الدعم ضرورة اقتصادية اجتماعية سياسية!
لقد غطت قاسيون معظم أبعاد قضية رفع الدعم عن المحروقات وهي تود في ختام هذا الملف أن تثبت مجموعة من الأفكار.
إن جوهر فكرة الدعم تنطلق من ضرورتها السياسية، فوجود دور اقتصادي للدولة هو الأساس الذي يشتق منه دور الدولة السياسي، وإن أي مساس في أحدهما يؤدي إلى مساس في الآخر، كما أن الدعم أداة في التحكم بالأسعار وهذا ضروري في مواجهة الفقر الذي يعد شكلاً من أشكال انتهاك السيادة الوطنية.
يعتبر الدعم ضرورة اقتصادية- اجتماعية وذلك لتغطية الفارق بين الحد الأدنى للأجور والحد الأدنى لمستوى المعيشة والذي بلغ في الظروف السورية الحالية حوالي 70 ألف ليرة. وليس كما تراه الحكومة تكاليفاً مالية تتكبدها هي، فهذه الأموال مأخوذة من الشعب أصلاً وهو صاحبها وليست الحكومة سوى مجرد مدير لهذه الأموال، وإذا أرادت الحكومة رفع الدعم فعليها أن تبحث أساس هذه القضية الاقتصادي وهو الانخفاض الكبير في الأجور الذي يستحق بحثاُ عميقاً وكبيراً.
ينبغي تذكير واضعي السياسات والحكومة صاحبة نموذج اقتصاد السوق و"عقلنة الدعم" أن الدول الرأسمالية عرفت التدخل في النشاط الاقتصادي عبر الدعم وغيره تاريخياً، بل وسعته وزادته وعمقته في الأزمات، ونحن اليوم نمر في أقسى أزمة عرفتها الدولة السورية، فلماذا يصر هؤلاء على إبعاد الدولة عن دورها في رعاية مواطنيها في هذه الظروف!
باتت الحكومة تحقق أرباحاً اليوم من بيعها للمواد المدعومة سابقاً كالمحروقات التي لم تتوفر بالكميات الضرورية كما ادعت الحكومة التي رفعت سعر المحروقات بذريعة تأمين الكميات، وإن كل ذلك يدل على أن رفع الدعم جاء استكمالاً لمشاريع سابقة ومغازلة للمنظمات الدولية سيئة الصيت في تخفيف الإنفاق العام، كما يأتي تماشياً مع مصلحة قوى السوق التي ستشارك الحكومة جزءاً من الأرباح عبر الخصخصة والاستثمار والتربح من قطاعات جديدة على حساب لقمة الشعب السوري المحاصر.
كان ومازال من الممكن العودة إلى الدعم، لا وبل توسيعه ليصبح عملية إنتاجية كاملة، وذلك عبر العمل على إنتاج سلة استهلاكية مدعومة مكونة من مواد منتجة محلياً، وهو مايحل العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية عبر دعم معيشة المواطن، وتحريك عجلة الإنتاج وتخفيض معدلات الاستيراد لتوفير فاتورة القطع الأجنبي.