أقل من 1500 باص وسرفيس لتخديم 8 ملايين مواطن في دمشق شركة النقل الداخلي: لسنا مدعومين بالمازوت
نفت الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق أن يكون لها مخصصات محددة ومؤمنة شهرياً من مادة المازوت، حيث تلقت منذ بداية الشهر الجاري طلبين اثنين فقط، من مجمل طلباتها البالغة 24 طلباً من المادة.
وتوضح هذه التصريحات سبب تضاؤل فاعلية منظومة النقل الداخلي في الفترة الحالية، وتلقي الضوء على إغفال قطاع النقل من بين القطاعات الهامة والواجب تأمين حاجتها من المحروقات، لما لها من دور تخديمي هام في حياة المواطن، خاصة بعد تراجع حجم أسطول النقل داخل مدينة دمشق، من سرافيس وباصات بالعموم، بسبب نقص الوقود بالمرتبة الأولى.
ساعات من الانتظار..
والسبب نقص المازوت
وتلقت جريدة (قاسيون) العديد من الشكاوى من مواطنين يقطنون في دمشق وريفها، حيث شرحوا معاناة التنقل داخل المدينة، ووقت الانتظار الطويل اليومي، والازدحام الشديد على وسائل النقل.
وبينت (مها) موظفة في شركة مقرها المرجة «اضطر للانتظار يومياً ما يزيد عن الساعة، عند خروجي من العمل، وذلك بسبب قلة السرافيس، وندرة باصات النقل الداخلي التي تمر في شارع الثورة، وخاصة التي توصلني إلى منطقة سكني في منطقة الميسات».
وأضافت مها إنها غالباً ما تضطر للصعود والوقوف في باص النقل الداخلي رغم أنها حامل، دون أن تجد من يقدر أو يساعد، لافتة إلى أنه «في هذه الأيام بات تأمين وسيلة النقل والجلوس بعد ساعات من الانتظار، يحول دون تقديم المقعد للمسنين أو الحوامل كما كان يحدث في سنوات ماضية».
ومن جهته قال سليم من سكان جرمانا «أعاني يومياً جراء الازدحام، وقلة السرافيس مقارنة بالأعداد الكبيرة من الناس في المنطقة، حيث أمضي ساعة تقريباً في كل مرة أقف فيها بانتظار السرفيس، ودائماً ما نسمع أعذاراً وحججاً من السائقين بعدم وجود مازوت، ما يدفعهم للتوقف عن العمل أو اختصار وقت العمل للنصف».
ونوه سليم إلى أنه عاطل عن العمل حالياً، ولم يتمكن من قبول عدد من عروض العمل التي قدمت له، بسبب غلاء المواصلات وصعوبتها، مقارنة مع الرواتب.
شركة النقل الداخلي
غير مدعومة بالمازوت
وكشف مصدر مطلع في الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق لـ(قاسيون)، «نعاني من قلة مادة المازوت المؤمنة للباصات، منذ حوالي شهرين، ولم نتلق سوى طلبين من أصل 24 طلباً مرسلاً منذ بداية الشهر الحالي»، موضحاً إنه تم تأمين كميات من مادة المازوت عن طريق نقلها من مقرات تابعة للشركة وخارجة عن الخدمة، حيث تمت الاستفادة من تلك الكميات لتشغيل الباصات، كما تم تقنين كميات المازوت لبعض الباصات التي وضعت في خدمة جهات أخرى.
ولفت المصدر إلى أن الشركة تحصل على المازوت بالسعر الرسمي أي 80 ليرة/ ليتر، ولا يوجد أي دعم لها بهذا الخصوص.
وتابع المصدر «هناك 46 باصاً تابع للشركة يعمل على خطوط النقل لخدمة المواطنين، و40 باصاً مخصص لنقل موظفي القطاع العام، و160 باصاً تم وضعهم لخدمة جهات رسمية».
وبين المصدر أنه «يوجد 200 باص بحاجة لتأهيل، تم إنجاز 60 منها ووضعها لخدمة جهات رسمية، أي أنه تم إنجاز 40% من مهمة التأهيل»، كاشفاً أن سبب التأخر في تنفيذ الخطة يعود لنقص الكادر الفني في الشركة، حيث تعاني من نقص شديد في العاملين الفنيين ولا توجد قدرة حالية على التعيين، كما أن الاستعانة بالقطاع الخاص لتنفيذ العمل مكلف جداً.
وفيما يتعلق برفد أسطول الشركة بـ100 باص، قال المصدر «إنه بحسب تصريحات الوزير، إن إجراءات تأمين الباصات تسير بشكل جيد، وسيتم رفد الشركة بهم قريباً».
وعن وضع الشركات المستثمرة في مجال النقل الداخلي، أفاد المصدر إنه «يوجد ثلاثة عقود مفسوخة مازالت باصاتها تعمل، وذلك بسبب النقص في الباصات عموماً وبهدف تأمين خدمة النقل»، مشيراً إلى أن عدد عقود الاستثمار الموقعة هي تسعة عقود مع ست شركات خاصة.
