عصام اسحق عصام اسحق

المكتب الصحفي لوزارة الصناعة يرد.. فينقض كلام الوزير!

وصلت إلى قاسيون مادة مطولة من المكتب الصحفي لوزارة الصناعة رداً على مقال (الصناعة السورية... بين تصريحات الوزير والواقع المرير) المنشور بالعدد /417/ نورد أهم ما فيها بسبب حجمها الكبير:

 

«أولاً نود التنويه إلى أن الكاتب لم يدرك حقيقة وجود قطاع عام صناعي له مشاكل وهموم خاصة به، وقطاع خاص صناعي له مشاكله وهمومه أيضاً الخاصة به، وأن الوزارة تعمل لتجاوز كافة المشاكل والمعوقات التي تعترض سبل تنمية هذين القطاعين... فعدد المعامل التي تعمل في مجال قطاع النسيج والملابس وصل إلى 10215 معمل وشركة حتى نهاية عام 2008، وليس كما نوه الكاتب إلى أن هذه المعامل لا يتجاوز عددها أصابع اليدين، وعندما يقدم الوزير مؤشراً عن الصادرات النسيجية فالمؤشر يشمل صادرات هذا القطاع بغض النظر عن شكل الملكية التي تنتمي لها هذه الصادرات، ولو أن كاتب المقال كان مهتماً فعلاً لكان تابع جلسة الحوار التي أقامتها جريدة الخبر تحت عنوان 5000 عام من النسيج السوري، حيث أثبت الوزير بالأرقام والإحصائيات ما قاله في لقائه مع الاقتصادية.

صرح الوزير بأن قطاع الغزل والنسيج الذي يتبع للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية هو قطاع خاسر، وهذا صحيح ويعود لعدة أسباب رئيسية أهمها: التقادم التكنولوجي للآلات المستخدمة في هذا القطاع والتي تعود سنين صنعها في بعض الشركات إلى الخمسينات من القرن الماضي.

وفي الرد على البند الثاني الوارد في هذا المقال، نود التنويه على أن للأزمة المالية العالمية منعكساتها السلبية على قطاع الصناعة ولكن ليست بالصورة الكارثية التي أشار إليها الكاتب، فالصناعة لم تفقد قدرتها على المنافسة وتراجع الصادرات هو أمر حتمي في ظل هذه الأزمة ولكافة اقتصاديات الدول المشابهة في اقتصادياتها للاقتصاد السوري، والذي يعود إلى نقص السيولة العالمية في الأسواق الأمريكية والغربية حيث تشكل صادراتنا لهذه الأسواق ما نسبته 30% من إجمالي الصادرات السورية.

..إن الوزارة لم تخط أي خطوة باتجاه الخصخصة بل على العكس، إن ما قامت به الوزارة هو تخليها عن بعض النشاطات الصناعية التحويلية البسيطة التي لم تعد قادرة على المنافسة مع مثيلاتها من منتجات القطاع الخاص (كالبسكويت والكبريت وغيرها) والتي لا تنسجم مع دور الدولة الجديد بالتركيز على الصناعات الإستراتيجية الثقيلة، والتي تم البدء فعلياً بتطويرها.

وفي البند الثالث نود الإشارة إلى أن هذه المنشآت والتي تضررت من جراء الأزمة المالية العالمية هي شركات عائلية بسيطة كانت تحتاج إلى إعادة تأهيل وهيكلة بما ينسجم والواقع الاقتصادي الجديد للبلد، فمعظم هذه المنشآت كانت تحقق أرباحاً ناجمةً عن تشوهات الأسعار وأساليب الدعم المباشر وليس عن سياسة عمل مؤسساتي سليم مبني على أسس وقواعد عملية، كما تساءل السيد الكاتب عن عدم وجود إحصاءات رسمية دقيقة عن هذه المنشآت، وهنا نود الإشارة إلى أن الإحصاءات الرسمية التي تملكها الوزارة هي تتعلق فقط بالمنشآت الصناعية المسجلة رسمياً في الوزارة، وكلنا يعرف أن هناك قطاع غير منظم ومخالف ويعمل دون ترخيص وهذه المنشآت لا نملك عنها أية معلومة إحصائية سوى ما يردنا من المكتب المركزي للإحصاء والذي يستخدم أسلوب العينة في وضع مؤشراته عنها، علماً أن عدد المنشآت النسيجية المرخصة رسمياً والتي توقفت عن الإنتاج في عامي 2008 و2009 هو 46 منشأة فقط.

وعن البند الخامس الذي أشار إليه الكاتب في أنه سيتم نقل معمل السماد إلى خنيفيس بتدمر نشير إلى أن عملية النقل هذه تحتاج إلى إمكانيات مادية وموارد مادية لا يمكن أن تتوفر بلمسة سحرية..

وفي البند السادس نوه الكاتب إلى أن سبب توقف بعض الشركات الصناعية أو طرحها للاستثمار هو مرور الزمن دون حدوث تطوير وتحديث للآلات وخطوط الإنتاج (وهنا نود التأكيد على ضرورة أن يتعرف الكاتب على الفرق بين مفهومي الخصخصة والطرح للاستثمار)، وهنا نشير إلى أن الوضع الذي وصلت إليه هذه الشركات يخضع لجملة من العوامل والظروف ولا يمكن اختصارها بعامل واحد...

