70% من الموازنة مغطاة بإيرادات محلية..
إذا ما كانت الحكومة ستنفق 2660 مليار ليرة في عام 2017 وفق اعتمادات موازنتها المعلنة، فإن نسبة 71% منها سيتم تغطيتها بإيرادات الحكومة العامة، أما باقي مبالغ الإنفاق ستستكمل تغطيتها بالاستدانة من المصرف المركزي أي عبر التمويل بالعجز، وبالاستعانة بقروض خارجية..
قاسيون تستكمل بحث أرقام موازنة عام 2017 وتبحث في جانب الإيرادات، فمن أين تأتي مصادر الإيرادات العامة لجهاز الدولة؟!
عشتار محمود
لا بد أولاً، من تقدير رقم الإيرادات العامة بين عامين، باستخدام سعر الصرف المقرر في الموازنة العامة والبالغ 250 ليرة مقابل الدولار في عام 2016، مقابل 470 ليرة مقابل الدولار في موازنة عام 2017.
إيرادات 2017 ربع 2016
ستبلغ الإيرادات الإجمالية في موازنة عام 2017: 1918 مليار ليرة سورية، وهي تعادل: 4 مليار دولار، وفق سعر صرف 470 المقر في الموازنة، بينما بلغت الإيرادات العامة في عام 2016 بمقدار: 5،4 مليار دولار وفق سعر صرف 250.
أي بتراجع فعلي في الإيرادات العامة بمقدار: الربع تقريباً: 26%، وهو أقل من التراجع الفعلي في الإنفاق العام، حيث الإنفاق العام في 2017 أقل من الإنفاق العام في 2016 بنسبة 29%.
بينما العجز، أو المأخوذ من الاحتياطي، فهو أيضاً يزداد قيمةً بالليرة السورية، حيث ازداد بمقدار 119 مليار ليرة بين 2016، و 2017، ولكنه وبتقدير قيمته بالدولار، تراجع من 2،5 مليار دولار تقريباً، إلى 1،6 مليار دولار تقريباً، بنسبة تراجع 36%.
القروض الخارجية، التي ستمول الموازنة، هي جزء ضئيل من الموارد العامة، وهي ستتراجع من 19،7 مليار ليرة في 2016، إلى 12،7 مليار ليرة في 2017، ولا تشكل سوى نسبة 0،6% من الإيرادات العامة، وهي لا تتضمن على ما يبدو الخطوط الائتمانية الإيرانية، التي تفوق مبلغ 5 مليار دولار.
مبلغ العجز في عام 2017، أو المبلغ المأخوذ من الاحتياطي سيتراجع فعلياً بعد تقويمه بالدولار، عن عام 2016، أي أن الحكومة ستستدين من مصرف سورية المركزي مبلغ يقارب 740 مليار ليرة، مقابل مبلغ 620 تقريباً في عام 2016. وهذا إذا ما كانت الحكومة فعلياً تضطر لاستدانة هذه المبالغ المعلنة! الأمر الذي يعتمد على حجم إنفاقها الفعلي الذي تتحفظ عن الإعلان عنه. وبالأحوال كلها تبقى استدانة الحكومة من المصرف المركزي وبالليرات السورية ودون فائدة، أفضل من الحلول التي يقترحها البعض، باستدانة جهاز الدولة من رؤوس الأموال الخاصة، عبر سندات الخزينة، وبالدولار وبفائدة لتغطية نفقات الموازنة!
من أين تأتي إيرادات الموازنة؟!
الإيرادات العامة دون القروض البالغة 1905 مليار ليرة تقسم إلى تصنيفات رئيسية: جارية، واستثمارية.
الإيرادات الجارية التي تبلغ 1100 مليار ليرة تقريباً، ونسبة 57% تقريباً تضم البنود الرئيسية التالية:
إيرادات الضرائب والرسوم المباشر وغير المباشرة: 322 مليار ليرة، ونسبة 17% تقريباً، يضاف إليها إيرادات بدل خدمات الدولة المتنوعة، بالإضافة إلى إيرادات فروقات الأسعار البالغة 734 مليار، ونسبة 38% تقريباً، والناجمة عن زيادة التحصيل الحكومي من تغييرها لأسعار المواد والخدمات التي يتم بيعها، والنسبة الأعظم منها تأتي من المشتقات النفطية 730 مليار ليرة تقريباً كما تشير الموازنة!
الإيرادات الاستثمارية، وهي العائدة من الإنفاق الاستثماري الحكومي فتبلغ 625 مليار ليرة تقريباً، ونسبة 32% من إيرادات الموازنة العامة.
الإيرادات الاستتثنائية أو حق الدولة والمكونات فيها، هي من حقول النفط والثروات المعدنية بمقدار 100 مليار ليرة تقريباً، ونسبة 5%، بالإضافة إلى حق الدولة من شركات عقود الخدمة (الخليوي) والبالغة 65 مليار ليرة، ونسبة 3% تقريباً.
