رسالة مفتوحة من مواطن عادي إلى صديقه الباحث الاقتصادي  الذي يكاد يصبح (داعية) لاقتصاد السوق

نشرت صحيفة «الاقتصادية» في عددها (157) آب 2004 المادة التالية للأستاذ حسني العظمة، يرد بها على مقالات د. سمير سعيفان. ونظراً لأهميتها ننشر نصها الكامل:

ما مصير وحدتنا الوطنية في ظل (اقتصاد السوق) بما يعنيه واقعيا من تزايد الفجوة الاجتماعية بين الطبقات؟ هل سيجد الشعب لقمة خبزه كفاف يومه (أمنه الغذائي) أم سنتركها هي أيضا للعرض والطلب؟

صديقي العزيز..

كنت دوما من المعجبين بمقالاتك لما فيها من تحليل علمي وقدرة توضيحية بارزة، لكن إعجابي هذا لم ينسحب للأسف على مقالتيك الأخيرتين (في الاقتصادية الغراء) حول (اقتصاد السوق)!

(مواكبة دعوية)

باختصار، لم أر في المقالة الأولى أكثر من كلمة توجيهية تجميلية مكررة على غرار ما هو رائج في صحافة هذه الأيام من (مواكبة دعوية) لسياسات الحكومة الراهنة التي تسعى جاهدة من أجل زيادة جرعة الانحراف إلى اليمين في السياسة الاقتصادية، فوق ما هي عليه من يمينية فاقعة، وبالتجاهل التام للنتائج السلبية بالغة الخطورة لتطبيق أمثال هذه السياسات على مدى الـ 15عاما الماضية، وعلى النقيض مما أصبح مطلوبا بإلحاح - كما أرى - وهو وقف هذا النهج المدمر وإعادة الانعطاف إلى اليسار بزاوية ما، مدروسة، وإحياء مبدأ الرئيس الراحل رحمه الله (التعددية الاقتصادية) الذي أصبح يعني، في الظروف الواقعية الراهنة، وضع حد للنهب والهدر والتسيب والتخريب واستضعاف الدولة والشعب الكادح والمال العام، ووقف الهجمة الليبرالية الجديدة واستعادة الدور المحوري للقطاع العام الذي ثبت بالتجربة الملموسة أن لا بديل له في قيادة عملية تنمية شاملة مبرمجة (مركزية إذا شئت!) ذات جدية ومصداقية، يشارك فيها بنشاط القطاع الخاص الوطني المنتج، والقطاع التقليدي الفردي والأسري الصغير، والقطاعان التعاوني والمشترك. وهذا ما فهمته أنا من شعار (التطوير والتحديث) الذي أطلقه الرئيس بشار الأسد، تطوير وتحديث ما بنيناه مع تصحيح الخطأ حيثما وجد.

البنك الدولي.. والنتائج الكارثية

لعلك لا تنكر أن ما جرى ويجري على الصعيد الاقتصادي في سورية، منذ 15 عاما على الأقل، ليس إلا تطبيقا غير معلن لمعظم بنود (الوصفة الإصلاحية) للبنك الدولي التي فرضها قسرا على الدول المدينة (ولسنا منها، تطبيق تطوعي!)، لكن هذا البنك (المصلح الكبير) نفسه قد تلمس أخيرا ملامح الفشل وتوقف على أبعاد الكارثة التي تنذر بها أحوال البلدان التي اتبعت وصفته الشئيمة، خصوصا منها تلك التي تجرعت سمها بالكامل (ولحسن الحظ أن سورية لم تكن منها)، فبدأ مؤخرا بالتنصل من مسؤوليته التاريخية عما آلت إليه هذه البلدان، متخذا صفة الناصح المتواضع (الخجول، يسلم لأمه الولايات المتحدة) داعيا لعدم الإغراق في هذه (الإصلاحات) ومناديا، سبحان مغير الأحوال، باستعادة دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي تحاشيا للانهيار التام والثورات الطبقية الشعبية العارمة التي لن تبقي ولن تذر.

