نزار عادلة نزار عادلة

الحكومة تسابق التجار في رفع الأسعار.. والاقتصاد الوطني والمواطن يدفعان الثمن!!

حتى الآن أكثر القرارات الحكومية تهدف بشكل عام إلى إرضاء أصحاب الرساميل الكبيرة والتجار والسماسرة ومنها: الإعفاءات الكبيرة من الضرائب والرسوم وأبرزها قانون إعفاء المكلفين بالضرائب والرسوم المالية، وإعفاء المكلفين بالمنشآت السياحية، وضريبة البيوع العقارية من جميع الفوائد والجزاءات والغرامات على اختلاف أنواعها، وإضافاتها العائدة لعام 2011 وما قبل إذا ما سددوا الضريبة أو الرسم، وفي جانب آخر تتخذ الحكومة قرارات معاكسة أو غير مدروسة، ومنها قرار رفع الفائدة بالنسبة لقروض الصناعيين، والمترافق مع التخبط القائم في سعر الصرف، وهذا ما ينعكس على المواطن سلباً، من خلال الارتفاع الدائم في الأسعار.

رفع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي
ارتفعت مؤخراً اسعار الأسمدة الآزوتية ــ الفوسفاتية ــ البوتاسية، وأشار مدير عام شركة الأسمدة إلى أن الأسعار الجديدة، تضمنت حساب كلفة الطن مع هامش ربح /4%/، ليصبح سعر طن سماد سوبر فوسفات 25500 ليرة للطن بدلاً من 19100 ليرة، وسعر الطن الواحد من سماد اليوريا 21160 ليرة للطن بدلاً من 16260 ليرة، وسعر الطن الواحد من سماد نترات الأمونيوم 15000 ليرة للطن بدلاً من 11840 ليرة للطن.
وفي عام 2008، تمت زيادة أسعار المازوت والأسمدة بنحو 20 ل.س لليتر المازوت، كما تمت زيادة أسعار الأسمدة نسب وسطية تصل إلى 200%، والإحصاءات آنذاك كانت تقول، إن مجموع تكاليف إنتاج الدونم الواحد من القطن ارتفع بقيمة 2785 ل.س وبنسبة تصل إلى 20% من التكلفة، وارتفعت تكلفة نطيره من الشوندر السكري بقيمة 2278 ل.س، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج الأخرى من حراثة، وزراعة، وأدوية، ونقل ومدخلات الإنتاج الأخرى، وبالتالي، كان مجموع الارتفاع لا يقل عن 60% من مجمل تكاليف عملية الإنتاج، في حين لم ترتفع الأسعار التي يتقاضاها الفلاح لقاء بيع محاصيله الزراعية للحكومة خلال السنوات الماضية إلا بنسبة أقل من 50%.

«أسباب رسمية»!
اتخذت المؤسسة العامة للاسمنت قراراً برفع أسعار مادة الاسمنت من المنتج الوطني للقطاع العام إلى 6600 ل.س للطن الواحد، بزيادة مقدراها 900 ل.س، وتساءلت الصحافة المحلية عن اسباب رفع سعر هذه المادة في هذا الوقت بالذات، وأجاب مدير عام المؤسسة، بأن رفع سعر مادة الاسمنت ليست الغاية منه بحد ذاتها لرفع الأسعار، بل جاء نتيجة لأسباب موضوعية، أهمها رفع مادة الفيول الذي انعكس بشكل مباشر واساسي في ذلك، وتحملت المؤسسة الكثير قبل رفع الأسعار، مع الحصول على توريدات أساسية في إجراءات، وآليات، ومستلزمات إنتاج المادة، وزاد من تكاليف الإنتاج خاصة، وزيادة سعر مادة الفيول الذي ساهم بنسبة 90% في قرار رفع أسعار الاسمنت.

