شركات التأمين.. أرباح مؤمنة من المخاطر والضرائب!

قاسيون تقدم قراءة وتحليلاً للبيانات المالية النهائية  لـ6  شركات تأمين خاصة  مدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية خلال العام 2015، ليتبين توسع النمو في الأرباح والموجودات..

يصل إلى شركات التأمين والمصارف وهي أهم مؤسسات القطاع المالي، حصة كبيرة من الدخل الوطني سنوياً، وطالما أن هذه المؤسسات المالية خاصة، فإن طريقة استثمار هذه الموارد المتراكمة هي مسألة مرتبطة بمصالح ملاكها، وهم ينجحون بتحقيق الأرباح والتوسع في ظل الازمة.. وتحقق هذه الموارد لمستثمريها عوائد مقابل عائد (صفري) بالنسبة للاقتصاد السوري في أزمته الإنتاجية والاجتماعية العميقة.

حقق قطاع التأمين خلال العام الماضي 2015، وهو العام الخامس للأزمة السورية نمواً في الأرباح والموجودات، فقد ازدادت موجودات الشركات من 20.6مليار ل.س عام 2014 إلى 23.6مليار ل.س عام 2015، وقابلها زيادة في الإيرادات المحققة من 4.3 مليار ل.س عام 2014 إلى 5,8 مليار ل.س عام 2015.

فمن أين تأتي إيرادات هذا القطاع؟

إن مصادر الإيرادات المحققة في شركات التأمين الخاصة تأتي من أقساط التأمين، من ارتفاع سعر صرف الدولار، من تشغيل أموالها لدى المصارف الخاصة، والجزء الأخير لقاء خدمات التأمين.

3.2مليار ..أقساط تأمين

بلغ صافي أقساط التامين التي سددها السوريون لصالح 6 شركات تأمين خاصة مدرجة في سوق دمشق: 3,2 مليار ليرة عام 2015 وتشكل 55% من إجمالي الإيرادات، وتودع في المصارف دون أي استثمار، وتحصل شركات التأمين مقابلها على فوائد.

1.8مليار..من انخفاض قيمة الليرة

تخلص شركات التأمين الخاص في تحليلها لأثر المتغيرات على صافي الخسائر والأرباح إلى أن: انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي يساهم في زيادة أرباح الشركات، حيث تتحول الخسائر في قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية أرباحاً مضاعفة لدى هذه الشركات.

فمن خلال بيانات الشركات لعام 2015 نجد مكاسبها من تغيرات أسعار الصرف خلال عام 2015 قد بلغت 1.8مليار ل.س موزعة على 6 شركات وتشكل 31% من إجمالي الإيرادات. وقد ازدادت هذه الأرباح بين عامي 2014-2015 بمقدار 4أضعاف (بمعدل 400%) من 488مليون ل.س عام 2014 إلى 1.8مليار ل.س خلال عام 2015.

743مليون ل.س من المصارف

أما كيف تستثمر شركات التأمين الخاصة هذه الأموال المودعة لديها؟ فهناك طريقة وحيدة معلنة، هي إيداعها في المصارف الخاصة، لتقوم المصارف بتشغيلها، فقد بلغت ودائع شركات التأمين لدى المصارف 10.4مليار ل.س وحصلت مقابلها على 743مليون ل.س كفوائد خلال عام 2015، وتشكل 13% من إجمالي الإيرادات المحققة.

114مليون ل.س خدمات التأمين

العمولات التي تتقاضاها شركات التأمين كمقابل للخدمات التأمينية المقدمة بلغت 114مليون ل.س فقط خلال عام 2015 وتشكل 1.9% من إجمالي إيراداتها، بفعل تراجع نشاط هذه الشركات، كنتيجة طبيعية لتراجع قدرات السوريين على التأمين، ولأن القوانين تتيح لهذه الشركات قنوات لتحقيق أرباح مضاعفة وهامش مخاطرة منخفض.

65%من الأرباح لا تخضع للضرائب

حققت هذه الشركات أرباحاً إجمالية خلال عام 2015 بلغت 2.8مليار ل.س، وبعكس معدل ضريبة الدخل على أرباح هذه الشركات الذي يجب أن يبلغ 15% فإن الضرائب المستحقة لهذه الشركات هي: 420مليون ل.س في عام 2015، بينما البيانات المالية تشير إلى ضرائب لا تتجاوز:  138مليون ل.س!

هذا الانخفاض في حصيلة ضرائب الدخل على أرباح الشركات، ناجم عن إعفاء الأرباح الناجمة عن تغيرات أسعار الصرف من الضريبة، بذريعة كونها أرباحاً غير محققة (غير ناتجة عن النشاط التشغيلي) والتي تبلغ 1.8مليار ل.س وتشكل 65% من إجمالي الأرباح.

إن هذه السياسة تخفض من الضرائب على أرباح الشركات، وتحفزها على تحويل الجزء الأكبر من أرباحها إلى دولار أو أية عملة أجنبية عدا الليرة.

ربح أكبر ضريبة أصغر!

ارتفع صافي الربح المحقق بين عامي 2014-2015 بمعدل زيادة 145% من 1.1مليار ل.س عام 2014إلى 2.7مليار ل.س خلال عام 2015، بالمقابل ازدادت ضرائب الدخل بمعدل 30% فقط  من 106مليون ل.س عام 2014 إلى 138مليون ل.س عام 2015. ما يدل على تهرب ضريبي وتوسع الإعفاءات.

الأرباح تتضاعف مرة ونص!

ارتفعت الأجور وملحقاتها بين عامي 2014-2015 بمعدل 16% فقط من  564 مليون ل.س عام 201 إلى 656مليون ل.س عام 2015، مقابل  145% معدل زيادة صافي الأرباح المحققة التي يتقاسمها كبار المساهمين، والتي ياتي جزء هام منها من تراجع قيمة الليرة وزيادة الدولار.  

 

التأمين العام .. أفضل بمقاييس مختلفة

عندما بدأت شركات التأمين الخاصة العمل في السوق السورية في عام 2005، حصلت بسهولة على سوق مضمونة، وفق قوانين الترخيص، حيث تم منحها حصة من سوق عقود التأمين الإلزامية، كالتأمين الصحي، والسيارات والحرائق وغيرها، والتي كنت تقوم بها شركات التأمين العامة، وأصبحت توزع هذه السوق وفق حصص سنوية تحددها هيئة الإشراف على التأمين، والشركات لا تلتزم بهذه النسب، فعلى سبيل المثال حصتها من التأمين الإلزامي للسيارات محددة بـ 40%، وبالمقابل فإن الشركات الست من أصل 12 شركة خاصة مرخصة اخذت حصة تبلغ 50% بمقدار 1,9 مليار ليرة متجاوزين الحد المسموح به في عام 2015.

إن وجود شركات التأمين العامة، يتيح أن تتحول الموارد المجمعة كأقساط تأمين إلى فرص استثمارية حقيقية، فيما لو تغيرت السياسات الاقتصادية الحالية، كما على أن البيانات تدل ان الشركات العامة تقدم الخدمة لزبائنها بشكل حقيقي، ويظهر هذا من مقارنة نسبة التعويضات المدفوعة للزبائن بالقياس إلى الأقساط المقدمة من قبلهم، حيث تعوض المؤسسة العامة للتأمين زبائنها بنسبة 73% من الأقساط التي يدفعونها، بينما تعوض الشركات الخاصة زبائنها بنسبة 42% فقط مما يدفعون.