اسمنت عدرا: نجاح على إيقاع الحرب .. و(الثمرة للمستثمرين)!

بداية السبعينيات تم تأسيس معمل عدرا لصناعة الاسمنت بخطين إنتاجيين، أضيف لهما الخط الثالث في عام 1982، وبتعداد 1700 عامل، ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم يعمل المعمل بخطوطه الإنتاجية الثلاثة ولكن بـ 685 عامل فقط.

قاسيون زارت المعمل وسجلت شيئاً من الوقائع الكثيرة التي مرت على معمل أصبح عمره 37 عاماً اليوم، ومرت عليه سنوات الأزمة الخمس بقسوة، ولكن دون تهديد جدي لاستمرارية عمله، حيث يطاله الخطر من موضع آخر..

حكاية الخطوط الثلاثة

ثلاثة خطوط ألمانية أسست المعمل، وتقول إدارة الشركة بأن طاقتها التصميمية كانت إنتاج 1000 طن، ولكنها منذ البداية أنتجت 800 طن، العمر الوسطي لخطوط الاسمنت هو 50 عام يتم اهتلاكها وتنسيقها بالكامل، ما يعني أن الخطوط الثلاث قد تجاوزت ثلثي عمرها الإنتاجي، إلا أنها لا تزال حتى اليوم تنتج بطاقة 750 طن يومياً، أي خسرت خلال 37 عام 6% فقط من طاقتها، وهذا لم يأت عبثاً بل بجهد كبير..

عام 2010، استبدلت الشركة الفلاتر القديمة نتيجة تزايد انبعاث الغبار، وكان لهذا الاستبدال الضروري أثر بيئي وصحي إيجابي، وأثر سلبي على إنتاجية الخطوط، التي انخفضت من 800 طن يومياً إلى 600 طن، ونتج عن هذا الحاجة إلى معايرة الخط التكنولوجي، للعودة إلى مستوى الإنتاج السابق. ومن هنا تم التعاقد مع شركة مصرية لتقوم بالمعايرة، إلا أن المصريين انسحبوا في عام 2011، وبقي المعمل خلال الأزمة يعمل بطاقة 600 طن، وخسارة ربع الطاقة الإنتاجية تقريباً، حيث يعتبر السوريون مستهلكون لتكنولوجيا خطوط الاسمنت، رغم أن هذه الصناعة تعود إلى الثلاثينيات في سورية.

من التجريب للإنجاز

في شهر 2-2013 شكلت إدارة معمل عدرا، فريق عمل فني من المعمل، حاولوا أن يقوموا بعملية معايرة الخط، لرفع الطاقة الإنتاجية، وقاموا بعمل تجريبي لرفع طاقة الإنتاج، ونجح الأمر في خط الإنتاج الأول خلال 4 أشهر، وتكرر نجاحه في الثاني خلال 17 يوم، وارتفعت الطاقة الإنتاجية من 600 إلى 750 طن باليوم لكلا الخطين. في واحدة من أهم التجارب المتكررة في كافة المعامل العامة المستمرة في العمل، والتي تشير إلى أن العقوبات قد تكون فرصة، لإطلاق القدرات الكامنة. وفي حين الشروع بمعايرة الخط الثالث كان التوتر الأمني في منطقة عدرا قد بدأ، لتتوقف الشركة عن العمل لمدة 10 أشهر، اعتباراً من شهر 12- 2013، حيث تم ضرب خطوط التوتر المغذية للشركة، ليستمر التوقف الإنتاجي حتى 10-2014.

عودة للإقلاع.. بطاقة أضعف

عاد المعمل إلى الإنتاج بعد إصلاح خط التوتر الكهربائي، وتحرير المنطقة، وتم مباشرة تنفيذ برنامج معايرة وصيانة الخط الإنتاجي الثالث، ولتعمل الشركة بطاقة 2250 طن يومياً لخطوط الإنتاج الثلاثة سوية. وهنا أتت الصعوبات من موضع آخر، حيث انخفضت في عام 2014 مخصصات الشركة الكهربائية من 24 ميغا إلى 15 ميغا باليوم، وفق نظام التقنين المطبق الذي لم يستثن الصناعات العامة الهامة، أي لتخسر 37% من الطاقة الكهربائية اللازمة.

في عام 2015 توقف تزويد الشركة بالغاز لمدة ثلاثة أشهر، من تموز وحتى نهاية أيلول 2015، وهي التي تعتمد عليه في عمليات الإحراق وتشغيل الأفران عوضاً عن الفيول في شركات الاسمنت الأخرى، وترافق هذا مع تقليص مخصصات الكهرباء إلى 1 ميغا فقط، فتوقفت الشركة بشكل كامل لثلاثة أشهر، ولكن العمال خلال فترة عدم توفر عناصر الطاقة قاموا بإخراج دارة الفيول التي يمتلكها المعمل منذ التأسيس، وتوقف استخدامها مع استخدام الغاز، وأعادوا تجهيزها تحسباً لدخولها العمل، مع عدم توفر الغاز. كما استمرت عمليات تعبئة مخزون حوالي 28 ألف طن من الكلينكر.

عادت الكهرباء إلى مستوى 15 ميغا في نهاية شهر 9-2015، ولكنها بقيت تعمل على الفيول فقط حتى شهر 4-2016، عندما تم تخصيص المعمل بثلث الكميات السابقة، حيث كانت الحاجات اليومية 300 ألف متر مكعب من الغاز، بينما التزويد اليومي 100 ألف فقط. حيث أن المعمل اليوم ينتج 35% من إنتاجه على الغاز، و 65% من إنتاجه على الفيول، حيث يستخدم الوقود لحرق المواد الأولية.