الاحتكار والغلاء.. لم يعد يبتهج بالعيد سوى التجار أكثر من 3500 ل.س تكلفة كيلو معمول في المنزل
باتت مظاهر العيد في دمشق معتادة ومكررة كحالها منذ بداية الأزمة، إذ إنّ الأسعار المرتفعة تصدرت أحاديث الأسرة السورية، وصعوبة تحصيل كافة الاحتياجات تحت وقع الثالوث الذي غدا مشؤوماً على عموم السوريين: (قدوم عيد الأضحى وبداية العام الدراسي وفصل الشتاء)، بما يفرضه على كل عائلة من أثقالٍ إضافية لا قبل لها بتحملها.
التجار الكبار لم يوفروا فرصة لاستغلال الناس وحاجتهم، وانسحبت عقليتهم وأخلاقياتهم على صغار الباعة، سواء في المحال أو على البسطات، وحتى الجوالين منهم، فحتى باعة الخبز على جوانب الأفران يطالبون بالحصول على عيدية من كل شخص يشتري منهم، كذلك سائقو السرافيس، الذين رفعوا تعرفتهم تذرعاً بنقص الوقود مؤخراً، بدؤوا يعلنون عن أخذ عيدية خلال العيد من كل راكب، وإلى ما هنالك من سبل ووسائل تصب في زيادة ما يدفعه المواطن بسبب مناسبة العيد..
طول البال شرط للشراء
آراء المواطنين، في الاستطلاع الذي أجرته قاسيون، وإن تباينت حول كيفية استقبالهم للعيد، فقد أجمعت في النهاية، على فلتان الأسواق وغياب الرقابة بالكامل..
محمد، طالب في كلية الطب، اعتبر أنه من الممكن شراء ملابس بسعر مقبول نوعاً ما، بشرط طول البال، أي أن يكون المرء قادراً على الأخذ والرد والإقناع والمفاصلة مع الباعة، حتى يتمكن من تخفيض الثمن الذي يطلبونه مقابل الثياب، مشيراً إلى أنه يجب أن لا نستجيب مباشرة لما يطلبونه، حتى نتمكن من شراء القطعة.
وأضاف تمكنت بعد جهد ليس بقليل من شراء بنطال بسعر 3000 ليرة سورية، وقميص بقيمة 1500 ليرة سورية، لافتاً إلى أن البائع طلب ضعف هذه الأرقام في البداية.
الحلويات المنزلية لم تعد أوفر
أما سميرة ربة منزل في منطقة جرمانا، فقالت «لا أستطيع أن أقرر إن كانت صناعة الحلويات في المنزل أوفر من شرائها جاهزة من السوق، خاصة مع الأسعار المرتفعة كثيراً لمواد الحلويات».
وأضافت سميرة «إن تكلفة صناعة 2 كيلو من معمول الفستق في المنزل، ستتجاوز 7 آلاف ليرة سورية حتماً، رغم أن هذه الكمية لا تعتبر كافية، فضلاً عن أن اعتيادنا في سنوات سبقت الأزمة، على تقديم أربعة أو خمسة أنواع من الحلويات في العيد».
وفي جولة على السوق، تبين أن سعر كيلو الفستق الحلبي الحب يبلغ4500 ليرة، وكيلو الجوز الأوكراني 2750 ليرة، وكيلو العجوة 240 ليرة، وكيلو معمول الفستق الجاهز 2500 ليرة، وكيلو معمول الجوز 1800، وكيلو معمول العجوة 500- 800 ليرة، وكيلو الطحين لصناعة الحلويات 125 ليرة سورية.
بينما كانت محافظة دمشق أصدرت العام الماضي قراراً حددت بموجبه تسعير الحلويات المصنعة بالسمن النباتي أو الحيواني، إذ حدد على سبيل المثال سعر كغ المبرومة بالفستق الحلبي المصنوع بالسمن الحيواني بنسبة 25%+5% للمستهلك بـ1775 ليرة وبلورية بالفستق الحلبي بنسبة 20%+4% بسعر 1375 ليرة وسعر بقلاوة أو كول وشكور بالفستق الحلبي بنسبة 20+4% بـ1600 ليرة وآسية بالفستق الحلبي بنسبة 35+5% بـ2125 ليرة وأصابع أو أساور بالكاجو بنسبة 11+2% بـ850 ليرة وحدد سعر عش البلبل بالكاجو بنسبة 11% +2 بـ1600 ليرة ومعمول صغير بالفستق الحلبي بنسبة25%+5% بـ1650 ليرة ومعمول بالعجوة بـ750 ليرة.
