(إن تنفع الذكرى)..  تجارب من شراكات ما قبل الأزمة!

(إن تنفع الذكرى).. تجارب من شراكات ما قبل الأزمة!

تُذكّر قاسيون بأهم تجارب التشاركية بين القطاع الخاص والعام التي تمت في العقد الأول من القرن الحالي وكانت نتائجها ذات دلالة على مآلات الشراكة في الخدمات والإنتاج الصناعي والمرافق الرئيسية وحتى في السياحة.

المرافئ.. الشركة (الهاربة)

في عام 2007 أعلن وزير النقل يعرب بدر في حينه: (أن الوزارة بصدد تطوير المرافئ السورية بالتعاون مع بنك الاستثمار الأوروبي، وأن شركة فلبينية (ICTSI) ستقوم بتزويد مرفأ طرطوس بالحاويات اللازمة بعقد تصل قيمته إلى 40 مليون يورو)..
قدمت الدولة للشركة، الرصيف رقم 7 وهو أفضل الأرصفة في المرفأ ويشغل 1/8 من المساحة، ويشكل دخله ٤٨٪ من دخل مرفأ طرطوس، مع مستودع ومجموعة من الآليات. تعهدت الشركة بالمقابل على استثمار مبلغ 39 مليون دولار.
(لم تتحقق الأرقام المخطط لها وفق العقد وكان التقصير واضحاً بأداء عمل المحطة. معدلات الحركة الإنتاجية بلغت: في السنة الأولى : 61 % ، الثانية: 38 % ، الثالثة: 29% من حجم الحركة المتوقعة للحاويات أما في عام 2011 فانخفضت إلى 20%، بعدد حاويات 53 ألف مقابل 266 ألف مخطط)، وفق كتاب من المرفأ لوزارة النقل عام 2012.
 (هربت) الشركة بشكل مفاجئ منهية العقد بشكل غير شرعي، ما ترتب عليه عدم تسديد المبالغ المتبقية، وعاد الرصيف لتديره الدولة ويعود للإنتاج! وينبغي الملاحظة أن مذكرات النقابات كانت قد أشارت إلى أن الرصيف قبل الاستثمار حقق  1,4 مليار ل.س خلال عام، أما مجمل الإيراد المتوقع خلال سنوات الاستثمار في العقد لم يكن أكثر من 3,8 مليار ل.س.

 

الخليوي.. (الشريك المحتكر)

أهم تجارب التشاركية كانت في تأسيس وتشغيل قطاع الخليوي من قبل رؤوس الأموال الخاصة المحلية والأجنبية، بالشراكة مع المؤسسة العامة للاتصالات، حيث انتهى في اليوم الأخير من عام 2014 عقد الشراكة بصيغته التي كان من المفترض أن تصل فيها حصة الدولة إلى 60% من الإيرادات، ثم تعود الملكية والإيرادات كاملة للدولة مع نهاية العقد، لتقوم بتشغيل القطاع، وتم ترخيص الشركتين ما يعني أن الدولة لم تعد تملك شبكة الخليوي التي تشغلها الشركات، وبالتالي لا يحق لها استردادها، ويترتب على ذلك أن تدفع الشركات مبالغ تعويضية، وتتقلص حصة الدولة من الإيرادات أو تلغى،وتشير المعلومات أن حصة الدولة تقلصت إلى 25% من الإيرادات فقط، وحصلت على مبلغ 100 مليار ل.س، كان من المفترض أن تكون 2 مليار دولار ولكنها دفعت بسعر صرف عام 2010: 50 ل.س،  حصلت الشركتين على (صفقة العمر)، وهي ملكية 75% من شبكة الاتصالات الخليوية المستثمرة إلى اليوم، مقابل مبلغ يعادل بدولار نهاية 2014: 500 مليون دولار. قاسيون (العدد 699).
إن وجود الشركات الخاصة في إدارة واحتكار هذا القطاع، أدى إلى منع انخفاض أسعار الخدمات، مع فرض أسعار احتكارية حيث تأتي سورية في المرتبة الثالثة بين الدول العربية التي يستحوذ فيها القطاع الخاص على أعلى إيرادات الاتصالات الخليوية، وأوسع مستوى لخصخصة القطاع، وتتبوأ شركات الاتصالات المراكز الأخيرة من حيث التنافسية (17 من أصل 19)، ومراكز متقدمة من حيث ارتفاع الأسعار (المرتبة الثالثة في سعر الرسائل النصية ومسبق الدفع) وهذا بحسب تقرير لمجموعة المرشدين العرب في عام 2012 بعنوان «مستوى الخصخصة في أسواق الاتصالات الخليوية العربية»، يضاف إلى ذلك أن أعضاء مجلس الإدارة البالغين 10 أعضاء حصتهم 91% من الموجودات على الرغم من أن عدد المساهمين يبلغ 6600 مساهم في شركة «سيرتيل» على سبيل المثال). بينما تشكل تكاليف 285 دقيقة اتصال خليوي في سورية، وانترنت 3G مقدار 31% من الحد الأدنى للأجور السورية في 3-2015، وهي أعلى تكلفة بالمقارنة مع الأجر في دول عربية مجاورة (مصر: 8,3%- الأردن: 6,3%- الإمارات: 3,5%).
الحكومة التي تسجل في موازناتها أنها تحصل على 50 مليار ل.س سنوية من شركات الخليوي، ضيعت نتيجة تخليها عن ملكية وتشغيل الشركتين، ما قدرته قاسيون بحوالي 1000 مليار ل.س بعد 10 أعوام، بفرض أن الشركتين بقيتا بمعدل نمو 3% فقط، مع افتراض أن قيمة التجهيزات 100 مليار ل.س!.

