فقاعة العقارات تقود الاقتصاد للانفجار
بدأت شركات الاستثمار العقاري بالتوجه المباشر للعمل في الاقتصاد السوري بعد أن حددت الحكومة موقفها النهائي منها بمنحها موافقات وتراخيص وتقديمها للجمهور في ندوات ومؤتمرات رسمية ضخمة، ورغم ذلك كله لم يفلح المواطن بمعرفة إن كانت هذه الشركات ستحل أزمته السكنية أم لا، وهل سيحصل في النهاية على مسكن خاص به وبسعر مقبول؟ وخاصة إذا كانت تلك المشاريع مخصصة في أغلبها للفيلات الفخمة والمكاتب التجارية! هذا هو السؤال الذي لا يعرف أحد له إجابة أبداً، يضاف إليه سؤال آخر يتركز حول دور هذه الاستثمارات في إحداث معدلات نمو اقتصادي مرغوبة؟ فهل ستصنع هذه الاستثمارات نمواً حقيقاً؟ وإن كان الجواب نعم فمتى سيكون ذلك؟ ومن المستفيد منه؟
إن المشكلة الأساسية في هذه الاستثمارات والتي بدأت هذه الأيام تثار بشكل جدي هي أن شركات العقارات وعند شرائها الأراضي المخصصة لبناء المشاريع السكنية ترفع أسعار الأرض مباشرة لأضعاف مضاعفة، فبمجرد إعلان الشركة المستثمرة أن هذه الأرض قد خصصت لها للبناء فإنها سعرها يحلق وينتقل هذا الارتفاع بشكل أوتوماتيكي للأراضي المجاورة والأقل جودة منها، وبذلك تحقق شركات الاستثمار أرباحاً خيالية قبل أن تضع حجر الأساس لمشاريعها، فالفارق في سعر الأرض سيحمل مباشرة على أسعار الشقق السكنية للمكتتبين بها بحجة أن قيمة الأرض السوقية هي كذلك، وهذا على المدى البعيد يؤدي إلى رفع أسعار المساكن والعقارات التي ستبنيها الشركة والمجاورة لها مباشرة.
نقطة أخرى هامة بالموضوع هي أن الحكومة بدعوى تشجيع الاستثمار العقاري تقدم تلك الأراضي للشركات بأسعار بخسة وليس بقيمها السوقية الحقيقية ولا تقدر بأن قيمة هذه الأرض سترتفع كثيرا إثر إعلان الاستثمار فيها وبالتالي فإن الحكومة تخسر والشركات المستثمرة تربح، فهل منطق تشجيع الاستثمار يسمح للمستثمر الخارجي بالربح ولخزينة الدولة بالخسارة؟ وهنا السؤال الحقيقي ما جدوى تقديم أرض بسعر شبه مجاني لشركة تربح مئات الملايين من الدولارات سنوياً في حين أن خزينة الدولة بأمس الحاجة لكل دولار؟ بل إنها تحاول بشتى الوسائل تفريغ جيوب المواطنين بالضرائب ورفع الأسعار؟
تثير قضية الاستثمارات العقارية على المستوى الكلي مشكلة النمو الاقتصادي فهذه الاستثمارات قد تؤدي نظرياً إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي لكن عملياً ستشكل فقاعة نمو ونمواً غير حقيقي سيؤدي إلى ضغوط تضخمية في الاقتصاد لما سوف تسببه من رفع لأسعار الأراضي والعقارات وزيادة الطلب على مواد الكساء الداخلي والخارجي وعلى مواد البناء الأساسية، وهي لن تضيف أو تغير من بنية الاقتصاد شيئاً ولن تؤدي إلى تطويره وتغيير وجهه، بل ستكون مجرد سلة يملئها المستثمرون بالأرباح ويخرجو.
وأمام ذلك نسأل: ما هي الجدوى الاقتصادية من هذا العدد الكبير من المشاريع الاستثمارية العقارية التي بدأت بالتدفق إلى سورية؟ وإلى أين ستقود الاقتصاد في النهاية؟