إعادة تأهيل بنيتنا التحتية وتراثنا أصبحت مرهونةً بأموال المنظمات الدولية وسياساتها، وهي تصريحات ليست بمطمئنة بل مثيرة للقلق في الواقع، وخاصة عندما تصدر من معاون وزير في الإدارة المحلية، والتي قد تعكس رؤية أصحاب القرار اليوم لحجم وفعالية دور الدولة في المرحلة القادمة، مقابل فعالية المنظمات التي أصبحت محوراً أساسياً في حديث وزارة الإدارة المحلية ونشاطها! المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وغيرها التي تحصل على أموالها من المانحين الدوليين، لن تمنحنا الأموال بالمجان بل سيكون لها شروطها كما جرت العادة، وتجربة دور المنظمات في الحروب وما بعدها تشير إلى أن الدور الخدمي الفعال للدولة هو واحد من أهم الأهداف والضحايا، حيث تبتلع «خدمات المانحين البراقة» الدور الخدمي الحيوي لجهاز دولة ممول بالمال العام...
في الظرف الحالي عندما يستلب المال العام فساداً وهدراً ودماراً، ويفتقد إلى حد بعيد الرؤية الاقتصادية الاجتماعية الوطنية فإن المنظمات تنجح بشكل فعال في ملء الفراغ، ملئه بالشكل الذي يعيق استعادة دور خدمي للدولة، ليصبح التعليم رهن عطاءات وخطط اليونسيف، والإغاثة تنتظر منظمة اللاجئين والمستغيثين، والصحة عبر المسعفين الدوليين، وتمويل المشاريع ينتظر المحسنين، وحتى شبكة الصرف الصحي تحتاج توقيعاً من إحدى العواصم وغيرها الكثير، وعلى الطريق الدولي- الإقليمي- المحلي لمسار عبور مليارات المساعدات الكثير من الفساد المالي والنفاق الاجتماعي...

معلومات إضافية

العدد رقم:
813