الحكومة تقصر.. فتعاقب الشعب!
الهدف الرئيسي من الدعم الحكومي لبعض المواد الغذائية والمحروقات وغيرها... هو اعتبارها زيادة عينية لدخول المواطنين الفقراء، وتحسيناً نسبياً لمستوى حياتهم المعاشية. أي أنه مكسب ضروري وهام التحم بحياتهم.
لكن للأسف، طالته يد الفساد أيضاً كغيره من المؤسسات، وتعرض للتهريب والاتجار بمواده، وتزوير بطاقاته ونهبه.
وفي ظروف شدة معاناة الشعب، من تدني مستوى الحياة المعاشية، وفلتان الأسعار من عقالها، وتفاقم البطالة، وتعرض بلادنا لتهديدات الإمبريالية الأمريكية والصهيونية، كانت الضرورة تقتضي، بأن تفكر الحكومة بتشديد الرقابة على السوق وعلى الفساد الكبير، وبزيادة المواد المدعومة، لترفع معنويات الشعب ومستوى مقاومته في وجه الأخطار التي تحيق بوطننا.
لكن، ومنذ أكثر من سنتين، بدءاً بالتلميح، وانتهاءً بتصريح نائب الوزراء السيد الدردري لوكالة رويترز البريطانية: «ستعلن الحكومة قريباً برنامجاً مدته سنتان لخفض الدعم عن بعض السلع التموينية والمحروقات..».
إن الخلل في توزيع الدعم، يعود إلى تقصير الحكومة في التعاطي مع جميع نواحيه، فهل من العدل معاقبة الشعب بحرمانه من هذا المكسب الهام، بسبب عجز وتقصير الحكومة عن المراقبة والمعالجة والمحاسبة؟
إن رفع الدعم فاجعة تزيد من فقر العمال والفلاحين وسائر الكادحين، فهل مثل هذا الإفقار المتعمد، يتفق مع توصيات المؤتمر العاشر لحزب البعث التي نصت على رفع مستوى حياة الناس المعاشية؟
ثمة وسائل كثيرة لتعويض خزينة الدولة أضعاف كلفة الدعم عليها، أبرزها كما ورد في قاسيون، محاربة الفساد والهدر والتهرب الضريبي والجمركي.. وسحب آلاف السيارات الحكومية الموزعة على الأهل والأصدقاء والصديقات، مع قسائم بنزينها وأجور إصلاحاتها، وبعضها مع سائقيها أيضاً.
كاد مجلس الشعب السابق في دورته الأخيرة، أن يقر مشروع الحكومة في رفع الدعم، لكنه حوّل القضية إلى مجلس الشعب الجديد، لأنه لم يرد أن يختم دورته بإقرار كارثة يوصم بها.
إذاً قضية رفع الدعم، ستطرح قريباً على مجلس الشعب لإقرارها.
قال صديق:
- إن مجلس الشعب الجديد، لن يقر مشروع رفع الدعم. سألته بتعجب:
- كيف ولماذا؟ قال معلقاً:
تقول الحكومة في تبريرها لرفع الدعم – كما ورد في مجلة أبيض وأسود: «إن 10% من الشريحة الأغنى في سورية تستفيد أكثر بـ 52 ضعفاً من الدعم مقارنة بما تستفيد منه الشريحة الفقيرة، وهم في مجلس الشعب أكثر وأقوى من السابق، فلماذا يحرمون أنفسهم من الدعم إذا كانوا يستفيدون منه بهذا المقدار؟ ومن ناحية ثانية، إن أغلبية أعضاء مجلس الشعب (يمثلون) العمال والفلاحين وسائر الكادحين، وإقرار رفع الدعم هو لغير صالحهم. قلت:
- ورغم ذلك، ماذا تقول لو جرى إقراره؟ قال:
- عندئذ تكون سياسة البنك الدولي الداعية – في كل العالم – إلى رفع الدعم كمبدأ اقتصادي، لزيادة ثروة الأغنياء، على حساب إفقار الشعوب، هي المستلهمة والمعمول بها في بلدنا، تنفيذاً لاقتصاد السوق الليبرالي الذي سموه – تحت بند التضليل – اجتماعياً!!
■ عبدي يوسف عابد