من منتدى «الحزام والطريق».. رياح التغيير شرقية

من منتدى «الحزام والطريق».. رياح التغيير شرقية

في تجلٍ واضح للتحولات المستمرة في النظام الدولي وصعود الدور الصيني، شهدت العاصمة الصينية بكين يومي 14 و 15 أيار انعقاد منتدى «الحزام والطريق». المنتدى الذي حضره حوالي 1500 ممثل من أكثر من 130 دولة و70 منظمة دولية، وبتواجد 29 رئيس دولة وحكومة، نتج عنه العديد من اتفاقيات التعاون، والتعهد بمبالغ مالية ضخمة لدعم مبادرة «طريق الحرير» الجديد.

«حزام واحد - طريق واحد» هي مبادرة أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، بهدف تطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية تربط أكثر من 60 بلداً، في الوقت الذي تتوالى فيه الأزمات الاقتصادية العالمية ويعاد تشكيل القوى والعلاقات الاقتصادية عالمياً. هذا ويغطي المشروع مساحات جغرافية حيوية تحتوي على كتلة بشرية هائلة وإمكانيات وموارد متنوعة تشكل ككل أساساً لقوة جديدة تولد في الشرق وتنبئ بمسار جديد للمستقبل، مستقبل قائم على التكامل، التعاون المشترك واحترام الشعوب.
ثلاث قارات
و63% من سكان العالم
يغطي الحزام الاقتصادي لطريق الحرير التاريخي مساحات واسعة تشمل الصين، روسيا وآسيا الوسطى وغرب آسيا ومنطقة الخليج العربي وجنوب وشرق آسيا والمحيط الهندي وأوروبا، أما طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين فيبدأ من الموانئ الساحلية بالصين ويصل إلى المحيط الهندي مروراً ببحر الصين الجنوبي ثم يتفرع إلى الخليج وشرق أفريقيا وقناة السويس انتهاءً إلى سواحل أوروبا، كما يربط الموانئ الساحلية الصينية بجنوب المحيط الهادي. الأمر الذي يشكل شبكة كبيرة من التعاون المتبادل بين ثلاث قارات، آسيا وافريقيا وأوروبا، حيث تباين الموارد والمميزات للدول المشاركة يعطي حيزاً كبيراً للتكامل الاقتصادي والتعاون المشترك. وتتضمن تلك المناطق كتلة بشرية هائلة حيث 63% من سكان العالم يعيشون في دول سيعبرها الحزام، وفي الوقت نفسه هي مبادرة منفتحة تحظى بدعم وتجاوب من 100 دولة ومنظمة دولية حتى الآن.
مشاريع استثمارية
وتبادلات تجارية
أكد الرئيس الصيني في الكلمة الافتتاحية للمنتدى على التوجه الاستثماري الصيني القائم على الاستثمار في البنى التحتية كأساس للتنمية والازدهار، حيث قدم البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية قروضاً بقيمة مليار و700 مليون دولار لتمويل تسعة مشاريع للدول المشاركة في الحزام والطريق، كما تم بناء العديد من السكك الحديدية والممرات الاقتصادية بين الدول المعنية، مثل الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان والصين وروسيا. ومن جهة أخرى تعمل الصين مع الدول المشاركة على دفع وتسهيل التجارة والاستثمار وتحسين ظروف مداولة العمل حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين الصين والدول على طول الحزام والطريق 3 تريليون دولار ووصل إجمالي استثمار الصين في تلك الدول إلى أكثر من 50 مليار دولار، وأقامت الشركات الصينية 56 منطقة تعاون تجاري في أكثر من عشرين دولة، ما دفعت ملياراً ومئة مليون دولار من الضرائب، وخلقت 182 ألف فرصة عمل فيها. ولحل مشكلة التمويل قامت الصين بالتعاون مع الدول المشاركة بخلق آليات ومؤسسات مالية جديدة كبديل عن المؤسسات المالية التقليدية، مثل إنشاء الشركة المالية (16+1) بين دول وسط وشرق أوروبا، والاستثمار في صندوق الحرير بقيمة 4 مليار دولار. هذا وقد كان الرئيس الصيني قد تعهد بتقديم 124 مليار دولار لخطة طريق الحرير الجديدة ومبالغ إضافية لدعم صندوق التعاون بين دول الجنوب، بالإضافة إلى سلسلة مشاريع تعليمية وصحية وغيرها، وتخصيص 10 آلاف منحة دراسية للدول النامية على طول الطريق. كما تم الإعلان عن خطة لإنشاء صندوق استثماري بين الصين وروسيا بقيمة 100 مليار يوان أي حوالي 14مليار دولار يهدف لتنمية التعاون بين المناطق الشمالية الشرقية من الصين والشرق الأقصى الروسي.
مشروع سلام وتنمية
لقد أوضح الرئيس الصيني في الكلمة الافتتاحية للمنتدى إننا نعيش اليوم في عالم تكثر فيه التحديات حيث تحتاج تنمية الاقتصاد العالمي إلى قوة محركة جديدة قائمة على التوازن وإلى تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء التي تؤدي إلى استمرار الاضطرابات وتفشي الإرهاب. حيث يشكل عجز التنمية تحدياً خطيراً أمام البشرية بأكملها. وأن تحقيق التنمية الاقتصادية وحل مشكلة تفاوت الدخل تتطلب تعزيز التعاون في قدرات الإنتاج والمعدات وابتكار نظام مالي جديد، وكذلك إنشاء مناطق تجارة حرة وتجارة متعددة الأطراف، حيث تعني المبادرة التكامل الاستراتيجي بين عدة مبادرات بما فيها تحالف اقتصاد أوراسيا التي طرحتها روسيا.
كذلك تسعى المبادرة إلى بناء طريق الحرير العقلي والعلمي لترسيخ التعاون العلمي والتعليمي والثقافي وإلى دعم الابتكار والحفاظ على البيئة وتحقيق تنمية مستدامة قائمة على العيش المشترك بين الحضارات بدلاً من الصراع والانعزال الحضاري.
وأضاف: «إن طرق الحرير القديمة ازدهرت في أوقات السلام لكنها فقدت القوة في أوقات الحرب، والسعي وراء مبادرة الحزام والطريق يتطلب إيجاد بيئة سلمية ومستقرة» موضحاً «لن نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى. ولن نصدّر نظامنا للمجتمع ونموذج التنمية، بل إننا لن نفرض وجهات نظرنا على الآخرين».
إن مشروع «طريق الحرير» الجديد الذي تعمل عليه الدول الصاعدة اليوم هو مشروع يحمل في طياته الكثير من عوامل القوة الكمية والنوعية التي تؤهله لأن يمثّل نمطاً جديداً من العلاقات الدولية وبديلاً عن النمط السائد في المنظومة الحالية القائمة على النهب وعدم المساواة، تتمثل عوامل القوة تلك في حجم القوى المنتجة وحجم الموارد المتوفرة في الدول التي سيعبرها الحزام، تلك الدول المصنفة على قائمة الدول النامية والطرفية في المنظومة الرأسمالية، والأهم هو وجود توجه وإرادة لبناء المشروع على أساس التكامل والتعاون المشترك، ما يعني أن نبضاً جديداً يتكوّن اليوم في الشرق..

 

63%

من سكان العالم يعيشون في دول سيعبرها الحزام

3

تريليون دولار حجم التبادل التجاري بين دول المبادرة

50

مليار دولار استثمارات الصين في الدول على طول طريق الحرير

معلومات إضافية

العدد رقم:
811
آخر تعديل على الأحد, 21 أيار 2017 10:48