الدولار يصعد إلى الذروة.. بسلالم حكومية!

الدولار يصعد إلى الذروة.. بسلالم حكومية!

يقترب اليوم سعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء من المستوى القياسي الذي وصله في حزيران 2013،  ورغم هذا فإن هذا الارتفاع لا يثير الكثير من الجلبة ولا يدفع مصرف سورية المركزي لانتقاد السوق السوداء، أو تحذيرها أو الضخ الواسع لها، والسبب يعود إلى أن عملية الرفع التدريجية يحركها (المركزي) بسعره الرسمي..

بلغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء بتاريخ 17-9-2015 مقدار: 340 ل.س/$، بارتفاع 30% عن بداية العام، وكان أعلى سعر صرف وصله (دولار السوداء) خلال الأزمة قرابة: 350 ل.س/$، في شهري 6 و7: 2013، قبيل تهديد سورية بالضربة الأمريكية.

أي أن سعر الصرف اليوم يرتفع ليقترب من أعلى ذروة له، في أكثر أوقات الحرب السورية توتراً، فلماذا لم (تثر) ثورة المسؤولين عن حماية الليرة، مع بلوغها المستويات القياسية المذكورة اليوم، ولماذا يمر هذا الارتفاع بهدوء ودون جلبة حكومية!.

آخر (موجة) ارتفاع!

ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة في العُشر الأخير من آذار في العام الحالي، وكان الارتفاع بمقدار 20% خلال أقل من شهر، لم تتضح الأسباب تماماً في ذلك الحين، إلا أن موجة المضاربة كانت واضحة، أي أن التصعيد بدأ من السوق، وقد خرج حاكم المصرف المركزي ليتوعد المضاربين، ويعد بضبط السوق، ثم خرج بتاريخ 10-4-2015 ليتحدث عن أثر الطلب العالي للدولار من مستوردي المازوت الممولين من المركزي، والذين حققوا ربحاً احتكارياً من السوريين، سعوا لاحقاً لتحويله من ليرة إلى دولار، واعتبر الحاكم أن هذا الإجراء، هو جزء رئيسي من الضغط على الليرة!.

ومع ذلك كانت نتيجة الموجة من الرفع، رصد المركزي مبلغ 100 مليون دولار لتمويل المستوردات، وارتفاع وسطي التمويل اليومي إلى (5-7 مليون دولار)، وأصبحت مؤسسات الصرافة قادرة على بيع التجار 300 ألف دولار، عوضاً عن 100 ألف دولار، لتمويل مستورداتهم أيضاً!. بالإضافة إلى البيع اليومي لمكاتب الصرافة، لتقوم ببيع المواطنين بمعدل 200 دولار شهرياً للشخص الواحد. 

ونتج عن عمليات الضخ الكبيرة تلك، انخفاض في سعر الصرف، من ذروة 310 في ذلك الحين، إلى حدود 260 ل.س/$ في أيار- 2015، ثم لم يلبث أن عاد إلى سعر 296 ل.س/$ خلال شهر 6-2015.

سياسة: (رفع تدريجي مستمر)!

منذ ذلك الحين والمصرف المركزي يرفع أسعاره الرسمية بشكل مستمر، رافعاً معه السعر في السوق، حتى وصلنا خلال شهرين ونصف إلى سعر 311 ل.س/$ سعر التدخل الرسمي لمكاتب الصرافة، أي سعر ذروة المضاربة السابقة، بينما سعر السوق اليوم بين 335-340 ل.س/$، بفارق بسيط.

استمر مصرف سورية المركزي، برفع سعر الصرف، لأغراض التدخل، ولمكاتب الصرافة بشكل تدريجي ولكن بخطى ثابتة، خلال شهري 7-8-2015، وازدادت وتيرة الرفع لرسمي في شهر 9 الحالي، على الرغم من استقرار السوق بحسب المؤشرات العامة، وبحسب تصريحات المركزي ذاته!.

تشير معلومات قاسيون من السوق، إلى أن المصرف المركزي، لم يوقف عملية بيع المواطنين لمبلغ 200 دولار، ولكنها أصبحت محصورة بمكتب صرافة وحيد، من أصحاب المخالفات السابقة، وكان سعر بيع المصرف المركزي للمكتب بتاريخ 17-9-2015: 335 ل.س/$، أي أعلى من سعر التدخل المعلن لمكاتب الصرافة، وقريب جداً من سعر السوق.

موازنة السعر.. عبر سبق السوق للرفع؟!

لا توجد مبررات واضحة للرفع الرسمي لسعر الصرف، فعملياً لم تشهد السوق خلال هذه الفترة، ارتفاعاً في الطلب على الدولار، أو نقصاً في عرضه أو ضخه، وبالتالي حافزاً للمضاربة، والدليل كان تصريحات المركزي بتاريخ 25-8-2015، التي أكد فيها أن الطلب على الدولار في السوق أقل من العرض، وبأن المركزي للمرة الأولى يحقق إيرادات في محصلة القطع الأجنبي!. ومع ذلك لم يعلن المركزي عن تخفيض في سعره الرسمي، بل سعى لزيادة الضخ ورفع السعر. 

يقول البعض بأن المركزي يحاول أن يحافظ على استقرار السوق بهذه العملية، قد يكون الاستقرار ومنع موجات المضاربة الكبيرة هدف منطقي، إلا أن رفع السعر الرسمي، ليقارب سعر السوق، لا يصلح كأداة!. أولاً: لأنه لن يمنع قوى احتكار الدولار في السوق، عن حبس الدولار والمضاربة عليه، وثانياً: وهو الأهم لأنه يعاكس الهدف الأهم في المرحلة الحالية، وهو حماية الليرة من تراجع قيمتها.

إن إجراءات المركزي كلها قائمة على قاعدة العرض والطلب فقط، أي محصورة بين ضخ الدولار، وتلبية الطلب عليه، والهدف  المعلن هو الحفاظ على الاستقرار الشكلي لا أكثر،  حتى لو كانت الأداة رفع السعر الرسمي. 

لن تستطيع هذه السياسة أن تحمي الليرة، أو تعززها، طالما أن الإنتاج يتدهور، والتجارة تتوسع آخذة طابع المضاربة أكثر فأكثر، والسلطات تمارس دور وسيط فقط، حيث تحصّل القطع الأجنبي من مصادر غير واضحة، وتلبي طلب كبار أصحاب الربح على الدولار!.

آخر تعديل على السبت, 19 أيلول/سبتمبر 2015 23:18