دعوة متأخرة

من هنا تبدو لي دعوتك إلى ولوج ما تسميه (اقتصاد السوق)، أو بالأصح الإيغال فيه أكثر مما فعلت حكوماتنا الفاشلة المتعاقبة، دعوة متأخرة ليس في الزمن فقط بل في الفكر أيضا، فنحن (جزئيا على الأقل) في خضم هذا الاقتصاد السوقي منذ زمن طويل بما يكفي للتعرف على ماهيته، كما أن غيرنا قد غاص فيه أكثر مما فعلنا، فما جنى اللؤلؤ بل ابتلع الماء المالح وشارف على الغرق، بشهادة من أغطسه. أما قولك بوجود أشكال مختلفة لاقتصاد السوق فلا يغير برأيي من واقع الحال شيئا، فنحن في البلدان النامية ما إن تصل البرجوازية التابعة إلى مركز القرار الاقتصادي (كمرحلة أولى قبل الوثوب إلى القرار السياسي) حتى تأخذ بالتجارة والهبش على الطالع والنازل وتحويل البلاد إلى سوق استهلاكية على مقاس (مصانع) العلكة والبسكويت والكازوز ووكالات السيارات. أليس هذا ما حققه القانون رقم 10 الذي لم يخلق فرص عمل على مدى أكثر من 10 سنوات من عمره إلا ما يعادل الطلب لنصف سنة منها فقط؟!. تصور أن الدولة قد انسحبت من عملية التنمية من أجل (تشجيع) هذا النمط من الاستثمار! فضيحة.. لا أرى في الدعوة إلى المزيد من هذه (الإنجازات) التافهة سوى التجاهل التام للواقع وتمنية النفس بالأوهام.

الإغراق في المهزلة!

ستقول لي الحق على (مناخ الاستثمار)، يعني تريد لنا، بدل تصحيح هذه المهزلة، الإغراق بها عن طريق منح التجار (لا أرى صناعيين، إلا ما ندر) المزيد والمزيد من الامتيازات والمزايا على حساب الدولة والمجتمع والوطن. بالمناسبة ما معنى (اقتصاد السوق)؟ أوليس التجار هم أسياد السوق وبالتالي اقتصاد السوق = اقتصاد التجار؟ ثم أليس المستوردون هم سادة التجار، ما سيودي بنا إلى معادلة أبشع وأخطر: اقتصاد السوق = اقتصاد استيراد؟ يكفي أن نتذكر أن ميزان التجارة الخارجية للقطاع الخاص السوري مختل بعدة أضعاف لمصلحة كفة الاستيراد، أما عندما (صد روا) (طمعا بالمتاجرة الداخلية بقطع التصدير) فكادوا يتسببون بأزمة بيئية من كثرة براميل (المخلل) الفاسد التي رميت في مياه البحر قبالة الموانئ السورية وعلى الأراضي اللبنانية المجاورة بعد أن تم تخليصها ورقيا كصادرات، ناهيك عن عشرات آلاف الأطنان (المصدرة) من الحشائش التي رميت أيضا بعد تخليصها على أنها (عكوب الجبل) (السلبين) واحتللنا بها بكل فخر المرتبة الأولى في العالم لهذا المنتج ربما دون منافس! أما في الحالات التي وصلت بها هذه (الصادرات) إلى المقصد، فسرعان ما ارتفعت يافطات التحذير من البضاعة السورية (تلبس لمرة واحدة) في أسواق بلدان اتفاقات المدفوعات السابقة التي كانت أسواقا معتبرة للصادرات السورية قبل مهازل (رجال الأعمال) (التعويل اليوم على (سيدات الأعمال) لعلهن يفلحن في انتشالنا من هذا المأزق!(.

كفانا ترسيمات نظرية

صديقي العزيز

كفانا ترسيمات نظرية ووعود براقة، وعدتمونا بالاشتراكية البراقة والآن تنقلبون لتعدونا بنقيضها البراق، هو الآخر! هل تكفي بعض المزايا الاقتصادية غير المؤكدة (هي أيضا وعود) لنتراجع ونتخلى عن كل شيء حتى عن مبادئ التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي!

