فك الارتباط بين الدعم والتضخم

كثر الحديث في الآونة الأخيرة في أوساط الاقتصاديين والإعلام الاقتصادي عن حركة ارتفاع معدل التضخم والمبالغ المخصصة للدعم,‏  ففي حين يعبر التضخم عن حركة تصاعدية في الأسعار لأغلب السلع والخدمات فإن الدعم يقدم للتخفيف من غلواء ذلك وخاصة على ذوي الدخل المحدود الذين يشكلون في سورية أكثر من 80% من عدد السكان, ولقد تجاوز التضخم عندنا مرتبة الرقمين وهذا ما أكده حاكم مصرف سورية المركزي في ندوة الثلاثاء الاقتصادية لعام .2007‏

(شهد الاقتصاد السوري في الأعوام القليلة الماضية تضخما زاحفا تمثل بارتفاع المستوى العام للأسعار, حيث بلغ التضخم بحدود 4,2% عام 2004 ثم بدأ التسارع إلى 7,4% و10,3% في عامي 2006 و2005). ويقدره بعض الاقتصاديين بأكثر من 15% وهذا يعني تراجعا في القوة الشرائية لوحدة النقذ الواحدة, فكيف إذا حصل ولا سمح الله برفع أو إعادة النظر بالدعم فعندها ستنطلق معدلات التضخم من عقالها وتؤدي إلى مشكلات اجتماعية ستؤثر بشكل سلبي على الانطلاقة الاقتصادية وستؤدي إلى تآكل موارد الدولة والأفراد.‏
لذلك أقترح قبل التفكير بموضوع الدعم التفكير بالسيطرة على معدل التضخم وهنا أذكر الحادثة التالية من كتاب ( تاريخ الفكر الاقتصادي- الماضي صورة الحاضر) تأليف: جون كينيث جالبرايت ترجمة أحمد فؤاد بليغ صفحة 299 وفيها يقول بما معناه (أنه بعد ارتفاع أسعار النفط في أميركا عام 1975 ارتفعت معدلات التضخم إلى 13,5% حسب الرقم القياسي لأسعار المستهلكين) وبتوجيه من الإدارة الأميركية إلى الاقتصاديين الأميركيين بضرورة وضع خطة تحت عنوان whipc inflation now أي لنضرب التضخم الآن), إنني أستشهد بهذه الحادثة لأتخيل كيف سيكون وضع المستهلك من ذوي الدخل المحدود في حال اجتمع التضخم مع إلغاء الدعم, ويمكننا أن نفكر جديا بآلية لتجاوز كل من التضخم ومبالغ الدعم من خلال التوجه نحو زيادة الإيرادات الإجمالية عن طريق ارتفاع معدل النمو ومحاربة الهدر والتركيز على قطاع الانتاج المادي الأول والثاني أي الزراعة والصناعة والانتقال من إدارة التكاليف إلى اقتصاد التكاليف والاعتماد على تكلفة انتاج المشتقات النفطية وخاصة المازوت بعد استبعاد كل التكاليف التي لا تمت للعمل الانتاجي بصلة, ولا سيما أن سبب التضخم في سورية هو تضخم تكلفة الانتاج بالدرجة الأولى والتوجه نحو استغلال النفط الخام عندنا وتحويله إلى منتجات نفطية تامة الصنع بدلا من تصديرها على شكل مواد خام, وعندها سيكون الفارق بين التصدير خام ومصنعا كافيا لتغطية المبالغ التي تدفعها خزينة الدولة لدعم المواطنين, كما أن التفكير الاقتصادي بإلغاء الدعم للمقارنة مع الدول المجاورة أو الأخرى يتطلب النظر أيضا بالمقارنة بالدخول أو متوسط الدخل مع هذه الدول .‏