أسبوع واحد.. وانحيازان: أحدهما مع التجار والآخر ضدنا!
شهد هذا الأسبوع قراراً لمصرف سورية المركزي بإلزام التجار المصدرين بإعادة نصف القطع الأجنبي الذي يحصلون عليه من عمليات التصدير. حيث يلتزم المصدر بإعادة نسبة 50% من إيراداته بالقطع الأجنبي إلى أحد المصارف العاملة، بعد ثلاثة أشهر من عملية التصدير. وتتحدد قيمة ما سيدفعه وفق فاتورة لأسعار منتجاته المصدرة.
ولهذا الشأن فقد أصدرت وزارة التجارة الداخلية (نشرة أسعار المنتجات المحلية المراد تصديرها) بأسعار مخفضة جداً حتى عن أسعار التكلفة في بعض المنتجات (لتستأنس) بها الجمارك السورية عند استيفائها للرسوم الجمركية، ووفق ذلك تستعيد المصارف السورية نصف القطع الأجنبي المدون في فاتورة المصدر المخففة بأسعار وزارة التجارة الداخلية، وذلك لتخفيف العبء على التجار المصدرين.
وفق نشرات أسعار صادرات نشرت في الأسبوع الأول من عام 2013، كانت أسعار التصدير أقل من الأسعار المحلية بأكثر من أربعة أضعاف. فسعر كع زيت الزيتون في النشرة كان 150 ل.س مقابل 900 ل.س في السوق، وسعر كغ البرغل للتصدير كان 35 ل.س وفي السوق 100 ل.س، أما كغ رب البندورة فقد سعرته نشرة وزارة التجارة الداخلية بـ 50 ل.س/للكغ، بينما كان سعره في السوق السورية وللمستهلك السوري 500 ل.س.
وهكذا فإن القرار الحكومي باستعادة جزء من القطع، خُفف عن كاهل التجار بإعطاء الجمارك أداة لتخفيف قيمة الصادرات لحدود قصوى، ولربما كان الفساد وحده كفيلاً بتخفيف هذه القيم عن طريق تزوير البيانات، ولم تكن الحكومة مضطرة إلى نشرة تفضح الانحياز. فأسعار الصادرات في النشرة السابقة الرسمية دلت بالدليل القاطع على أحد أمرين، إما قبول الحكومة بمستوى أرباح للتجار بنسب تفوق 400% إن كانت أسعار الصادرات بسعر التكلفة محلياً!، أو الأسعار المخفضة في النشرة هدفها تخفيض أسعار الصادرات كي لا يدفع التجار المصدرون نصف القيمة الحقيقية لما جنوه من صادراتهم!
بكل الأحوال فإن الانحياز الحكومي نحو مصلحة التجار إذا لم تثبته (النشرة) فقد أثبتته التجربة الطويلة مع السياسات الحكومية، وهو ليس انحيازاً فقط للتجار وإنما لكل قوى السوق باستثناء المستهلك، حيث بدأت تفاعلات قرار رفع أسعار البنزين مع القرار الحكومي بمضاعفة أجار التكاسي بطريقة عشوائية تعتمد على شرائح ولصاقات، باعتبار أن العدادات تحتاج إلى ستة أشهر على الأقل!. ليترك أصحاب التكاسي والمستهلكين، في مواجهة الواقع الجديد الذي يفرضه قرار الحكومة الخاطئ والهادف إلى تحصيل إيرادات من جيوب هؤلاء وأولئك.
في أسبوع واحد من عمر الأزمة الوطنية نستطيع أن نوثق أكثر من سلوكين حكوميين معاكسين للمصلحة العامة بما فيها مصلحة إيرادات الدولة، وما تبقى من إيرادات مواطنيها، أما في ثلاثة أعوام فنستطيع أن نوثق أن السياسة الاقتصادية الليبرالية تستكمل دورها السابق، باعتبارها حجر الأساس في الاحتقان والفوضى والظلم.