عدم التراجع

ستقول لي إن هدف التقدم الاجتماعي لم يعد واقعيا بعد هزيمة المعسكر الاشتراكي، نعم أوافق أنه لن يكون بمقدور سورية أن تقود قاطرة التقدم الاجتماعي في العالم، لكن لا أرى أن هذا يعني أن عليها أن تتراجع عما سبق لها تحقيقه على هذا الصعيد (مع أنه متواضع)، كما لا أظنك قد تبنيت (بعد) مقولة الانتصار النهائي للرأسمال وإغلاق التاريخ على ذلك، أما ترى بوادر الحراك والتململ في غير مكان من هذا العالم الرحب حيث تعاود الطبقة العاملة والشعوب الاستعداد لجولة جديدة؟ أنا أعتقد أن احتفاظ سورية بما تبقى فيها من نهج التقدم الاجتماعي (التوجه الاشتراكي)، واستعادة ما اختلس منه من يد الكادحين في غفلة عين وبلبلة عالمية، يعادل حجز موقع لها في عالم الغد الحقيقي، عالم الشعوب المتحررة من سلطة الرأسمال الربوي العالمي الذي وصل إلى أقصى درجات الانحطاط على كل الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية، وشواهدنا على هذا الانحطاط كثيرة، يكفي مرض الأيدز المخصص لإبادة الأفارقة السود، واسترقاق الشرق أوروبيات بالجملة، والتدمير الهمجي ليوغوسلافيا من ارتفاع 10 كيلومترات لأنها قاومت قرار واشنطن بتجزئتها إضافة إلى حاجة كلينتون للتغطية على فضيحة أخلاقية في المكتب البيضاوي، وغزو أفغانستان من أجل مد أنابيب غاز آسيا الوسطى عبرها، والسطو البربري المسلح على العراق (الفاشل إلى الآن بحمد الله وسواعد المقاومين)، والمجزرة الدموية اليومية المفتوحة في فلسطين.

رؤية مضللة

من هنا نعرج إلى مسألة التحرر الوطني، أعتقد أن كل رؤية اقتصادية خارج مشهد انقسام العالم إلى (مركز) امبريالي متقدم ناهب و(أطراف) تابعة منهوبة هي رؤية مضللة أو في أحسن تقدير متعامية. فهل (اقتصاد السوق) الذي تدعونا للمزيد والمزيد منه إلا (اقتصاد التبعية) ذاته الذي ناضلنا للخلاص منه وامتلاك مقدراتنا الوطنية؟ هل ما زلت يا صديقي القديم من المؤمنين ببناء اقتصاد وطني متحرر من الهيمنة الخارجية أم أنك أصبحت من دعاة أن نتحول إلى متسولين على أعتاب (الاستثمارات الخارجية المباشرة) وأن نصبح (عمال تراحيل) لدى الرأسمال المالي العولمي الطيار. هل تدعونا أنت أيضا إلى هذا الشيء الغامض المريب الذي يسمونه (الاندماج في الاقتصاد العالمي)؟ هل انضممت إلى من يقولون إن (العولمة قدر محتوم وعلينا أن نخوضها ونتعلم الاستفادة من فرصها!) ياللإبداع الفكري العظيم والدعوة الباهرة للمقامرة بما نملك، اقتصاد المقامرة هو إذا، الكازينو، اللعب المكشوف بالجملة بمقدرات الأوطان والشعوب. ولكن قل لي يا صديقي ماذا سيحل بنا إن لم نتعلم الاستفادة من الفرصة المزعومة، لعلة التخلف فينا؟ أو لم يسمحوا هم لنا بالاستفادة، لعلة الإمبريالية فيهم؟ .... لم أسمع ردك جيدا... هل تمتمت حقا بعبارة )البقاء للأصلح)؟!

بعض الفتات!

أجل، قد يسمحون لنا ببعض الفتات، ولكن ليس قبل أن نمكن الكيان الصهيوني من كامل فلسطين وبلاد الشام ومعها حصة من (حقول النفط)، وبعد أن نتعلم جيدا مسح حذاء أي عسكري صهيوني يصل إلى أي بقعة من أرضنا.

