الأسعار والتسعير.. بين التضليل والتزوير
إن التقارير الرسمية التي تصدرها المكاتب المختصّة، وخاصّة حول ارتفاعات الأسعار المتتالية، وتدهور الوضع المعيشي لجميع المواطنين في سورية، لا تعكس الحقيقة الملموسة تماماً على أرض الواقع. قد يكون ذلك لعدة أسباب، منها التخفيف من حدّة تشوّهات الوضع الاقتصادي وتلطيف صورته، أو إيهام المواطن أن الوضع مازال في الإطار المقبول والمحمول، أو لانعدام قاعدة المعلومات، والحصول على البيانات الخاطئة أو المغرضة.
في هذا الإطار أصدر المكتب المركزي للإحصاء تقريره الذي يشير إلى أن الأسعار قد ارتفعت بنسبة 39.32 % منذ عام 2005، وهي سنة الأساس التي يحسب المكتب المركزي ارتفاع الأسعار على أساسها، ولكن بنظرة موضوعية متفحصة للواقع في فترات التحول الحاسمة في أسعار السوق، في أوائل الربيع وأوائل الخريف، يتبين وحسب تدرّج الأسعار المستشفة من واقع السوق، وحسب الدراسات الميدانية التي أجرتها «قاسيون»، أن الارتفاع قد بلغ ما بين شباط 2007 وشباط 2008، بمعدل 50.895 %، ثم عادت وارتفعت من شباط 2008 وحتى أيلول 2008، مروراً بشهر أيار الأسود، الذي تم فيه رفع الدعم عن المحروقات، وسجّلت أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية قفزات جنونية لم تشهد سورية لها مثيلاً من قبل، ووصل معدل الزيادة في الأسعار في هذه الفترة وحدها بحدود 29.56 %.أي أن الارتفاع في الأسعار منذ سنة ونصف فقط قد زاد عن 80 % خلافاً لما يدعيه المكتب المركزي للإحصاء الذي يقول إن الأسعار قد زادت بمعدل 39.32 % منذ عام 2005 وحتى الآن.
في هذا الإطار أصدر المكتب المركزي للإحصاء تقريره الذي يشير إلى أن الأسعار قد ارتفعت بنسبة 39.32 % منذ عام 2005، وهي سنة الأساس التي يحسب المكتب المركزي ارتفاع الأسعار على أساسها، ولكن بنظرة موضوعية متفحصة للواقع في فترات التحول الحاسمة في أسعار السوق، في أوائل الربيع وأوائل الخريف، يتبين وحسب تدرّج الأسعار المستشفة من واقع السوق، وحسب الدراسات الميدانية التي أجرتها «قاسيون»، أن الارتفاع قد بلغ ما بين شباط 2007 وشباط 2008، بمعدل 50.895 %، ثم عادت وارتفعت من شباط 2008 وحتى أيلول 2008، مروراً بشهر أيار الأسود، الذي تم فيه رفع الدعم عن المحروقات، وسجّلت أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية قفزات جنونية لم تشهد سورية لها مثيلاً من قبل، ووصل معدل الزيادة في الأسعار في هذه الفترة وحدها بحدود 29.56 %.أي أن الارتفاع في الأسعار منذ سنة ونصف فقط قد زاد عن 80 % خلافاً لما يدعيه المكتب المركزي للإحصاء الذي يقول إن الأسعار قد زادت بمعدل 39.32 % منذ عام 2005 وحتى الآن.
ما الأساس في تقرير المكتب المركزي؟
قد يكون المكتب المركزي للإحصاء قد استند في تقريره هذا على مسودات النشرات الرسمية للأسعار التي لا تُظهر الارتفاعات الحقيقية للأسعار، وتكون الفوارق فيها بين عام وآخر قليلة ولا تذكر، وهذه النشرات تصدرها لجنة تسيير أعمال سوق الهال، التي تضم ممثلين عن تجار الجملة في سوق الهال، وممثلين عن دائرة الأسعار في وزارة التموين (الاقتصاد والتجارة)، وممثلين عن مجلس المحافظة. ودائماً تكون نشرة الأسعار التي تحددها هذه اللجنة أقل بكثير من الأسعار الحقيقية للمواد الاستهلاكية في السوق. والسبب في ذلك هو أن تجار الجملة لا يلتزمون بها، وهذه النشرة غير محمية، وأول من يخرقها هم من وضعوها، وذلك بسبب احتكارهم للسلع التي يستلمونها من المنتِج، وينفردون بتسويقها لتجار المفرّق بالسعر الاحتكاري الذي يفرضونه، بما يناسب جشعهم وأساليب احتكارهم.
التسعيرة الرسمية وهمٌ، والمعالجة بالفساد
نعم إن المكتب المركزي للإحصاء قد يكون بنى تقريره على النشرات الرسمية للأسعار التي تبقى على الورق فقط، بينما في الواقع تنعكس الصورة السيئة للتجارة، من جشع وطمع واحتكار، وأسعار ظالمة لا تتقيد بقوانين. وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة قد أعلنت عن أرقام لهواتف الشكاوى في حال ضبط أحد المواطنين تلاعباً بالأسعار عند بائع مفرّق، ولكن دوريات التموين المختصة بالأسعار ومكافحة التلاعب بها، لا تقوم بدورها في ضبط الأسعار والمخالفات، لأنها تعلم حقاً أن بائع المفرق لا يستطيع بأي شكل من الأشكال الالتزام بالنشرة الرسمية، لأن خرقها والتلاعب بها يتم من التجار الكبار في سوق الهال، تجار الجملة الذين يقفزون فوق أسعار النشرة دون حسيب أو رقيب. فإن كنا ندّعي لأنفسنا محاربة الفساد، فإن الحل يكون باجتثاث الفساد من جذوره، والكبير منه أولاً، حتى يتّعظ الصغير، وفي ذلك تكريم للوطن والمواطن.