عن «تنابل» الشعب السوري.. سقطة أمام صاحب الجلالة!!
-«لا يجوز للتنابل التطفل على مواردنا»... المذيع: من هم التنابل؟!
-السيد أيمن: من لا يتعلم ولا يعمل ولا ينتج!!
هكذا يجيب السيد أيمن قحف رئيس تحرير موقع سيريانديز وصحيفة «بورصات وأسواق» في برنامج أجندة حوار الذي عرض على قناة سما الفضائية بتاريخ 6/8/2014، في محاولة منه لحل مشاكل الاقتصاد السوري الحالية. لا أريد أن أقف عند الجانب الأخلاقي لهذه العبارة المهينة للشعب السوري ولاسيما أن السيد قحف استطرد لاحقاً حينما تساءل السيد عدنان دخاخني عن نسبة هؤلاء «التنابل» في المجتمع فقال: هم 60% من الشباب السوري، هكذا نُعت ملايين السوريين بـ«التنبلة» على مسمع مذيع وإدارة القناة الذين استمروا بالبث وكأن شيئاً لم يكن.
ما يزيد الطين بلة هو أن الكلمة مرت على مسمع الدكتور حيان سلمان نائب وزير الاقتصاد في حكومة الشعب السوري الذي تحدث في البرنامج بصفته الشخصية لا بصفته السياسية.
«سلمان» الذي انتفض بالرد على انتقادات القحف لأداء المسؤولين الحكوميين في اللجنة الاقتصادية، لم يبال بما قيل، كما أن المذيع لم تتح وقتاً كافياً للمتحدث الثالث باسم «المستهلك» السيد عدنان دخاخني نسبة لما أخذه باقي المتحدثين ما جعله يدافع عن «المستهلك» بقدر ما استطاع دون تحقيق الأثر المطلوب.
قحف والحلقي والتنابل
تستمد هذه العبارة التي نطق بها «القحف» مشروعية وجودها على هذه المنابر الإعلامية من عقلية ودور ووزن قوى رأس المال، والذي تعاظم خلال العقد الماضي بفعل السياسات الليبرالية، حيث شكل الانفتاح التجاري السابق على الغرب وقطر وتركيا منعشاً حقيقياً لدور قوى رأس المال غير المنتج تحديداً.
-يقول الدكتور وائل الحلقي رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة أمام نقابات العمال مؤخراً: «إن لدى الحكومة أكثر من مليون عامل لا يعملون»، ويقول في منبر آخر: «إن العامل السوري يعمل 22 دقيقة فقط يومياً». دون أن يتحدث عن الأسباب بعمق طبعاً!! فهل استوحى السيد «قحف» مقولة «التنابل» مما سمعه من رئيس الحكومة السابق/الحالي؟!
المولات على حساب الإنتاج!
ألم يسمع هؤلاء أن النماذج الرأسمالية التي يعتدّون بها تعطي أجوراً لعمالها لا تقل عن مستوى المعيشة، بينما تبلغ الفجوة بين مستوى المعيشة ووسطي الأجور في القطاع العام حوالي 70 ألف ليرة. ألم ير هؤلاء أن الحكومات الرأسمالية تدفع المعونات للعاطلين عن العمل وتزيد المعونات الغذائية في أوقات الأزمات؟!!
لاشك أن العقلية السائدة هي عقلية الرأسمالية الطرفية التابعة المستهلكة غير المنتجة، وهو السبب الرئيسي لانخفاض الإنتاجية إلى جانب انخفاض الأجور. فها نحن نشهد افتتاح أضخم المولات التجارية والمنشآت سياحية بقيمة 6 مليارات ليرة في ظل أكبر أزمة سياسية واقتصادية تعصف بالبلاد، بينما تتوقف معامل الكونسروة والمطاحن عن الإنتاج دون إذن من الحكومة ودون إعطاء مبررات جدية لهذا التوقف. (راجع تقرير اتحاد عمال حماة الصادر مؤخراً جريدة قاسيون العدد 667، ولقاء الحكومة الأخير مع الاتحاد العام لنقابات العمال، حيث كشفت الجهات النقابية عن جاهزية العديد من المعامل للإنتاج وجاهزية العديد من المطاحن وحاجتها الماسة للعمالة).
هجوم على كادحي الشعب!
تستنفر اليوم قوى رأس المال لقطف ثمار عملية إعادة الإعمار بأرخص التكاليف، حيث يهيئ رفع الدعم عن المحروقات حيتان السوق السوداء للدخول اللاحق على قطاع توزيع المحروقات، كما يهيئ قانون التشاركية الجديد خصخصة القطاع العام وبيعه بثمن بخس، كما يشكل جيش العاطلين عن العمل الناتج عن الأزمة من توقف الإنتاج، والتسريح التعسفي وعن سياسات ما قبل الأزمة دوراً هاماً في تخفيض تكاليف الإنتاج اللاحق، حيث كلما ازداد عرض العمالة انخفض «سعر قوة العمل» أي الأجر وبالتالي يصبح الاستثمار أكثر جدوى بالنسبة لهم.
تكمن مشكلة هذه العقلية في كونها خاضعة لنمطها في الإنتاج، فهي غير منتجة وتابعة للسوق الرأسمالية عبر اعتمادها على الاستيراد والتصدير، ولهذا نسمع من يتهم جزءاً واسعاً من الشعب السوري مصدر السلطات بأنه غير منتج و«تنبل» دون حسيب أو رقيب. وهي مطالبة باعتذار رسمي لصاحب الجلالة الشعب السوري الذي تكالبت عليه الدول الغربية والخليجية في الحصار والتي مازالت استثماراتها ترتع في اقتصادنا محققة أرباحاً يتم تصديرها للخارج تحت عين ورعاية الحكومة!!