 

فرعون للإسمنت

قرر أصحاب القرار أن معمل إسمنت طرطوس يحتاج إلى مستثمر خاص ليرفع كفاءته وإنتاجيته ويأخذ حصة من أرباحه، ووقع الاختيار على شركة (فرعون)، بعد مرور نصف مدة العقد كانت النتائج التالية:  «لم ترتفع الإنتاجية رغم انقضاء نصف مدة العقد، ودون أن تتخذ إدارة المعمل أو المؤسسة الإجراءات الاحترازية المفترضة بحق «فرعون» في الوقت المناسب، كالحجز الاحتياطي على حصتها من الاسمنت، أو توجه انذاراً إليها، كما أن للمعمل مستحقات مالية على شركة فرعون بقيمة 528 مليون ل.س لم تسعَ الإدارة للمطالبة بها، ولم تتذكرها إلا بعد فوات الأوان، فالمستثمر توقف عن العمل، ومن الصعوبة استرجاع تلك المستحقات حالياً، يضاف إلى ذلك دلالات على مستوى الإهمال الذي أدى إلى تسربات للفيول إلى البحر وما ينجم عنه من تلوث بيئي. وذلك وفق ما عرضته قاسيون من مجموعة ملفات ومعطيات وصلتها من معمل الإسمنت ونشرناها في سلسلة من الملفات في الأعداد 600-602-614، انتهى الأمر بعودة شركة فرعون للعمل بعقد جديد في عام 2015 مع معمل إسمنت طرطوس، وعدرا، بهيمنة هامة على أهم شركات قطاع الاسمنت قبل مرحلة إعادة الإعمار!.

 

السياحة: 99 عاماً لقطر!

رفعت في عام 2012 دعاوى قضائية على وزارة السياحة من مستثمرين وشركات استثمار سياحية عملت سابقاً في سورية، وبعضها يعود إلى التسعينيات، وتطالب بتعويضات تقدر بأكثر من 1،5 مليار ل.س لإحدى الشركات السياحية  السورية المشتركة، وتبلغ 10 مليون دولار لأخرى، بعد أن قدمت الحكومة لها أراض مساحتها 300 دونم في ريف دمشق..
نشرت قاسيون في العدد رقم 622 تفاصيل الفساد في عقود الاستثمار السياحي وفق معلومات واردة لها، حيث  تشير المصادر إلى أن إحدى الشركات ضيعت ما قيمته 25% من حقوق ملكية وزارة السياحة في رأس المال لمنشآت سياحية وبمبالغ تقدر بـ 2،2 مليار ل.س، نتيجة العلاقات والتسهيلات، يضاف إلى ذلك أن شركة قطرية في شاطئ اللاذقية ضمن لها عقد الشراكة حق الانتفاع لمدة 99 عاماً، قابلة للتمديد، بينما حصلت على مساحات بلغت 268 ألف متر مربع، لتبقى حصة الدولة وهي نسبة من إيرادات التشغيل لا تتجاوز 7% خلال السنوات العشرين الأولى من الاستثمار و9% للمدة المتبقية، بالمقابل لم تلتزم الشركة بتفاصيل في العقد ما دفع  إلى بحث موضوع فسخ عقد هذه الشركة القطرية، وهو ما لم يعلن أو يتم.

آخر تعديل على الأحد, 03 كانون2/يناير 2016 00:15