رفع سعر الخبز «هدف بحد ذاته».. والباقي مجرد أرقام!

رفع سعر الخبز «هدف بحد ذاته».. والباقي مجرد أرقام!

ارتفاع تكاليف إنتاج الخبز، والدعم الكبير المقدم له مع جملة من الأرقام والإثباتات، هي بمثابة (الديباجة) الحكومية  المتكررة، لتبرير رفع أسعار الخبز، وتوفير بضعة عشرات من المليارات للخزينة العامة!. 

أعلن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لإحدى الفضائيات العربية بأن تكلفة كغ الخبز 88 ل.س/كغ في بداية 2015، وسبق ذلك تصريح للوزير السابق بتاريخ 7-2014 بأن تكلفة كغ الخبز في ذلك الوقت، بلغت 70 ل.س/كغ، بينما كانت الأرقام من وزارة التجارة الداخلية، التي جمعتها قاسيون في عام 2013 تدل على أن  تكلفة كغ من الخبز في 2013 كانت 12،5 ل.س/ كغ. 

2013: استيراد أعلى كلف أقل!

قاسيون تطرح تساؤلاً حول الارتفاع الكبير في التكلفة بين 2013 و2014، مع العلم أن الكثير من المؤشرات تقول بأن التكلفة في عام 2013، يجب أن تكون أكبر من التكلفة في العام التالي. فعام 2013 هو العام الذي توقفت خلاله أغلب المطاحن العاملة، وعاد جزء منها للعمل لاحقاً لتزداد نسبة الإنتاج المحلي من الطحين في الأعوام اللاحقة، وهذا يجب أن يخفف من التكلفة، ولكن ذلك لم يتم. كما أنه في عام 2013 تم استيراد 2،4 مليون طن من الطحين، أي أكثر من الحاجة السنوية البالغة تقريباً 2،2 مليون طن تقريباً، وبسعر 580* $ للطن من الأموال المجمدة السورية في فرنسا، وهذا يعني تكلفة استيراد دقيق تتجاوز مليار دولار.

* هذا السعر المسجل في 2013، يفوق أعلى سعر عالمي في حينه والبالغ 328 $ لطن الطحين، بينما كان سعر روسيا 287$!.

2014: استيراد أقل كلف أعلى!

أما عام 2014، فقد سجل إنتاج جزء هام من الطحين محلياً، والعجز المحلي المعلن تتفاوت أرقامه لكنها لا تتعدى 160 ألف طن سنوياً. يضاف إلى ذلك أن عام 2014 شهد استيراد الطحين من الخط الائتماني الإيراني، بأسعار بلغت 75000 ل.س للطن، أي قرابة 375 $/طن بسعر صرف 200 ل.س/$ في 2014. وبحسب أرقام المؤسسة العامة للتجارة الخارجية في 12-2014 فإن مجمل استيرادها للطحين كان من الخط الائتماني، ولم يتعدى كلفة 3،8 مليار ل.س في عام 2014، وهذا يطرح تساؤلات حول إعلان وزير التجارة السابق بتاريخ 11-3-2014 بأن تكلفة استيراد الدقيق ستكون في 2014: 138 مليار ل.س!، وهي كانت أهم ذريعة لرفع أسعار الخبز للمرة الأولى في 2014.

2015 (توقف) الاستيراد..

كلف أعلى!

أما بالنسبة لعام 2015، فإن الجهات المتعلقة بعملية الإنتاج، مثل إدارة المطاحن العامة، فقد كانت شديدة التفاؤل وأعلنت في بداية العام أن الاستيراد سيتوقف قريباً، والعجز لا يتجاوز 200 طن يومياً، أي حوالي 73 ألف طن في العام فقط سيتم استيرادها.

النهب في الاستيراد والتهريب

ربما كان الأجدى البحث عن توفير الموارد الحكومية من مصادرة أموال المسؤولين عن عقد صفقات استيراد نهبت المال العام بمبالغ تصل إلى 90 مليار ل.س، أو من المسؤولين عن وجود شبكة سوق سوداء للطحين المدعوم، بدلاً من البحث عن توفير الموارد وتخفيف تكاليف إنتاج الخبز مما تدفعه الأسر السورية لقاء ربطة الخبز اليومية!!.

رفع سعر الخبز (هدف بذاته)

الهدف من التذكير بالأرقام أو التصريحات المتناقضة هو القول بأن عدم الوضوح يلف موضوع كلف إنتاج الخبز، لتقدم دلالات تقول بأن الهدر والنهب  السابق في عمليات الاستيراد، مع الهدر في عمليات الإنتاج المحلي، وتسريب الطحين المدعوم، والمازوت المدعوم المخصص للأفران، هي النقطة التي يجب أن تتمركز حولها الحكومة، إذا ما كانت تبحث عن تحقيق وفورات، وتخفيف التكاليف عندما رفعت أسعار الخبز.

لكننا نعلم جميعاً، بأن الهدف ليس تحقيق وفورات بعشرة مليارات ليرة أو أكثر، من ربطة الخبز، وإنما الهدف هو رفع سعر الخبز، لأنه يقدم الإشارة الكافية على الإصرار والتعمد في الذهاب بطريق سحب الدولة من مهماتها الاقتصادية الاجتماعية، وتركها للسوق.