(بريكس) والأطر الإقليمية

(بريكس) والأطر الإقليمية

يتصاعد الدور الاقتصادي، والهامش الذي يشغله محور «بريكس» في هذا المجال عالمياً، ويجد هذا الدور مجاله في البلدان الأكثر تضرراً من تبعات الهيمنة الأمريكية على العالم، فضلاً عن تلك التي تأخذ بالانفكاك شيئاً فشيئاً عن تبعيتها التقليدية للولايات المتحدة.

 

إحدى محطات تنامي هذا الدور، ومحاولات توسيعه، برزت في الأسبوعين الماضيين في كلٍ من القاهرة وبيروت. في الأولى، التي جرى فيها «منتدى الأعمال المصري الروسي» بمشاركة واسعة من شركات روسية ومصرية، لبحث فرص زيادة التبادل التجاري بين موسكو والقاهرة. وفي الثانية، خلص مؤتمر «رجال الأعمال العربي الصيني» إلى الدعوة لوضع اللبنات الأولى لبناء منطقة تجارة حرة بين الصين والدول العربية.
لا يقتصر السبب في توسيع هامش الحركة الاقتصادية لدول «بريكس» على تقدمٍ اقتصادي أحرزته دول المجموعة فحسب، بل يستند بشكلٍ أساسي إلى تصاعد نفوذ هذه الدول ووزنها في سياق الصراع العالمي الجاري في ميادينٍ شتى، اقتصادية وسياسية وعسكرية. وهذا يفتح الباب عملياً أمام الدول الأكثر إنهاكاً من «وصفات» صندوق النقد والبنك الدوليين، وفي حال امتلاكها الإرادة السياسية المطلوبة، لإيجاد بدائل استراتيجية تعمل على تنمية البنى التحتية والقطاعات المملوكة للدول، بما يتقاطع مع تطلعات الشعوب في تحقيق مستوى أعلى من النمو الاقتصادي المتزامن مع نضالها لتحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة.
حتى الآن، تشكل منطقتنا نقطة استقطابات وتجاذبات لم ينته حسم الخيارات الاستراتيجية في دولها جميعها. هنا تنبغي الإضاءة على أن السياسة المتبعة لدى دول «بريكس» حتى الآن، وكما جاء في «منتدى مجموعة بريكس الأكاديمي السابع» المنعقد مؤخراً في موسكو، قائمة على الاعتماد على ما جرى تشكيله سابقاً من أطرٍ إقليمية، بغض النظر عن حجم الخلافات والتجاذبات البينية الناشئة، وتلك التي جرى إنشاؤها قصداً، بين دولها. يجري ذلك انطلاقاً من فكرة أن المصلحة الاقتصادية المشتركة هي التي تصوغ مستقبل العلاقات بين الدول، وربما هذا ما يفسر التسارع في مضي روسيا والصين في بناء علاقاتهما الاقتصادية، ذات الطابع الجديد، مع تلك الأطر الإقليمية، بما فيها تلك التي شارفت على الانهيار نتيجة التباينات التي خلقها الصراع العالمي، بمقابل سعيهما إلى تغليب الحلول السياسية للأزمات الناشئة بين دول هذه الأطر، والتي من شأنها أن تعرقل بناء التحالفات زمنياً.

 
آخر تعديل على الأحد, 31 أيار 2015 13:20