وحددت سعر الحلويات المصنوعة بالسمن النباتي ليكون سعر كغ المبرومة بالفستق الحلبي المصنوع بنسبة 25%+5% للمستهلك 1550 ليرة وبلورية بالفستق الحلبي بنسبة 20% ليرة بـ1300 وحدد سعر بقلاوة أو كول وشكور بالفستق الحلبي بنسبة 20+4% بـ1350 ليرة وآسية بالفستق الحلبي بنسبة 35+5% بـ1200 ليرة وأصابع أو أساور بالكاجو بنسبة 11+2% بـ625 ليرة وعش البلبل بالفستق الحلبي بنسبة 11%+2 بـ750 ليرة ومعمول بالفستق الحلبي بنسبة 20%+4% بـ1200 ليرة ومعمول صغير بالفستق الحلبي بنسبة 25%+5% بـ1425 ليرة وغريبة وبرازق عادية بـ600 ليرة وغريبة بيضاء قرص صغير بـ425 ليرة.
السوق يسجل مخالفة وحيدة للأسعار
ومن جهته تساءل أبو معتصم رب أسرة 57 عاماً، عن دور المراقبين التموينيين المفترض بهم ضبط السوق، وحماية المواطن من استغلال وطمع التجار، قائلاً «لا نرى أي وجود للمراقبين، وحتى إن تواجدوا فهم غير فعالين، حيث يمكن لأي تاجر أن يدفع المعلوم كما يقال، ليغض المراقب البصر عنه وعن ممارساته».
وفي سياق متصل، باتت التعاميم الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لا تتعدى كونها تكراراً لما سبق، حيث لا جديد في مضامين هذه التعاميم، سوى التاريخ والمناسبة، أما من حيث الفعالية فهي معدومة بالكامل، وذلك بالاعتماد والنظر إلى وضع الأسواق في الأيام العادية عموماً، والأعياد خصوصاً..
ومع ذلك، لم تتردد الوزارة في إصدار تعميمها المعتاد، طالبة من مديرياتها في المحافظات تشديد الرقابة وتكثيف دورياتها على الأسواق بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك، إضافة لتشديد الرقابة على جميع الأسواق التجارية وخاصة أسواق المواد الغذائية والخضار وأسواق الهال والحلويات والألبسة والأحذية، والتدقيق في الإعلان عن الأسعار لكل مادة، وعدم السماح باستغلال هذه المناسبة لرفع أسعار المواد والسلع بشكل غير مبرر، فيما يبدو أنّه تعميم لرفع العتب ليس إلا.
واستجابة لهذا التعميم، بيّن مصدر في مديرية التجارة الداخلية بدمشق، أنه تم تكثيف الدوريات على أسواق الألبسة والأحذية والحلويات، وكافة المواد الغذائية، وتم توزيع 26 دورية آلية وراجلة على مدار الساعة في دمشق, فيما أعطيت التوجيهات لتشديد الرقابة والتأكد من الإعلان عن الأسعار وتداول الفواتير والتحقق من نسب الأرباح، وسحب عينات من المواد الغذائية وغير الغذائية المشتبه في مخالفتها للمواصفات.
وبالمقابل، تبدو نتائج ما تقوم به الدوريات أقل من التوقعات، فحتى مع تشديد الرقابة، ومع كل ما يمكن للمرء أن يراه ويلمسه ويعيشه من غلاء واستغلال في أسواق دمشق، لم يتجاوز حجم الضبوط التموينية في الأسبوع الذي يسبق العيد، المتعلقة بالإعلان بسعر زائد عن 2 ضبط فقط، وضبط واحد فقط للبيع بسعر زائد وآخر الإعلان بسعر زائد، رغم كون هذه الفترة التي يقوم فيها كل التجار بلا مبالغة برفع أسعارهم وصولاً لتحقيق أعلى المكاسب والأرباح !!.