6 مستثمرين للنقل الداخلي في دمشق.. إيرادات سنوية بأكثر من ملياري ليرة..
وسط دوامة النقل ومشاكله والازدحام الخانق في مدينة دمشق، ثمة من ينتظر لساعات، ومن يمشي مسافات لم يكن مقبولاً قطعها سيراً على الأقدام في ظروف ما قبل الأزمة، وثمة من يقف لساعات وساعات على طوابير تعبئة المازوت، ويعمل لأكثر من 12 ساعة يومية على السرافيس، لتتشارك أكثر من أسرة في الدخل المحصّل من عمل سرفيس لنهار كامل، مقابل كل هؤلاء ثمة من لا يعمل، ولا يمشي، ولا ينتظر، بل يمتلك مالاً كثيراً فقط، و(يستثمر) في هذه الخدمة الضرورية، محققاً أرباحاً كبيرة.
نتكلم هنا بالتأكيد عن المستثمرين الخاصين في قطاع النقل الداخلي، الذين يبلغ عددهم ست شركات عاملة اليوم في دمشق، تحولت باصاتها المكتظة بشكل غير مسبوق بالركاب، إلى واحدة من أهم معالم الأزمة المرورية تحديداً، والأزمة السورية عموماً.
6 شركات في دمشق
و230 باص معلن
تعمل في دمشق ست شركات، لستة مستثمرين، تعاقدوا في وقت سابق مع الشركة العامة للنقل الداخلي في دمشق، على استثمار خطوط كانت تغطيها الشركة العامة سابقاً.
يعلن هؤلاء المستثمرون للشركة العامة بأنهم يشغلون حوالي 230 باص على أكثر من 9 خطوط في دمشق، بحسب معلومات حصلت عليها قاسيون.
فسخ العقود واستمرار الاستثمار
كانت هذه الشركات محل جدل حكومي في وقت سابق من العام الماضي، إلا أن هذا الجدل قد أغفل، دون أي إجراءات أو محاسبة، على الرغم من دلالاته الهامة. فعلى سبيل المثال أعلن وزير الإدارة المحلية بشهر 5 -2014 أن العقود قد فسخت مع معظم الشركات المستثمرة، وأوضح أن: «أسباب فسخ العقود تتعلق بعدم تقيد شركات الاستثمار بالتعليمات الناظمة لعملها، سواء من حيث عدد الباصات المطلوب تواجدها على الخط، أو تواتر الحركة اللازم، أو التقيد بالتعرفة الموضوعة». كما مر على صفحات الإعلام المحلي، معلومات أكدت أن الشركات المستثمرة، مساهمة في وصول المازوت المدعوم (سابقاً) إلى السوق السوداء، عوضاً عن تشغيل كامل باصاتها بالمازوت المقدم لها!.
فالشركات تعمل اليوم على الرغم من فسخ عقود معظمها، وهذا يطرح تساؤلاً جدياً عن آلية تسديد التزاماتها للشركة العامة، ولوزارة النقل، وحول الضمانات التي تلزمها بالتسديد طالما أنه ما من عقد يلزم!.
قاسيون ستقدر إيرادات الشركات المستثمرة التي تحصل عليها من سكان دمشق، ومواطنيها، وينبغي قبل ذلك، التذكير بتكاليف النقل الكبيرة بالقياس إلى دخل معيل الأسرة السورية، في الظروف الحالية.
تكاليف النقل على الأسرة
تحولت تكاليف النقل إلى واحدة من أهم أعباء السوريين، حيث ارتفعت تكاليفه مع إلغاء الحكومة لدعمها لمادة المازوت، حيث تستهلك هذه الحاجة الضرورية للأسرة السورية، قرابة نصف دخل رب الأسرة العامل اليوم.
حيث يبلغ تقدير الحد الأدنى لتكاليف النقل لأسرة من خمسة أشخاص بمقدار 13500 ل.س شهرياً، بافتراض أن 3 أشخاص يتنقلون فقط بشكل يومي، بتكلفة 150 ل.س يومياً. وهذه التكلفة تبلغ 56% من الأجر الوسطي 20000 ل.س لرب الأسرة العامل، مضافاً إليه (مكرمة) الـ 4000 ل.س!.