التهريج (السلاموي)

لا أشك يا صديقي أبدا في أنك، مثلي ومثل أي وطني آخر، لا تكره شيئا في هذا العالم قدر كرهك للصهاينة وأسيادهم وأتباعهم. لكن هل تظن فعلا أن بإمكاننا الوقوف في وجه الحركة الصهيونية، أعتى وأقذر حركة عنصرية رجعية منظمة وقادرة عرفها تاريخ البشرية، بما تسميه (اقتصاد السوق)؟ أم أننا بحاجة إلى اقتصاد (مركزي) فاعل يحشد كل الطاقات ويخضعها (بكل المقاييس) للاحتياجات الوطنية الدفاعية وللمعارك الشرسة القادمة مع هذا العدو الذي لا يرحم، والتي بدت بوادرها واضحة في جنين ورفح وبغداد؟ أم ترانا صدقنا كل هذا التهريج (السلاموي) العربي المقزز، الناتج عن الضعف والمنتج لمزيد الضعف؟ هل حمى ويحمي سورية من الوقوع فريسة سهلة للكيان الصهيوني أكثر من قدرتها (بفضل الاقتصاد «المركزي الموجه») على انتاج خبزها كفاف يومها غير عابئة بالمحاسبة والعقوبات المزعومة، وقدرتها (التي ما زالت قائمة رغم التفشي المؤسف لـ «قواعد السوق» وأخلاقياته) على تجنيد وتعبئة شبانها عند الملمات؟ هل يراد لنا، بترويج نظريات السوق (وأعيذك أن تقصد أنت ذلك)، أن نتخلى عما تبقى من هذه القدرات لنصبح تحت رحمة القتلة الطغاة الصهاينة واليانكي؟

ما مصير وحدتنا الوطنية في ظل (اقتصاد السوق)

وبالمناسبة، ما مصير وحدتنا الوطنية في ظل (اقتصاد السوق) بما يعنيه واقعيا من تزايد الفجوة الاجتماعية بين الطبقات؟ هل سيجد الشعب لقمة خبزه كفاف يومه (أمنه الغذائي) أم سنتركها هي أيضا للعرض والطلب؟ لا أظنك تجهل أن القاعدة الشعبية العريضة تحملت وتتحمل الكثير حرصا على الوطن والنظام الوطني والموقف الوطني والوحدة الوطنية، ولكن من يضمن استمرار ذلك فيما لو فقدت هذه القاعدة الأمل بالتصحيح ورأت أن الأمور تتجه صراحة نحو تهميشها لمصلحة قوى السوق والمصالح الفئوية الضيقة؟. بالتأكيد لن يكفر العامل والمتعطل والفلاح والموظف والمعلم والحرفي والتاجر الصغير بالوطن، فهم رأسمال الوطن الحقيقي وجنوده في الميدان، هم الوطن، لكنهم قد يكفرون بما عداه.

(اقتصاد الحرب) وليس السوق

عزيزي نحن في وطن مهدد يحتاج إلى الوحدة الوطنية وإلى (اقتصاد الحرب) وليس السوق، وإلا أ خر جنا من السوق ومن التاريخ والجغرافيا أيضاَ. ™وليس أولى منكم أنتم الاقتصاديين بتحديد ملامح ذلك الاقتصاد والسعي لتوجيه الأمور نحوه، وإلا لكنتم (اقتصادويين) تعملون بتنظيرات مجتزأة خارج السياق التاريخي، خارج الزمان والمكان. نحن لا نملك أبدا ترف الاختيار بين هذه المدرسة الاقتصادية أو تلك فمدرسة واقعنا على خط النار وأرضنا المحتلة وشعبنا الرازح في الجولان وشبعا وفلسطين والعراق تلزمنا باختيار ما يعزز أمننا القومي أولا وثانيا وعاشرا، ومن ثم باقي الأولويات التي قد نختلف أو لا نختلف على ترتيبها. وإلا ضاع ما تبقى لنا ورزحنا جميعا لا ريب، فالصهاينة وأسيادهم لا يلعبون، هنا في هذه المنطقة الخطيرة من العالم.

مكمن الخطر

ستقول لي إن الكثير الكثير مما يجري على الساحة الداخلية، الاقتصادية وغيرها، لايمت بصلة إلى هذا الخيار (اقتصاد الحرب)، وستورد لي عشرات الأمثلة عن الفساد والهدر والتسيب والممارسات. نعم هنا مكمن الخطر، لكنه الخطأ الذي تريدون استكماله وتحويله إلى منظومة متكاملة راسخة مشرعنة،لا الرجوع عنه،قبل فوات الأوان.