من يرفع الأسعار؟!
مؤخراً حدثت أزمة في تأمين الغاز، وبعد الأزمة أصدر وزير الاقتصاد قراراً حدد بموجبه سعر مبيع أسطوانة الغاز المعدنية الفارغة سعة 12.5كغ بـنحو 2200 ل.س كحد أقصى، وذلك عند البيع للعموم، كذلك ُرفعت تعبئة الأسطوانة من 240 ل.س إلى 460 ل.س، واصبح الغاز الآن متواجداً في الأسواق في كافة المدن.
رفعت مؤخراً وزارة الاقتصاد أسعار الدقيق، واعترضت على القرار جمعية حماية المستهلك على الطريقة التي تم فيها رفع سعر الدقيق التمويني مؤكدة أن هذا الرفع، ورغم مبررات وزارة الاقتصاد أدى إلى إيجاد حجة لرفع أسعار المنتجات التي يدخل في تصنيعها الدقيق، وكانت الوزارة قد رفعت أسعار الدقيق إلأى 33515 ل.س للطن، والهدف من وراء ذلك، هو تخفيض العجز التمويني، أي أن مبرره حسابي، ويعود إلى الحسابات ما بين شركة المطاحن ومؤسسة الحبوب، والنتيجة، ارتفاع أسعار كافة المنتجات، وانعكاس ذلك سلباً على حياة المواطن السوري.

والكهرباء أيضاً
يتحدث وزير الكهرباء منذ أشهر عديدة عن دعم المواطن في فاتورة الكهرباء، ويقول الوزير: إن الكيلو واط الساعي يكلف الدولة 10 ل.س، في حين يباع للمواطن بليرتين فقط، والتكلفة كما يقول الوزير تقديرية، ولا يمكن حصرها، لآن التكلفة تتداخل مع الهدر الحاصل في الطاقة الكهربائية والمقدر بنحو 26%، ولم يتحدث الوزير عن الفساد في وزارة الكهرباء عن الخلل الإداري الذي أدى إلى شرخ بين العاملين والإدارات عن أبعاد الخبرات الإدارية والكوادر الفنية،  وعن قصور الجهات الحكومية خلال الأعوام الماضية عن التفكير بتأمين الطاقة من مصادر بديلة، كالحجر الزيتي، والغاز الطبيعي، والسدود المائية، واللواقط الضوئية، والرياح المتوفرة في الطبيعة والمناسبة لإنشاء 7 مزارع لتوليد الطاقة من خلال الرياح.
تقدم عشرات المستثمرين لإقامة منشآت صناعية إنتاجية على مستوى كبير، ولم تقم هذه المنشآت بسبب عدم تأمين الكهرباء، وتركت مشاريعهم، وغادروا سورية، ويحمل الوزير هذا القصور للمواطن، علماً أن الهدر أو الفاقد الكهربائي يكلف الدولة أكثر من دعم المستهلكين.
وقبل اشهر تم رفع سعر ليتر البنزين وانعكس ذلك على المواصلات وعلى سلع عديدة في السوق المحلية، ارتفع سعر العلف، ومع هذا الارتفاع ارتفع سعر الدواجن، وتضاعف سعر طبق البيض أيضاً، فمن وراء كل هذه الارتفاعات في الأسعار.

مؤشرات هامة
لا توحي مؤشرات هذه السياسة الحكومة بالتفاؤل، حصوصاً في هذه المرحلة التي تعيشها سورية اليوم، فمعاون وزير الاقتصاد لشؤون التجارة الداخلية يبرر ارتفاع الأسعار قائلاً: «بالعرف التجاري سعر الصرف صار هاجساً مرعباً، لكن الجشع صار عند باعة المفرق، فباعة المفرق صاروا يبيعون المادة التي سعرها 66 ليرة سورية بسعر 77 ل.س، وهو يعرف بسعر الصرف». وهنا لن أدافع عن باعة المفرق أو الجملة، ولكنني أسأل السيد معاون الوزير: هل التجار وباعة المفرق هم من رفعوا أسعار البنزين والأسمدة والعلف والاسمنت والدقيق ومواد أخرى عديدة؟! وما هي الإجراءات التي قامت بها الحكومة لوقف ارتفاع الأسعار؟ بالطبع سؤال ساذج، كيف نسأل إذا كانت الحكومة هي من تقوم برفع الأسعار، وأن سعر الصرف الذي يتهاوى يعني بشكل واضح فشل السياسة النقدية!.. بالمحصلة انخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية، مع غياب الرقابة التموينية، وتحكم التجار والسماسرة بالسوق، سيوصل المواطن إلى حافة الهاوية
في هذه الظروف، وأمام هذا الخلل العام، لا يمكن أن نطالب بسلم أجور متحرك من حكومة تعمل على إفقار الشعب السوري، وهي كحكومة العطري التي بدأت في هذا الاتجاه، ولا تزال الحكومة الحالية تسير على النهج ذاته..

معلومات إضافية

العدد رقم:
542