أكثر من مليار ليرة ربح صافٍ للمستثمرين..
نستطيع من خلال المعلومات الواردة، ومجموعة من الافتراضات الأولية، المبنية على المراقبة اليومية والواقعية لعمل باصات شركات النقل الداخلي الخاصة، أن نصل إلى إيجاد تقدير أولي لإيرادات وأرباح الشركات الخاصة العاملة في قطاع النقل الداخلي في دمشق فقط، والافتراضات معتمدة على عاملين في مجال النقل الداخلي، وفق التالي:
الافتراضات الأولية والإيرادات
• 230 باص.
• 6 رحلات يومية.
• 140 راكب في الرحلة- ذهاب وإياب.
• 40 ل.س أجرة الراكب.
2,3 مليار ل.س الإيراد السنوي للشركات
33600 ل.س الإيراد اليومي لباص: بستة رحلات يومية (ذهاب وإياب) تُقل الباصات 140 راكباً (70 ذهاباً-70 إياباً)، بأجرة وسطية 40 ل.س للراكب. محسوبة وفق التالي: 6× 40×140= 33600 ل.س.
• 7,7 مليون ل.س الإيراد اليومي للشركات: الإيراد اليومي لـ 230 باص تشغلها الشركات على خطوط داخل دمشق: 33600 × 230= 7.7 مليون ل.س.
• 192 مليون ل.س الإيراد الشهري للشركات: الإيراد الشهري لـ 230 باص تعمل لصالح الشركات، بمقدار 25 يوم خلال الشهر: 7,7 × 25= 192 مليون ل.س.
• 2,3 مليار ل.س الإيراد السنوي للشركات: الإيراد السنوي للشركات بباصاتها العاملة يبلغ: 192 مليون بالشهر × 12 شهر= 2.3 مليار ل.س.
676 مليون ليرة تكاليف المازوت والصيانة
بحسب المعلومات التي حصلت عليها قاسيون، فإن باص النقل الداخلي العام قبل الأزمة كان يحتاج يومياً إلى مازوت بمقدار 1000 ل.س، بفرض تضاعف التكلفة بمقدار تضاعف أسعار المازوت من 15 ل.س، إلى 125 ل.س، فإن التكلفة اليومية للمازوت لباص تبلغ قرابة 8300 ل.س، وبفرض أن تكاليف الصيانة تبلغ 1500 ل.س يومياً للباص، فإن مجموع تكاليف المازوت والصيانة السنوية للباصات تبلغ مقدار: 676 مليون ل.س تقريباً.
200 مليون ليرة تكاليف أجور عمال
أجور السائقين: بفرض أن الشركات تشغل على كل باص، سائقين، أي حوالي 460 سائق، بأجر وسطي للسائق 24 ألف ل.س، وهو مقدار الأجر الوسطي في القطاع العام، مضافاً إليه 4000 ل.س الزيادة الاخيرة. فإن تكلفة أجور العمال تقاس بالتالي:
230 باص× 2 (سائقين) × 24000 ل.س أجر شهري× 12 شهر= 132 مليون ل.س.
أجور الإداريين: بفرض أن عدد العمال الإداريين في الشركات نصف تعداد السائقين أي حوالي 230 عاملاً بالأجور ذاتها: فإن أجور الإداريين وفق افتراضاتنا تبلغ: 66 مليون ل.س.
ومجموع أجور العمال 198 مليون ل.س، أي قرابة 200 مليون ل.س، وهو ما يعادل 8.6% من الإيرادات، أي أقل من عُشرْ الإيرادات.
التكاليف قرابة 38% من الإيرادات
وفق هذا التقدير الاولي، فإننا نستطيع أن نستنتج أن التكاليف السنوية لهذه الشركات العاملة في قطاع النقل هي 38% من الإيرادات المقدرة فقط، ليتبقى أرباح تقارب 1.4 مليار ل.س تعود لأصحاب الشركات والأموال المستثمرة في هذا القطاع، تحصل شركة النقل الداخلي على نسبة منها، وقد لا تحصل في ظل فسخ العقود، واستمرار عمل الشركات!.