ماذا لو حولنا الحوالات لمحروقات؟!
وكان وزير الاقتصاد السوري في ذروة أزمة اللجوء السورية، قد عبر عن العقلية العامة للقائمين على السياسة الاقتصادية، في التعامل مع النتائج الكارثية للأزمة السورية، عندما لم ير من أزمة اللجوء سوى (ضغطاً على الليرة)، معتبراً بأن السوريين في استعدادهم للهرب من البلاد يزيدون الطلب على الدولار..
لم يشر الوزير أو غيره من المتحدثين بلسان الليبرالية المقيتة، إلى (غنائم الحرب) المتمثلة بكتلة الحوالات الهامة، التي يعيدها مهاجروا السوريين إلى أهلهم شهرياً، بعد أن يقتطعوها من القليل الذي تمولهم به دول اللجوء.
من 730 مليون دولار إلى 1,8 مليار!
في عام 2014 كان حاكم المصرف المركزي، قد أشار إلى أن وسطي تدفق الحوالات اليومي إلى سورية يتراوح بين 1,5- 2,5 مليون دولار يومياً، أي بوسطي 730 مليون دولار خلال عام، أما في العام الحالي، فقد وصل وسطي الحوالات اليومية إلى 5 مليون دولار يومياً، أي قرابة 1,8 مليار دولار خلال عام..
وهذه المبالغ هي التي تصل عبر السوق النظامية، وشركات ومكاتب التحويل، إلى المصرف المركزي، بعد أن يسمح لشركات ومكاتب الصرافة بالاحتفاظ بنسبة 25% من القطع الأجنبي المحول في عام 2014، أي حوالي: 182 مليون دولار. وارتفعت هذه النسبة إلى 30% في عام 2016، لتحتفظ المكاتب والشركات بمقدار وسطي تقريبي: 540 مليون دولار..
فماذا لو خصصت هذه المبالغ للمشتقات النفطية؟!
5 مليون يومياً: 4 محروقات - 1 دعم!
إن 1,8 مليار دولار حوالات، أي حوالي 5 مليون دولار يومياً، تفوق كامل مشتريات شركة محروقات في عام 2015 من بنزين ومازوت وغاز وفيول، والتي بلغت 470 مليار ليرة، أي حوالي 1,5 مليار دولار سنوياً، و 4 مليون دولار يومياً، بسعر الصرف الرسمي لشهر 12- 2015 (305 ليرة مقابل الدولار).
أي بفرض ثبات استهلاك المشتقات النفطية والأسعار العالمية، فإن الحوالات اليومية، تستطيع أن تغطي حاجات الاستهلاك اليومية من المشتقات النفطية كلها، ويزيد مليون دولار يومياً.
أي أن الحوالات السنوية، تستطيع أن تغطي تكاليف شراء المحروقات، ودعمها بنسبة 25%.
قد تبدو هذه المقاربات (بسيطة وبريئة) ولكنها محقّة، فالمؤكد أن الدولارات التي تصل للمصرف المركزي، ولسوق الصرافة، من هجرة السوريين وغربتهم وعملهم في الخارج، يحولها الليبراليون إلى فرصة للتدفق اليومي للدولار إلى السوق، والمضاربة به، بينما من الممكن أن تتحول إلى موارد يومية لتمويل دعم الليرة، ودعم الأسر السورية التي تعيش على المساعدات ودعم اقتصاد البلاد وتخفيض مستويات الأسعار..
إن التدفق اليومي للدولار من حوالات السوريين، يتيح أن يتأمن تدفق قطع أجنبي يومي للخزينة العامة من الممكن أن يتم توظيفه في تثبيت أسعار ودعم مصادر الطاقة الرئيسية، ولهذا سلسلة من الفوائد أهمها عزل تغيرات سعر صرف الدولار عن تغيرات أسعار المشتقات النفطية، وإعادة دعمها، وتثبيت كلفة الدعم طالما أنها مدفوعة بالدولار. وهذا يؤدي عملياً إلى تقوية الليرة، وتخفيض مستوى الأسعار العام، وزيادة الأجور الحقيقية، ودعم الإنتاج..
هل يستطيع الليبراليون أن يطبقوا سياسة من هذا النوع؟! بالطبع لا، فهي تتطلب أن يكون استخدام القطع الأجنبي لدعم الإنتاج، هو الهدف، والسياسة الاقتصادية المتكيفة مع قوى السوق التي تربح من الجوع ومن تراجع قيمة الليرة، لا تناسبها أي سياسة مخالفة لذلك..
ولكن ما نريد أن نقوله أن الحلول البديلة موجودة ومتاحة، ولكن النية والقرار غير موجودين..
1,8 مليار دولار
يبلغ وسطي تدفق الحوالات اليومي إلى سورية 5 مليون دولار، أي حوالي 1,8 مليار دولار خلال سنة، وقد ارتفع هذا الرقم عن تقديرات عام 2014 البالغة 730 مليون دولار، على اعتبار أن الوسطي اليومي 2 مليون دولار.
1,5 مليار دولار
بلغت مشتريات شركة محروقات قرابة 470 مليار ليرة في عام 2015 من كل المشتقات النفطية، أي حوالي 1,5 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي لنهاية عام 2015 (305 ليرة للدولار). أي أن 4 مليون دولار يومياً تؤمن مشتريات المحروقات.
25% دعم
بفرض ثبات كميات الاستهلاك، والأسعار العالمية، فإن 5 مليون دولار حوالات يومية تستطيع أن تؤمن مشتريات المحروقات اليومية بمقدار 4 مليون دولار، ويتبقى مليون دولار يومياً تستطيع أن تؤمن دعم المشتقات بمقدار 25%.