(الكيل بمكيالين)
تكن السياسات الاقتصادية، والمسؤولون الاقتصاديون العداء لفلسفة الدعم الاقتصادي الحكومي، وهذا ليس وليد الأزمة الاقتصادية - السياسية التي تعيشها البلاد، وإنما منطق الطروحات السلبية الموجهة ضد كل شكل من أشكال الدعم الحكومي له أساسه ومنظروه منذ عقود خلت، والذي يفترض به أن يكون تدخلاً ايجابياً من جانب الدولة لمصلحة الأغلبية الساحقة من السوريين لا العكس..
المشكلة في توصيف هؤلاء المسؤوليين الاقتصاديين لهذا الدعم بالمشكلة، والتعامل معه على هذا الأساس، واعتبار إلغائه هو الحل، بينما المشكلة في عدم وصول الدعم لمستحقيه الفعليين، لا كما ينظر إليها هؤلاء، وإنما نتيجة انعدام الشفافية والفساد، لأن فكرة ايصال الدعم لمستحقيه، ما هي إلا مفتاح لإعادة النظر في الدعم من جذوره، وطروحات جل ما تسعى إليه هو إلغاء الدعم تحت شعار إيصاله إلى مستحقيه..
ليس هنالك من دولة في العالم لا تقدم الدعم،وبما يحقق أهدافاً سياسية اقتصادية واجتماعية، فالبقرة في أوروبا تحظى بدعم يومي قدره 2.5 دولار أما في اليابان فوضعها أحسن إذ تحظى بـ 7.5 دولار يومياً، والولايات المتحدة تدعم مزارعيها، وأوروبا يشكل مجموع الدعم الزراعي لديها30% من قيمة الإنتاج النهائي، بينما يتطاول أصحاب القرار الاقتصادي لدينا على لقمة عيش الفقراء، وعلى فتات الدعم المقدم على ليتر المازوت أو السكر والأرز وسواها..
فالدول الغربية ذات التوجهات الليبرالية تجبر الدول النامية - عبر صندوق النقد والبنك الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية - إلغاء الدعم الحكومي، بينما تحافظ هي على دعمها على كافة الأصعدة عندهم..