الـ 22 مليار دولار الهاربة..
أشارت دراسة الإسكوا: في مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة العربية لعام 2016، إلى أن حجم الأموال والاستثمارات الخارجة من سورية، إلى دول الجوار: تركيا- لبنان- مصر- الأردن- العراق- الخليج العربي، قد بلغت ما يقارب 22 مليار دولار في نهاية عام 2015.
وهذه العملية قد بدأت منذ عام 2012 ومستمرة حتى اليوم، حيث جرت دفعاتها الأولى كنتيجة للسعي الطبيعي لأصحاب رؤوس الأموال، إلى تهريب أموالهم وحمايتها، وترك الخراب وراءهم.. إلا أنها تستمر وتتوسع، ليس بفعل اكتشاف مستثمرين جدد بأن الوضع في سورية في عام 2015 لا يناسب الاستثمار، وبالتالي هم بحاجة لإنقاذ أموالهم! بل بفعل عملية منظمة كانت تتم في سورية قبل الحرب وبعدها، حيث يخرج أصحاب الربح الكبير في سورية، أجزاء هامة من أرباحهم، لادخارها في المصارف الإقليمية، وتحديداً في لبنان، وفي أوروبا، وفي الوجهات الاقتصادية التجارية في الغرب، التي يتم التعامل معها.
طرق قانونية للتهريب
جزء كبير من مبلغ الـ 22 مليار دولار، هو من توظيف الأموال في الاقتصاد السوري، في ظروف الأزمة، وجني الأرباح وإخراجها لادخارها في الخارج، أي تحويلها من ليرة إلى دولار بشكل دوري، وإخراجها بطرق متنوعة، لتوضع في المصارف والاستثمارات والعقارات الإقليمية.
وهذه الطرق متاحة قانونياً، عبر عمليات تحرير الحساب الجاري والرأسمالي لميزان المدفوعات، التي هي أهم أهداف السياسة النقدية السورية، حيث يسمح لأي نشاط استثماري اقتصادي - هو فرع أو وكالة لنشاط استثماري خارجي - بنقل الأرباح، بالإضافة إلى حرية عمليات التحويلات إلى خارج البلاد، الإجراءات التي لم تتعدل، أو تتبدل في سورية مع ظروف الأزمة، بالشكل الذي تمنع به عملية الانتقال، أو تعرقلها.
أموال إعادة الإعمار
وسطياً خرج من سورية في كل عام بين 2012- 2015: 5.5 مليار دولار، كانت هذه تشكل ضغطاً على الليرة، وطلباً على الدولار، وهامشاً للمضاربة بشكل دائم. وهي تعادل 80% من الناتج المقدر لسورية في عام 2015 وهو 27 مليار دولار تقريباً، وتعادل 12% من آخر تقديرات حاجة سورية للتمويل في عملية إعادة الإعمار، والتي توصلها التقديرات الدولية إلى 180 مليار دولار.
نقص موارد؟!!
يقول أصحاب القرار الاقتصادي في سورية ويكررون دائماً: أن فشل إدارة الأزمة اقتصادياً، والتراجع المقصود في أداء جهاز الدولة وخدماته للسوريين في كارثتهم، يعود إلى نقص الموارد! وهذه حقيقة، ولكن الحقيقة الكاملة هي نقص الموارد نتيجة تمركزها في أيدي قلة من قوى السوق، لها حرية تهريبها للخارج، واستثمارها بأي شكل في سورية، دون أن تستطيع يد المال العام أن تمتد إليها، حتى لو أطبقت الكارثة الإنسانية سياسياً واقتصادياً على مصائر السوريين.
إن عملية انتقال الأموال هذه، تمت وتستمر، دون أن يفكر أحد ما، بتغيير التشريعات المالية الاقتصادية الليبرالية، المتعلقة بتحرير حركة رؤوس الأموال، وبالتالي فإن هذا الانتقال ينال مباركة من أصحاب القدرة على المنع.. بل إن هذه الحرية في حركة الأموال مطلوبة، لكل من يستمر بتحصيل الأرباح في داخل سورية، ويريد أن ينقل أمواله إلى الخارج دورياً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 789