الحكومة «تخفض» البنزين .. وقلوبنا ترتعش لمصير المازوت!
مراد جادالله مراد جادالله

الحكومة «تخفض» البنزين .. وقلوبنا ترتعش لمصير المازوت!

بتاريخ 7 كانون الأول 2014 أي قبل حوالي الشهر ومايزيد نشرت قاسيون في العدد (683) مقالة بعنوان «استثمار مصافي القطاع العام هل سيقضي على الدعم فقط» حيث توجست المقالة شراً من إجراء الحكومة الذي سمح للقطاع الخاص باستثمار مصافينا الوطنية وخاصة تجاه فكرة إبقاء الحكومة على دعم المحروقات وتحديداً مادة المازوت.

أوردت المقالة حينه أن تلك الإجراءات تعني «بالحد الأدنى وفيما لو ظلت الحكومة ملتزمة شكلاً بالدعم، أن سوق بيع المازوت سيكون فيه سعران للمادة. سعر المازوت الذي تدعمه الحكومة والمقدر حالياً بـ 80 ليرة سورية والذي بات شبه مفقود من الأسواق. وسعر القطاع الخاص الذي سيكون ضعف السعر الحالي بالحد الأدنى أي 160 ليرة». كما خلصت المقالة إلى أن «السناريو الواقعي لهذا القرار هو تحرير كامل السعر والتخلي عن الدعم فعلاً...».
دائرة الخطوط الحمر تشف ماتحتها!
في الساعات الأخيرة من عام 2014 خرج رئيس الوزراء على نواب مجلس الشعب بتصريحات تتعلق بتوحيد سعر المازوت، وهو مافهم منه حينها نية الحكومة رفع سعر المازوت إلى سعر السوق، وتداولت بعض الأوساط المقربة من الحكومة سعر (125) ليرة لليتر الواحد، ما يظهر أن النوايا المبيتة للحكومة آخذة بالاستمرار.
لا بد هنا من تذكير الحكومة أنها ادعت مراراً أمام الشعب السوري الصامد التزامها بالدعم وبأن «عقلنته» لن تمس فقراء البلاد. وأن «العقلنة» لا تعني تحرير السعر بشكل كامل، لكن المتابعة المنطقية لسلوك الحكومة تثبت أن النهج التي دأبت عليه مستمر ومخطط، فلماذا لم تجرؤ الحكومة على مكاشفة الشعب بخطواتها منذ اللحظات الأولى. وهل ستصر على مضيها في هذه الطريقة لتتجاوز الخطوط الحمراء من جديد!!.
كم الأفواه بالبنزين!
استبقت الحكومة هكذا إجراء، والذي لم تتخذه حتى اللحظة، كعادتها بمحاولة ترطيب الأجواء مع المواطن (طعمي التم بتستحي العين)، فقامت بتخفيض سعر ليتر البنزين من 135 ليرة/ليتر إلى 130ليرة/ليتر، وذلك بعد تخفيض سابق من 140 ليرة في شهر تشرين الأول 2014 إلى 135 ليرة بعد شهر تقريباً، وذلك تماشياً مع الانخفاض المستمر لأسعار المادة في السوق الدولية. لكن مالاحظته قاسيون هو أن سعر المادة انخفض عالمياً بمعدل أعلى من تخفيضات الحكومية وقد ذكرت قاسيون سابقاً في العدد (685) هذه الحسبة والتي ستعيدها لتأكيد أنه حتى التخفيض الأخير لايتماشى مع انخفاض السعر العالمي. حيث بينت قاسيون أنه وبخصوص مادة البنزين فقد:« تغير سعرها العالمي ومنذ شهر تشرين الأول 2014 بمعدل  23% وهو مايعني أن السعر السابق للبنزين والذي باعته الحكومة ب135 ليرة كان يجب أن ينخفض إلى 108 ليرات للمادة على أقل تقدير». وليس إلى 130 ليرة كما خرجت علينا الحكومة، علماً أن هذه المادة غير مدعومة وفقاً لتأكيدات الحكومة وعلى لسان وزير النفط نفسه.
الحكومة والشارع إلى أين؟!
بالعودة إلى مادة المازوت وقبل أن يقع «الفاس بالراس» لابد من تذكير الحكومة والتي لانظنها جاهلة بذلك أن رفع أسعار المازوت سينعكس على كافة مرافق حياة المواطن السوري، وأن تعويض هذا الأثر يتطلب مضاعفة الأجورعدة مرات، فإذا كان الوضع الحالي يستدعي رفع الحد الأدنى للأجور إلى 5 مرات، وهو مالا تفكر فيه الحكومة، فكيف ستعوض أثر الارتفاعات اللاحقة؟!!. كما لا بد لنا هنا ومن دافع مسؤوليتنا الوطنية والتاريخية تذكير الجميع بمستوى الاحتقان الشعبي المتصاعد مع كل رفع للأسعار والذي يتراكم وقد يتفجر بأشكال شتى، وفي هذه اللحظات والتي وعدت فيها الحكومة بانفراجات جديدة جراء فتح خطوط الإئتمان مع إيران وروسيا وفق تصريحاتها، لانجد مبرراً للعمل على رفع السعر سوى إحداث هزات كبرى بالمجتمع السوري والتي لا يستطيع أحد تقدير إرهاصاتها ولا يفهم أحد دوافعها!.