تضمين تسليم قمح المناطق الخطرة لشركات.. قيد البحث!
كانت قاسيون قد نشرت سابقاً معلومات عن عمليات نقل القمح المخزن في الحسكة، منها إلى دمشق والمنطقة الجنوبية، والتي يستطيع متعهدو النقل المعتمدين تمريرها عبر مناطق سيطرة (داعش)، لتحصل على ربع القمح، ويحصل الموردون على أجر 28 ألف ل.س لنقل الطن لمسافة 800 كم، من الحسكة إلى دمشق، وكانت النتيجة أن 83% من قيمة القمح المنقول تدفع للسماسرة وداعش! دون أن يحاسب هؤلاء على ربع الكميات الضائعة في الطريق!.
تحتل عروض النقل والضمان التي تطرحها شركات خاصة، مساحة هامة من اجتماعات لجنة تسويق القمح في وزارة التجارة الداخلية، وبمشاركة جهات معنية من وزارة الزراعة.
مضمون المعلومات التي نشرتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على موقعها الرسمي، تفيد بأن الآلية المدروسة، والواردة في مذكرة من المؤسسة العامة للحبوب للجنة، تتضمن السماح لشركات بضمان تجميع القمح من المناطق غير الآمنة، وتسليمه لمراكز الاستلام، مقابل حصولهم على سعر الكغ وفق السعر الحكومي 61 ل.س للكغ أو حسب المواصفات، وحصولهم على أجور نقل بموجب 35 ل.س لنقل الطن لمسافة كيلومتر واحد، وهي الأجور ذاتها في عمليات نقل القمح من الحسكة إلى دمشق (800 كم). على أن يدفع هؤلاء ضمان بمقدار 2 مليار ل.س، ويسلموا القمح إلى مراكز الاستلام التي يرونها مناسبة سواء في حماة أو حمص أو دمشق، لتحتسب المسافة من نقطة الانطلاق إذا توفرت بيانات دقيقة، أو وفق المسافة المقدرة من مركز المحافظة (دير الزور- الرقة أو غيرها) إلى مركز المحافظة المسلم إليها (حماة أو حمص أو دمشق).
مثال من دير الزور: 35% من قيمة القمح!
ستحصل الشركات التي ستضمن القمح في هذه الحالة، على أجور النقل، مضافاً إليها ما قد يحصل عليه هؤلاء من فارق سعر شرائهم من المزارعين في المناطق الساخنة، وسعر بيعهم للحكومة.
ولتقدير الأرباح وأجور النقل لهؤلاء، سنفترض قيام شركة بشراء محصول القمح في دير الزور، وتسليمه لمراكز الاستلام في حمص، على سبيل المثال:
تبلغ أسعار الكغ من القمح 50 ل.س للكغ في ريف دير الزور الخارج عن السيطرة، يدفعها التجار للمزارعين في تلك المناطق وفق معلومات لقاسيون، أي أنه على سبيل المثال إذا قامت الشركة الموردة، بتجميع 70 ألف طن من القمح في الحسكة، (وهو الإنتاج المتوقع من مديرية زراعة دير الزور)، ستحقق أرباحاً 10 آلاف ل.س في الطن، من بيعها للحكومة بسعر 60 ل.س للكغ تقريباً، أي مجمل: 700 مليون ل.س ربحاً من فارق سعر الشراء من المزارعين والبيع للحكومة، وسيحصلون على أجور نقل من الدير إلى حمص، ولمسافة 335 كم، ما مقداره: 820 مليون ل.س! بموجب التسعيرة: 35 ل.س لنقل الطن مسافة كيلومتر واحد!
أي ستبلغ الأرباح وأجور النقل في المثال المذكور بمجملها: 1,5 مليار ل.س، وهي تعادل نسبة 36% تقريباً، من مجمل قيمة القمح المنقول البالغة: 4,2 مليار ل.س: (70 ألف طن محسوب بسعر 61 ل.س للكغ)!.
ماذا عن البدائل الأخرى!
تنطلق الحكومة في تبريرها للكلف المرتفعة، من مقولة أن تأمين القمح بأية تكلفة أفضل من انتقاله إلى التجار، والدول المجاورة، وأفضل من لجوء الحكومة إلى استيراد القمح، وقد يبدو هذا التبرير صحيحاً، حيث أن استلام القمح يعتبر أولوية ضرورية، وبكافة الطرق المرنة التي تتيحها الحرب والظروف الحالية، إلا أن استلام القمح له أسباب، أهمها ضمان المزارعين السوريين في كافة المناطق، وتأمين الطحين والخبز السوري بأسعار مدعومة، وهنا تبدو المفارقة، بين سخاء الحكومة على دفع أجور موردي القمح وناقليه، مقابل تقليص مراكز الاستلام في أكثر المناطق إنتاجاً كما في الحسكة، ووضع نسبة لاستلام الشعير..
وينبغي التساؤل هل تم وضع طرق النقل الأخرى قيد البحث، بحيث تتجنب السماسرة، وتوفر المبالغ والأرباح المدفوعة لعابري حدود الصراع؟!