الزراعة تزدهر.. في الأرقام الحكومية!
ينشغل منتجو الحمضيات في المناطق الساحلية في هذه الفترة بجني ثمار تعب العام الكامل، حيث أبقت خريطة الحرب السورية مناطق إنتاجها بعيدة عن الدمار المباشر والنزوح والاضطرابات الأمنية التي حرمت منتجي سورية من إمكانية الوصول إلى مزارعهم أو أماكن عملهم في كثير من مساحات البلاد. إلا أنها طالت هؤلاء المنتجين بالتكاليف المرتفعة التي تدفع حتمياً إلى تراجع الإنتاج، وتضعف كثيراً من قدرة المزارعين على تجاوز الظروف الاستثنائية مثل قلة الأمطار في العام الماضي. فإذا ما كان منتوج هذه الأشجار المثمرة في المناطق الآمنة والممتد على مساحة 42453 هكتار، من حوالي 12 مليون شجرة مثمرة في 2014، قد سلم من العنف المباشر، فهذا لا يعني أنه خارج تأثير الحرب.
الموسم الحالي المستمر 2014-2015 هو نتاج ظروف الإنتاج في العام الماضي، أي نتاج ظروف التخبط في أسعار الوقود ووفرتها، والتخبط في توفر المستلزمات وأسعارها، يضاف إلى ذلك الجفاف وموسم الأمطار المنخفض في العام الماضي، والذي أضر بالحمضيات التي تحتاج إلى وفرة في المياه. ومع ذلك فإن تقديرات وزارة الزراعة للموسم 2014-2015 تبلغ 1,3 مليون طن، أي بزيادة 300 ألف طن عن إنتاج عام 2010 المسجل في البيانات الرسمية البالغ مليون طن. فالأرقام الرسمية خلال أعوام الأزمة الأربعة تسجل زيادة في إنتاج الحمضيات بنسبة 30%، بينما لم يزدد عدد الأشجار المثمرة إلا بمقدار 400 ألف شجرة. ويتضح عدم منطقية الزيادة الكبيرة في (الإنتاج الرسمي)، إذا ما قارنا الأعوام الأربعة السابقة لعام 2010، حيث أن زيادة عدد الأشجار المثمرة من 9,9 مليون شجرة في عام 2006، إلى 11,6 مليون في 2010، زاد الإنتاج بين العامين بمقدار 100 ألف طن فقط.
أي أن الأرقام الرسمية تقول، إن زيادة 1,7 مليون شجرة في أربع سنوات قبل الأزمة زاد الإنتاج 10% فقط، بينما زيادة 400 ألف شجرة مثمرة في سنوات الحرب الأربع زاد الإنتاج 30%! فإما هذا من (بركات الأزمة)! أو أنه من عدم دقة الأرقام الرسمية، أو أن هناك ارتفاعاً في الإنتاجية! وهذا مخالف للمنطق، فتكاليف الإنتاج المرتفعة تدفع المزارعين إلى تقليص العناية بمنتجاتهم لتقليل الأعباء المادية.
إيرادات المزارعين في تراجع كبير خلال الأزمة نتيجة ارتفاع أسعار المستلزمات الإنتاجية المختلفة، ونتيجة تراجع في موقع المزارع ضمن السوق أي حصوله على أسعار منخفضة مقابل تكاليفه المرتفعة، بالإضافة إلى إنتاج فوائض لم يتأمن تصريفها بشكل مستمر، فتركت الثمار لتموت على أشجارها في موسم العام الماضي في اللاذقية.
التراجع طال أعداد المزارعين والعمال الزراعيين أنفسهم، في ظل ظروف الحرب الدائرة، التي تعطل الكثير من المنتجين وتجعهلم بين مجند، أو مهاجر، أو جريح، أو شهيد. أما الأرقام الرسمية فتستمر في تسجيل زيادات غير دقيقة في الإنتاج، مقابل زيادات مؤكدة في كلف الإنتاج، وحصة السوق والتجار