المازوت والبنزين.. سكوتٌ على الربح نَوْحٌ عند الدعم!

المازوت والبنزين.. سكوتٌ على الربح نَوْحٌ عند الدعم!

القائمون على السياسة الاقتصادية أعلنوا نواياهم منذ نهاية عام 2014، فهم لا يريدون دعم المحروقات، بل تغيير سعرها بشكل انتقائي مع تغير السعر العالمي، وسعر صرف الدولار..

وزير النفط يصرّ على القول بأن المحروقات مدعومة، فهل المحروقات مدعومة، أم هل هي بالكلفة، أم هي مصدر ربح، وما حصيلة التقلبات خلال عام 2016 في سعر النفط، وسعر الصرف على مبيعات الحكومة؟

لإظهار أثر تغيرات أسعار الصرف وأسعار النفط عالمياً على فاتورة الحكومة، لا بد من دراسة الفترة التي بقيت فيها أسعار المحروقات في سورية دون تغيير يذكر، وليس أسعار اللحظة الحالية، سنعتمد على تغيرات الأسعار العالمية للمشتقات النفطية ومقارنتها بسعر الصرف الرسمي المعتمد لتمويل المستوردات من خلال شركات الصرافة، وصولاً لبيان حجم الخسارة/الربح بعد رفع الأسعار.

رفعت الحكومة أسعار المحروقات بنسبة تفوق 37%، وكانت أعلى نسبة ارتفاع للبنزين بنسبة 40.6% ثم لأسطوانة الغاز بنسبة 38.8%، ثم للمازوت بنسبة 33,3%.

بدراسة تغيرات أسعار المشتقات النفطية العالمية ما بين الشهر الأول من عام 2016، والشهر السادس منه، يتبين أن قطاع المحروقات الحكومي انتقل من الربح بنسب عالية في بداية العام، إلى دعم في الشهر الخامس عندما نقلت السوق السوداء، ومعها المصرف المركزي سعر تمويل المستوردات من 353 ليرة للدولار في شهر 1-2016 إلى 535 ليرة للدولار في شهر 5-2016، رجوعاً إلى الربح بعد رفع الأسعار الحالي. وبأخذ وسطي لتغيرات سعر النفط بين شهر 1 وشهر 6 من العام الحالي، وأخذ سعر صرف لتمويل المستوردات كما هو اليوم: 470 ليرة للدولار، ينتج معنا أن بيع الحكومة للمحروقات من مازوت وبنزين يحقق ربحاً هاماً باللتر بالمحصلة الوسطية.

ربح بداية العام  

كلفة لتر المازوت في شهر 1-2016، كانت لا تتعدى 90 ليرة، وسعره المحلي كان 135 ليرة، والربح كان 45 ليرة في اللتر. أما كلفة لتر البنزين في شهر 1- 2016، كانت تقارب 107 ليرة للتر، بينما كان سعره المحلي 160 ليرة، والربح 53 ليرة في لتر البنزين.

وهذه الكلف محسوبة على أساس الأسعار العالمية في التوقيت ذاته، مع نسبة تكاليف الشحن والتأمين، ووفق سعر صرف الدولار في التاريخ المذكور.

وتعود هذه الأرباح المرتفعة إلى الانخفاض الكبير في أسعار النفط، الذي لم يدفع إلى إصدار قرارات بتخفيض سعر المشتقات النفطية، وبقيت أسعار المازوت والبنزين ثابتة تقريباً في سورية، بين نهاية عام 2015، و 2016 حتى الارتفاع الحالي، بينما كانت أسعار النفط العالمي تتراجع بمستويات غير مسبوقة، فقد انخفضت أسعار المازوت عالمياً بين عامي 2015-2016 بمعل 28% من 0.43$ وسطي سعر لتر المازوت في عام 2015 إلى 0.31$ وسطي سعر المازوت عالمياً في 2016. بينما انخفضت أسعار البنزين عالمياً للفترة 2015-2016 بمعدل 21.5% من 0.42$ وسطي سعر اللتر عام 2015 إلى 0.33$ وسطي سعر اللتر في عام 2016.