وحول الخطوط التي تخدمها باصات الشركة، أوضح المصدر إنه «يتم تخديم سبعة خطوط عبر باصات الشركة العامة للنقل الداخلي وهي، باب توما - جسر الرئيس، وضاحية الفردوس- جسر الرئيس، ومساكن الديماس- جسر الرئيس، والدوار الجنوبي، وجرمانا –سانا- الآداب، وجديدة عرطوز- جسر الرئيس، وكفر سوسة –فحامة، كما يتم دراسة تخديم خطوط جديدة مع الانتهاء من عملية تأهيل الباصات».
ولفت المصدر إلى أنه «تم مؤخراً تشغيل خط جرمانا- سانا- الآداب بأربعة باصات بشكل جزئي، حيث ينتهي عملها عند الساعة الثالثة ظهراً، وذلك بهدف تأمين المواصلات لطلاب الجامعات، على أنه من المتوقع أن يتم زيادة عدد تلك الباصات إلى خمسة قريباً».
أما عن باصات المستثمرين، فكشف المصدر إنه «سيقوم أحد المستثمرين بتخديم خط صحنايا – سانا يوم الأحد القادم، علماً أن عدد باصات المستثمرين العاملة حالياً هي 317 باص».
واشار المصدر إلى أن خسائر الشركة العامة للنقل الداخلي منذ بداية الأحداث تبلغ حوالي مليار ونصف المليار ليرة سورية، في حين هناك خمسة مقرات خارجة عن الخدمة.
أزمة السائق والراكب
وتبدو معالم أزمة النقل ومن ورائها أزمة المحروقات، جلية وواضحة في مدينة دمشق، إذ يتكبد المواطنون عناء التنقل من وإلى أماكن عملهم ودراستهم، ويضطرون لتحمل مزاجية سائقي السرافيس من ناحية، ومن ناحية ثانية قدرة تلك السرافيس على تخديم العدد المتزايد لسكان المدينة، حيث يتدافع الناس ويتزاحمون على كل سرفيس أو باص نقل داخلي، بسبب قلة عددهم، ما يؤدي لوجود ركاب أكثر من المسموح به في السرفيس والباص.
وبالمقابل، لا يقع سائقو وسائل النقل خارج إطار المعاناة، إذ يؤدي نقص كمية المازوت في محطات الوقود إلى قلة أعداد المركبات الممكن تزويدها بالوقود، وبالتالي تراجع عدد وسائل النقل القادرة على العمل، فضلاً عن اختصار العديد من السائقين لمسافات العمل، واقتصارها على تخديم جزء من الخط، أو العمل لساعات محددة فقط، لتلافي انتهاء الوقود لديهم.
المرور تؤكد
وكان رئيس فرع مرور دمشق العميد حسين جمعة أكد في وقت سابق إن سبب أزمة المواصلات والنقل الحالية تعود في جوهرها إلى نقص الوقود، حيث قال «إن عدداً كبيراً من السرافيس خرج عن الخدمة لعدة أسباب، منها صعوبة تأمين الوقود، وعدم وجود سائقين للعمل عليها» مشيراً إلى أن «فرع المرور تدخل بحكم علاقات شخصية مع باصات نقل داخلي لحل أزمة تخديم بعض الخطوط في دمشق».
وأكد جمعة «جميع الخطوط تعاني من قلة في عدد المركبات، مثلا مشروع دمر يوجد فيه 14 أو 15 مركبة فقط، وخط ركن الدين شيخ خالد هناك أكثر من 80 سرفيس مسجل لايعمل منها إلا حوالي العشرين».
240 ألف مقعد
لتخديم 8 مليون شخص
ومن جانبه كشف عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل والمواصلات في محافظة دمشق هيثم الميداني «إنه يوجد حوالي 240 ألف مقعد للنقل الجماعي من باصات وميكرو باصات، بينما يبلغ ارتفع عدد سكان دمشق من 5مليون نسمة إلى 8 مليون بسبب النزوح، في حين انخفض عدد المركبات إلى الثلث، حيث تعرض بعضها للتخريب، وأصحاب بعضها الآخر أصبحوا خارج دمشق».
وتابع ميداني «توجد في مدينة دمشق 60 رحلة يومياً فقط من أصل 1800 رحلة، كما تعرضت شركة النقل لكثير من الصعوبات حيث يوجد 450 باصاً متوقفاً عن العمل وهناك مشاكل حول تأمين كميات المازوت للسرافيس وتزويد الخزانات».
وأفاد ميداني بوجود إجراءات للحد نسبياً من أزمة المواصلات، قائلاً «سيتم دعم شركة النقل الداخلي، حيث خصصت محافظة دمشق مبلغ 100 مليون لدعم شركة النقل من ميزانيتها، وتمت الاستفادة من قطع الغيار من الباصات المتضررة لإصلاح الباصات الأخرى»، مشيراً إلى أنه تم البحث مؤخراً عن شركات أخرى لديها 60 باصاً وتم تحديد 5 خطوط وإخراج 60 باصاً من شركة مللوك من المنطقة الحرة في طرطوس حصة دمشق منها 40 باصاً وترسيمهم وإدخالهم إلى المدينة.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد باصات النقل الداخلي الموجودة حالياً لا يتجاوز 400 باص في حين أن الحاجة الفعلية تتجاوز 1000 باص، فيما يبلغ عدد الميكروباصات 1100 ميكروباص فقط، من أصل 4 آلاف كانت موجودة واضطرت للتوقف نتيجة لأسباب عديدة.