567 مليار ليرة من الاستثمار الاقتصادي العام
تتوقع الحكومة، أن تحصل على إيرادات من الفوائض الاقتصادية (فائض السيولة، وفائض الموازنة) للقطاعات الاقتصادية والخدمية الرئيسية مقدار: 625 مليار ليرة . حيث أن مبلغ 576 مليار ليرة، هي الفوائض المتوقعة من قطاعات: الزراعة، الصناعة، البناء، الكهرباء، الغاز، الماء، النقل والمواصلات. بينما الإنفاق الاستثماري الذي سينفق عليها لا يتجاوز: 212 مليار ليرة، قد لا ينفق إلا نصفه، كما تبين مستويات تنفيذ الإنفاق الاستثماري في عام 2016. العائد المتوقع من الإنفاق الاستثماري على هذه القطاعات هو: 267% من حجم الإنفاق الاستثماري عليها، وهي عائدية جيدة للاستثمار، ما يشير إلى هدر الموارد العامة التي يمكن تحصيلها من عمليات الاستثمار الاقتصادي والخدمي الحكومية، فيما لو تم توسيع مخصصات الإنفاق الاستثماري على قطاعات الإنتاج الرئيسية، وخدماتها، والتي لا تتجاوز نسبة: 8% من إجمالي اعتمادات الموازنة، بينما تساهم بنسبة: 30% من الموارد العامة المحلية!
تهرب ضريبي يفوق 90%!
إيرادات الضرائب والرسوم المباشرة، وغير المباشرة، بمجموعها، ستبلغ: 322 مليار ليرة، وهو ما سيتبين بأنه رقم ضئيل، إلى حد يثير الشكوك!
فكيف نستطيع أن نقدر جدية هذا الرقم؟ الضرائب تأتي كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، الموزع دخولاً على الأرباح، أو الأجور أو الريع العقاري أو الفائدة المصرفية وغيرها، ومن هذه الدخول، يدفع السوريون والفعاليات الاقتصادية لجهاز الدولة، ضرائب دخلهم ورسوم مختلفة ومتنوعة. وسنبدأ بالتقدير من الناتج المحلي الإجمالي.
فتوقعات ناتج سورية لعام 2016 تشير إلى 25 مليار دولار، وإذا فرضنا أن ثلثها في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، فإن الناتج المحلي المتاح، لتحصّل الدولة الضرائب منه هو: 16.6 مليار دولار، وضريبة الدخل بحدها الأدنى سنفرضها 14%، أي يجب أن تبلغ: 2،3 مليار دولار تقديرات إيرادات الضريبة بشكل تقريبي.
بينما توقعات الحكومة أن تحصل على مجموع ضرائب ورسوم 322 مليار ليرة، أي أنها تخطط للحصول على 70 مليون دولار ضرائب دخل، من أصل 2،3 مليار دولار! أي تخطط على أساس تهرب ضريبي بنسبة 97%، أو أنها تخفض بشكل مقصود إيرادات الضرائب الواردة في الموازنة! أو أن الناتج السوري مجمله يأتي من القطاعات غير المشروعة، وغير المنظمة! والاحتمالات الثلاث جميعها واقعية وموجودة.
وسنفصل في إيرادات الضرائب بشكل موسع لاحقاً
65 مليار ليرة من الاتصالات
في العام القادم ستكون حصة الدولة من إيرادات شركتي الخلوي نسبة 30% فقط، لتنخفض بعدها إلى 25%، وفق عقد ترخيص الشركتين الجديد، والمبلغ المتوقع تحصيله: 65 مليار ليرة فقط، بانخفاض عن حصة الدولة في بيانات الشركتين البالغة: 72 مليار ليرة تقريباً في 2015، بينما الموازنة لم تضع إلا 50 مليار ليرة، في دليل إضافي على سعي واضعي الموازنة العامة لتخفيف الإيرادات العامة!
وهنا يجب أن نذكر، بأن الموارد العامة من الاتصالات كان من الممكن أن تتجاوز 140 مليار ليرة، لو لم تقم الشركتان المشغلتان، بالتوافق مع قوى الليبرالية السورية، بتغيير العقد إلى ترخيص، عوضاً عمّا ينص عليه العقد السابق، بعودة الملكية، والتشغيل، والإيرادات العامة للدولة! أما اليوم فيحصل خمسة أعضاء في مجالس إدارة الشركتين على ربح صافٍ يقارب 23 مليار ليرة في سنة واحدة، بينما ثلث أرباح الشركتين معفى من الضرائب!
•8%
مجموع الإنفاق الاستثماري العام على قطاعات الإنتاج الحقيقي وخدماتها الرئيسية يبلغ 212 مليار ليرة ونسبة 8% من إنفاق موازنة 2017.
•30%
مجموع الفوائض الاقتصادية المتوقعة من قطاعات الإنتاج الحقيقي الحكومية وخدمات الإنتاج الرئيسية تبلغ 567 مليار ليرة، ونسبة 30% من إيرادات موازنة 2017.
•267%
إنفاق 212 مليار ليرة يحقق فوائض 567 مليار ليرة، ونسبة إيراد: 267% تقريباً. أي تغطي الإنفاق الاستثماري، وتحقق عائداً 355 مليار نسبته: 167% من الإنفاق.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 789