د. نزار عبدالله د. نزار عبدالله

صندوق الدين العام آن له أن يلغى

كان لصندوق الدين العام دور كبير في جرم القطاع العام لأنه على عكس اسمه ووظيفته التي من المفروض أنه أنشئ من أجلها وهو تمويل القطاع العام بسخاء وبشروط ميسرة، كان يشله عن طريق الممارسات الفعلية التالية:

كان يلزم شركات القطاع العام بتحويل المبالغ المعدة لتعويض الاهتلاك إليه، والمفروض أن تبقى في كل شركة لتسمح لها بتجديد تجهيزاتها الآلية، وغيرها كل ماانتهى عمرها الاقتصادي. تقدر الجهات المالية عمر هذه التجهيزات بـ 10 سنين عادة، مع العلم أن العمر الاقتصادي يكون في الواقع أقل من ذلك بسنوات، بسبب التجديد التقني في العالم والذي ينجم عنه إنتاج وسائل إنتاج أكثر تطوراً عاماً بعد عام وأكثر جودة وأخفض كلفة في الإنتاج... إلخ.

كان يأخذ ضريبة الدخل وغيرها من الرسوم، والمفروض أن يحولها إلى خزينة الدولة لتمويل الميزانية.

كان يأخذ كل الأرباح بعد الضريبة التي تتشكل ويحولها إلى الخزينة، بينما المفروض أن يترك جزء من الأرباح في كل شركة لتمول منه توسعها عندما ترى ذلك مناسباً.

بعض شركات القطاع العام لم تعط رأسمال، بل أعطيت قرضاً وتوجب سداده لصندوق الدين العام، بما يخالف المنطق الاقتصادي في أي نظام اقتصادي مما أظهر حسابات الشركة بأنها خاسرة سلفاً مهما بذلت من جهد وكان أداؤها الاقتصادي جيداً، بالإضافة إلى ذلك بعد أن سددت هذه الشركات كامل الأقساط والفوائد توجب على المدير المالي فيها متابعة الأقساط والفوائد تحت التهديد بحسم راتبه الشهري وغير ذلك من الإجراءات.

كانت تأخذ التأمينات الاجتماعية المقتطعة من أجور العمال وحصة رب العمل من التأمينات تحتفظ بها لنفسها، عوضاً عن تحويلها للتأمينات الاجتماعية لتستثمرها وتراكمها لتتمكن فيما بعد من تسديد التزاماتها حيال العمال من تقاعد وتعويض حوادث العمل... إلخ. مما شل القدرة الاقتصادية للتأمينات الاجتماعية، ومما خفض نسبة الاستثمار في الناتج القومي الإجمالي، ومما أدى إلى انخفاض معدلات التنمية الاقتصادية وساهم مع غيره من الممارسات في السياسة الاقتصادية إلى كساد اقتصادي يعاني الاقتصاد كله من أضراره.

لنتأكد من حجم الضرر الذي سببه صندوق الدين العام فلنجر حساباً للمبالغ التي أخذها دون حق من شركات القطاع العام بين 1985 ـ 2005 في ربع قرن سنكتشف أنها ضخمة جداً وتبلغ مليارات من الليرات السورية، لنعد إلى كل شركة أموال الاهتلاكات خلال هذه الفترة وقتها تستطيع كل شركة أن تجدد تجهيزاتها كلها أو أن تتوسع في الإنتاج أكثر من ضعفين فتوظف الكثير من العمال وتخلق قيمة مضافة كبيرة، وعندما نعيد كل الأموال للتأمينات الاجتماعية فتوظفها في تمويل الاستثمار، سترتفع حصة الاستثمار الكلي من الناتج القومي الإجمالي، وعندما نعيد لها حصة من أرباحها الصافية . .... الضرائب، لتتوزع بين العمال واستثمارات إضافية لتطوير وتحديث الإنتاج، يزداد الطلب الكلي الاستهلاكي والاستثماري، مما ينشط الدورة الاقتصادية، آنذاك تنهض على قدميها كل الشركات المخسرة، هناك شركات نهبها رموز الفساد، المفروض محاسبتهم وليس القضاء على الشركة وفرص العمل القائمة.

 

لنصفي صندوق الدين العام، وليكن التسليف مهمة المصارف على أنواعها كما هو معمول به في الاقتصادات، والقطاع العام بخير والاقتصاد الكلي بخير.