دعم ثم ربح

ارتفعت أسعار الصرف بشكل جنوني في الشهر الخامس من عام 2016، بعد أن نقلت السوق السوداء، ومعها المصرف المركزي سعر تمويل المستوردات من 353 ليرة للدولار في شهر 1-2016 إلى 535 ليرة للدولار في شهر 5-2016، ثم عاد ليستقر سعر تمويل المستوردات في الفترة الحالية عند 470 ليرة للدولار.

وبناء على أسعار صرف الدولار المتذبذبة، تستطيع الحكومة أن تقول أنها كانت تدعم المازوت والبنزين، مع ارتفاع في أسعار النفط، ومع ارتفاع سعر الصرف. وبأخذ الأسعار الوسطية للنفط خلال 2016، وسعر تمويل المستوردات 470 ليرة للدولار، فإن المازوت والبنزين خلال العام كان مدعوماً ثم أصبح رابحاً بعد الرفع: 

 سواء كانت المشتقات رابحة أو مدعومة، فإن رفع أسعارها هو أمر غير مبرر، بمعنى السياسة الاقتصادية، والضرورات الوطنية، هذا إذا ما كانت السياسات الاقتصادية تضع مسألة حماية الليرة، وتقوية الاقتصاد، وخفض المستوى العام للأسعار والكلف في حساباته الضيقة، لربح اللتر ودعمه، التي توضح البيانات أنها مليئة بالمغالطات، وأنها مفتوحة على احتمال ربح وسطي عالي من القطاع الذي يرفع مستويات الأسعار ويخفض قيمة الليرة بمستويات قياسية. الاقتصاديون يقدرون أن رفع أسعار المشتقات النفطية سيرفع الأسعار بنسبة 100%، إلا أن التقدير الدقيق للنسبة أصبح معقداً في المرحلة الحالية. إلا أنه من المحسوم أن رفع أسعار المشتقات النفطية هو ضربة لليرة السورية، أشد وأقوى من ضربات المضاربة المباشرة عليها كلها..

ربط المشتقات بالدولار.. أسئلة مشروعة:

• لماذا تسعّر المشتقات النفطية على أساس تغيرات سعر صرف الدولار، ولماذا لا يثبت سعر الدولار لاستيراد هذه المشتقات؟ وهل هذا يعني أن الحكومة تشتري دولارات استيراد المشتقات من السوق؟! أم أن هذا يعني أن القطاع الخاص هو من يستورد المشتقات النفطية للدولة؟!

• لماذا لا تثبت أسعار المشتقات النفطية على أساس سعر توازني للدولار، لتتغير فقط مع تغيرات سعر النفط العالمي، ألا يساهم هذا في تثبيت سعر صرف الليرة، وفي تخفيض تكاليف المشتقات النفطية؟!

• ماذا عن الخطين الائتمانيين النفطيين المتتاليين من إيران التي تزود سورية بالنفط الخام، بقيمتها التي تفوق 7 مليار دولار؟! وعن انتظام وصول 3 ناقلات نفط شهرية من إيران كما صرح وزير النفط، ألم تعيد الحكومة وتكرر أنها تستورد النفط الخام، وتقوم بتكريره في المصافي السورية؟! فلماذا يتم التسعير وفق أسعار المشتقات العالمية؟! ولا تختصر من كلفة التكرير المحلية؟!

• ماذا عن 445 مليار ليرة وضعتها الحكومة في موازنة 2016 لدعم المحروقات، وليس لشرائها؟! وأين ذهبت الأموال المخصصة للدعم، إن كانت المشتقات الرئيسية رابحة بداية العام، ورابحة وسطياً بعد رفع الأسعار؟!

لماذا يتم رفع أسعار الغاز بهذه النسبة الكبيرة مع ارتفاع الدولار، وهو الذي لا يزال يأتي من الحقول المحلية، ولا يزال يعبأ بالجزء الأهم منه في الشركات العامة؟!

• ماذا عن الحصول على المشتقات النفطية من الحقول السورية، والأحاديث التي يتم تناقلها حول قدرة (رجال أعمال سوريين) على الوصول إلى طرق النفط غير الشرعي وتأمين حاجات البلاد؟!