لا تؤاخذني!!

لي تعليق أخير على المقالة الثانية، الملحق المتعلق بالجانب الاجتماعي. أرجو ألا تؤاخذني إن قلت إنني أظن أنك وضعت هذا الملحق لنفسك بالدرجة الأولى، فأنت ممن لا يخفى عليهم خطورة النتائج المترتبة على النهج الذي دعوت إليه، فأرفقته بـ (ملحق اجتماعي) يحقق لك شيئا من التوازن الذاتي الداخلي، نعم الداخلي فقط فأنت أيضا لست ممن يخفى عليه أن شيئا مما أوردته في الملحق لن يتحقق في الواقع، ذلك أن الرأسمال المتوحش على مستوى العالم كله وعلى المستويات المحلية ما زال منتشيا بانتصاره على المعسكر الاشتراكي وقوى التحرر والتقدم ولم يواجه بعد القوة القادرة على صفعه وإفاقته من سكرته. ما أوردته في الملحق هو من وصفات )الرأسمالية الشعبية) أو (الاجتماعية) التي تم تطبيقها في ظروف مختلفة ببلدان ذات ظروف مختلفة، بلدان لديها فائض نهب إمبريالي من لحمنا ودمنا أتاح لها إشراك شرائح من (طبقتها) العاملة ليس في مائدة الوليمة نفسها بل في مائدة اليوم التالي، (الجردة) كما نسميها في دمشق الشام. هذه الإجراءات الاجتماعية ما زال يجري التراجع عنها في تلك البلدان، ببساطة لأن بعبع المعسكر الاشتراكي لم يعد موجودا. إضافة إلى أن أحزاب (الاشتراكية الديمقراطية) أو الأممية الثانية، ومعها الجزء الأكبر من (الرابعة) وبعض هؤلاء الأخيرين أصبح في مقاعد الحكم في أمريكا وأوروبا أو في مواقع التنظير الفكري للفاشية الليبرالية العولمية ومنهم عربيا العفيف الأخضر، وفجيعتنا الأكبر ببعض (الثالثة) أيضا هؤلاء أنفسهم في تلك البلدان قد تخلوا عن الطرح (الاجتماعي) وباتوا يبارون الأحزاب البورجوازية الصريحة في العمل على التطبيق العملي للبرنامج الليبرالي الجديد.

سيد السوق

في عز قوة (النظام المركزي) وفي أوج الطلب على قوة العمل في السبعينات وأوائل الثمانينات، كان التاجر السوري، سيد السوق، يرغم طالب العمل على توقيع كتاب استقالة مغفل التاريخ شرطا لقبوله في العمل، ليستخدمه في حال لجوء العامل إلى التأمينات أو النقابة طلبا لشيء من حقه المهدور. فهل تريد إقناعنا يا صديقي العزيز أن سلوك هذا التاجر تجاه العامل سيتغير نحو الأحسن بعد أن تسود (علاقات السوق) بالكامل ويسود حضرته كشريحة مدللة فوق الدولة والمجتمع، خصوصا بعد أن أتحفنا (اقتصاد السوء) الذي تدعونا إليه بأكثر من 15% بطالة حتى الآن و(الخير العميم) ما زال لقدام.

استدراك لافائدة منه

لذا لا أجد أي معنى أو فائدة في (استدراك اجتماعي) (على غرار جديد البنك الدولي!) مدخل على مقولة (اقتصاد السوق) من خارج السياق التاريخي السوري وحتى العالمي (بما فيه الصيني (الشيوعي) المزعوم الذي لا يأبه للون القط). لقد أصبحت المسألة اليوم أشد وضوحا مما كانت عليه زمن ماركس، أما زلت تذكر عبارته التي طالما كررتها علي في أحاديثنا القديمة: (إما الاشتراكية أو البربرية)؟

أقول قولي هذا مرددا قول الشافعي (رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب(، خاتما أن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية).

 مع تحياتي ... وأشواقي

 

■ حسني العظمة

معلومات إضافية

العدد رقم:
227
آخر تعديل على الإثنين, 28 تشرين2/نوفمبر 2016 14:29