أما عن العمالة الفائضة والتي تشكل أحد معوقات نمو القطاع العام الصناعي فنود الإشارة إلى أنه لم يعد دور وزارة الصناعة دوراً اجتماعياً يكمن في توظيف أكبر عدد ممكن من العاملين لتأمين فرص عمل لهذه الشريحة، بل أصبح دور الوزارة هو التركيز على سياسات الإنتاج والتصنيع والتي تضمن لنا بالنهاية إمكانية المنافسة في الجودة والسعر لكافة المنتجات المثيلة، والاستغناء عن هذه العمالة لا يعني أنه سيكون هناك 60 ألف مواطن في مهب الفقر والبطالة لأن هذه العمالة وبكل بساطة سيتم نقلها إلى جهات إدارية أخرى بحاجة إلى أعمالها، وهذا ما تم فعلاً خلال الأشهر القليلة الماضية، وبالتالي لم تفقد هذه العمالة رواتبها وتعويضاتها بل تم إعادة استثمارها في مواقع أخرى قد تحقق فيها إنتاجية أعلى مما كانت عليه في مواقعها السابقة.

وأخيراً نود الإشارة إلى أن تصريحات الوزير وأرقامه هي مؤشرات وأرقام إحصائية دقيقة ولم تكن يوماً ما مسيئة للشعب السوري لأنها لا تضلل القارئ، ولم تقصر الوزارة يوماً ما وبكل شفافية بالتلميح لنقاط القصور والضعف إن وجدت في عمل أجهزتها الفنية وعلى كافة المستويات، ونعتقد الآن أنه أصبح واضحاً أن من يسيء إلى الشعب السوري هو من لا يقول الحقيقة كاملة كالذي كتب ذلك المقال». 

 

تعقيب الكاتب

 نود القول بأن حقيقة وجود قطاعين صناعيين (عام و خاص) هي حقيقة بديهية لدينا ولدى الجميع، ولكن الوزير هو من مزج الخاص بالعام في حديثه، ونحن نقلنا هذا الحديث بحرفيّته، أما بخصوص معامل النسيج فنوضّح بأن الوزير هو من استنتج أن أرباح هذا القطاع ازدادت من ارتفاع صادرات (بعض) مصانع الألبسة، والبعض لا يعني في اللغة عشرات الآلاف، وقد تابعنا حوار الوزير في جريدة الخبر بهذا الخصوص، لكننا أوردنا ما تفضل به الوزير من تصاريح في «الاقتصادية» وهو موضوع مقالنا، ولم يكن غرضنا تتبع جميع حواراته في كل وسيلة إعلامية، فكل كلمة تصدر عنه كلام مسؤول، وبالعموم ما قاله في «الخبر»، يتناقض مع حديثه مع «الاقتصادية»!

بالنسبة للمنعكسات السلبية للأزمة العالمية، أيّدنا كلام الوزير في أن النتائج لم تكن كارثية، لكن نوهنا بأن تجاوز الصناعيين للأزمة غير ممكن البت فيه، لأن الأزمة لم تنته بعد.

وجاء في الرد بأن الوزارة لم تخط عملياً نحو الخصخصة بل تخلّت عن بعض النشاطات البسيطة غير التنافسية، فماذا يعني التخلي؟ ألا يعني عدم دعم القطاع العام وإفساح المجال للقطاع الخاص لكي ينافس العام بظروف غير متكافئة؟ ثم إن الرد لم يذكر ما هي هذه الصناعات الإستراتيجية الثقيلة التي بدأ بتطويرها، أما الخصخصة فهي سلوك وليس تسمية، والتخسير المتعمد لماذا يؤدي في النتيجة؟ مع التذكير بأنه تم إعطاء حق استثمار الرصيف الرئيسي لمرفأ طرطوس لشركة أجنبية وماذا يمكن القول بعد أن ألغت وزارة الاقتصاد الرسوم على السيراميك المستورد، وجعلت الصناعيين يعودون إلى معاناتهم السابقة؟ إضافة إلى إغلاق معمل بردى الذي كان يسدّ حاجة الشريحة المسحوقة من المواطنين، فهل هذا يعد دعم للصناعة الوطنية أم تخسير متعمّد.. وخصخصة بالتدريج؟.

ذكر الرد بأن معمل السماد لن يتم نقله إلى خنيفيس بلمسة سحرية، بل هناك دراسات طويلة ومعقدة.. وهنا نؤكد بأن المكتب الصحفي ينقض كلام الوزير وليس المقال، فالوزير هو من قال بأن المعمل سيتم نقله إلى خنيفيس، وهذا يؤكد قصور في رد المكتب الصحفي، وعدم مهنيّة في قراءة المقالات، أما توضيح الرد للفرق بين مفهومي الخصخصة والطرح للاستثمار، فلا تعليق!!!

ثم إن الرد قد نفى بشكل أو بآخر وجود قاعدة صناعية متينة أسسها الرئيس حافظ الأسد، ونحن إذ نؤكد وجودها الذي كان قوياً، وقد تم تخريبه بفعل إجراءات الحكومات المتتالية.

أما العمالة الفائضة التي وردت في تصريح الوزير ورد مكتبه الصحفي، فنوضح أن هناك فرقاً بين (الاستغناء) و(النقل) إلى خدمات أخرى.

في نهاية الرد ذُكر أن تصريحات الوزير وأرقامه هي مؤشرات وأرقام إحصائية دقيقة، مع أن الرد صرّح جهاراً في فقرة سابقة عدم توفّر الإحصاءات الدقيقة، فلماذا هذا التناقض؟ وذكر الرد أيضاً أن هذه التصريحات ليست مسيئة للشعب السوري لأنها لا تضلل القارئ، ونقول: إن تعقيبّنا هذا يؤكد أن تصريحات الوزير ومكتبه الصحفي يلزمها الدقة والانسجام، لأنها تناقض نفسها وتجافي الحقيقة بالكلام الوردي...