فراس القاضي فراس القاضي

إلى الفريق الاقتصادي السوري...

حضرات الفريق الاقتصادي السوري:
ما زلت حتى اللحظة أحاول أن أقنع نفسي أن ما أسمعه وما أتابعه في الصحف والمقاهي والشوارع حول ما تسمونه إعادة توزيع الدعم وما نسميه نحن المواطنين رفع الدعم ولن نسميه غير ذلك، ما هو إلا مزحة أو استطلاع رأي أو ما شابه.

حاولت جاهداً أن أفهم كيف سيساهم وكيف سيؤدي تجويع المواطن إلى دعم الاقتصاد الوطني!
أي اقتصاد وطني تقصدون؟ أليس الاقتصاد الوطني السوري؟ أم أنا مخطئ؟
أم أنكم ستصدّروننا إلى مكان ما وتستوردون إماراتيين وكويتيين وسويسريين بدلاً منّا فيساهمون بنقدهم ومعاشاتهم المرتفعة في إنعاش الاقتصاد بعد أن ترفعوا الدعم وترتفع الأسعار؟!
طيب... وعلى مبدأ ( اللي ما بيجي معك روح معو ) أنتم تقولون إن الشرائح الأكثر فقراً لن تتأثر بهذا القرار... ما الذي يثبت لنا هذا الكلام؟ مع كل الاحترام لمناصبكم إن تصريحاتكم وتطميناتكم هي التي زادت رعبنا، فلقد تعودنا أنه عندما يتحدث المسؤول بثقة عالية عن موضوع ما فإن العكس لا محالة هو الذي سيقع، ومثالنا قريب جداً عندما منح رئيس الحكومة وزير الكهرباء أسبوعين لحل أزمة الانقطاعات والتقنين، وما جرى بعد إعطاء المهلة مباشرة هو زيادة ساعات التقنين التي تسبب بها حسب السيد الوزير موجة الحر الشديد، وبالفعل الحق على الصيف الذي لم يقدر أوضاعنا وأوضاع شبكتنا الكهربائية، ومع هذا تحملنا التقنين حتى بدأت المشكلة بالانحسار ولم نعوّل أصلاً على مدة الأسبوعين وضربناها لحالنا بعشرة.
لكن الحديث هنا ليس عن ساعة شوب، أو قيلولة مرت بصعوبة، الحديث عن ارتفاع أسعار ما لا يقل عن 200 سلعة إن لم تكن أكثر، مع تعويض حُددَت قيمته مبدئياً بـ 12 ألف ليرة في العام، يعني ألف بالشهر... ألف في الشهر... وساكن في أوضة وحدة... وعندو سبع عيال، إذاً المطلوب أن نتكل على الله ونشتغل رقاصة!!!
مرة أخرى ( اللي ما بيجي معك روح معو ) أين آليات تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي اللي من أول ما شفنا ما شفنا الخير؟ أين العرض والطلب؟ أين التجار المنافسون للتجار الموجودين؟ أين المستثمرون؟ أين إغراق السوق بالسلع المتعددة المناشئ والتي ستفرض تنافساً يؤدي بالضرورة إلى انخفاض الأسعار؟
أين التطبيق لكلمة اجتماعي التي أضيفت على مصطلح اقتصاد السوق حتى تستطيع الدولة من خلالها التدخل بالأسواق عند الضرورة كما صرح أكثر من اقتصادي بارز حاول تعريف اقتصاد السوق؟
لقد أثبتت حكومتكم فشلاً ذريعاً في السيطرة على الأسواق، وعجزت عن تثبيت سعر أي سلعة من البيض إلى البندورة إلى السكر إلى الشاي إلى غيرها وغيرها.
ثم خذوا من عمري ومن نظري ومن شبابي واشرحوا لي كيف ستستطيعون تحديد الأغنياء ومن ثم ترفعون عنهم الدعم؟
عجز كل من فكر بهذا الموضوع عن الوصول إلى أي نتيجة، شخصياً راجعت بطاقتي الشخصية واكتشفت والحمد لله أنني (تام) حسب العلامات المميزة، لكني لم أجد فيها خانة تدل على الوضعالمادي، فحمدت ربي أكثر لأنها لو كانت موجودة لفتحت علينا باب رشاوى جديد وسنُسَجّل نحن الفقراء الذين لا نملك ما نرشو به أحداً ( أغنياء ) ويُسجل الأغنياء الذين سيرشون كل من يرونه ( فقراء) وسيحصلون بدلاً منا على الدعم.

يا سادة:
يئسنا منكم ومن خططكم ومن دراساتكم، وأصبحنا نتعوذ بالله كلما رأينا أحدكم على شاشة أو صفحة جريدة...
فعلنا كل ما في وسعنا لنصدقكم وفشلنا... نتألم فنعض على العلم السوري بكل قوتنا حتى لا نصرخ، وننزف فنبلع دماءنا كي لا تسيل أمام أحد، نتحسر فنبتسم حتى يظهر آخر سن في فمنا حتى لا تصورنا إحدى الفضائيات ونحن نبكي.
وعلى عكس ما قام به بعض المثقفين والفنانين الذي أصدروا بياناً يناشدون فيه الحكومة بعدم رفع الدعم، أنا أطلب منكم بل وأطالبكم برفع فواتير الهاتف بعد الكهرباء ودراسة رفع تعرفة المياه، أطالبكم بتوزيع عدادات على المواطنين تحسبون بها أنفاسهم وكل مواطن يتجاوز في شهيقه وزفيره العدد المسموح به يُخصم من راتبه مبلغاً مرقوماً، وأطالبكم وأرجوكم بأن لا تتحننوا علينا بإبقاء الدعم على الخبز، بل ارفعوا الدعم عنه وارفعوا سعره كما تشاؤون أنتم وأصدقاؤكم التجار، فأن أموت من الجوع أشرف بكثير من أحيا في وطني ولا أستطيع أن آكل فيه شيئاً غير الخبز.